قالت صحيفة “الجارديان” البريطانية، إن مساعي السعودية لتجميل صورتها باستضافة الأنشطة الرياضية لن تجدي نفعا، بسبب قمع المملكة للحريات.
وأضافت الصحيفة، في تقرير لها، الجمعة، أنه “لا ينبغي أن يدهشنا أن تغطي مباراة مصارعة على قضيتها”، في إشارة إلى استضافة مدينة جدة، الأحد الماضي، مباراة مصارعة في الوزن الثقيل بين “أنطوني جوشوا” و”أولكسندر أوسيك”، بعد يوم واحد من إدانة مكتب حقوق الإنسان في الأمم المتحدة الحكم بالسجن 43 عاما على “سلمى الشهاب”، طالبة الدكتوراه في جامعة ليدز، لمجرد أنها شاركت في نشر تغريدات عبر “تويتر”، فيما يعتبر أطول حكم بالسجن يصدر على امرأة نشيطة في مجال حقوق الإنسان داخل المملكة.
ولفتت الصحيفة، إلى أنه “لم تدم طويلا حالة الرعب والاستياء التي عمت العالم بعد جريمة قتل جمال خاشقجي داخل القنصلية السعودية في إسطنبول، وذلك على الرغم من أن وكالة المخابرات المركزية الأمريكية (السي آي إيه)، خلصت إلى أن الجريمة إنما نفذت بأوامر من محمد بن سلمان نفسه”.
وذكرت بتعهد الرئيس الأمريكي “جو بايدن” بتحويل المملكة إلى بلد منبوذ، منتقدة زيارته الشهر الماضي للسعودية، ما دفع جماعات حقوق الإنسان إلى التحذير آنذاك بأن اللقاء سوف يزيد من جرأة النظام.
وطبقا لما تقوله الرياض، فإن مبادرات مثل بطولة “ليف للجولف”، والتخطيط لاستضافة الألعاب الأولمبية، وغير ذلك من المجهودات الرياضية، إنما تثبت تحقيق تقدم بدلا من كونها مجرد عمليات الهدف منها الغسيل وتحسين السمعة.
لكن التغييرات التي أحدثها ولي العهد “محمد بن سلمان” مجرد إصلاحات تجميلية، مثل بناء مدينة جديدة براقة وإقامة المهرجانات الراقصة، بديلا عن احترام حقوق الإنسان الأساسية.
وعندما رفعت الحكومة الحظر الذي كان مفروضا على قيادة النساء للسيارات، بادرت مباشرة إلى اعتقال وسجن الناشطات اللواتي طالبن بذلك.
الرسالة واضحة، ومفادها أن “الحرية ليست سوى هبة يمنحها النظام متى يحلو له”.
ومن المعروف أن القمع والاضطهاد يمارس بحق النشطاء داخل البلد، بينما يطارد المعارضون في الخارج، لكن “سلمى الشهاب” لم تكن معارضة معروفة على نطاق واسع، ولم يكن صوتها مرتفعا، بل يبدو أن قضيتها إنما أريد منها صدم وتخويف الآخرين.
وتم اعتقال المواطنة السعودية، التي هي أم لولدين صغيرين، بينما كانت في زيارة لبعض الأقارب في العام الماضي.
وتحدثت حينذاك عن تعرضها خلف القضبان للأذى وسوء المعاملة، وكان قد حكم عليها في البداية بالسجن لـ3 سنين، لكن محكمة الاستئناف أصدرت هذا الشهر الحكم الجائر الجديد، الذي يتبعه حظر سفر مدته 43 عاما.
وتابعت “الجارديان”: “ينبغي على وزيرة الخارجية ليز تراس بكل تأكيد التدخل في قضية الطالبة التي تدرس في إحدى الجامعات البريطانية، وكانت جريمتها الوحيدة هي أنها عبرت عن آراء مشروعة وساهمت في نشرها”.
وزادت: “لكن، رغم تعهدها بإقامة شبكة للحرية، لم يكن بإمكان السيدة تراس إيراد مرة واحدة تحدت فيها أيا من الدول الخليجية في مجال حقوق الإنسان، وذلك عندما استجوبها عن ذلك أعضاء في البرلمان في شهر يونيو/حزيران الماضي”.
وطالبت “بايدن”، الذي يفترض أنه “تلقى تعهدات” بأن المملكة سوف تتخذ إجراءات لمنع انتهاكات حقوق الإنسان الصادمة في المستقبل، أن يطالب بإطلاق سراح “سلمى الشهاب”.
واستطردت: “كما يجدر بمؤسسة تويتر، التي لم تعلق على القضية بعد، أن تعيد التفكير في الأمر، فقد استهدفت المملكة مستخدمي منصات التواصل الاجتماعي في البلد، بينما يتحكم صندوق ثروتها السيادي بحصة غير مباشرة في المؤسسة”.
ونددت الصحيفة البريطانية، بامتلاك أحد كبار مساعدي ولي العهد، حسابا رسميا في “تويتر”، على الرغم من اتهام الحكومة الأمريكية له بأنه يقف وراء الاختراق غير القانوني لها، الأمر الذي نجم عنه التعرف على هويات عدد من المستخدمين ثم سجنهم.
وختمت بالقول: “ما من شك في أن الأموال الطائلة التي تستثمرها المملكة في السياحة وفي الرياضة، وفي غير ذلك من المبادرات، إنما يثبت رغبتها في شراء الرضا الدولي، وهو ما لسنا بحاجة لمنحه إياها”.