سلطت وكالة بلومبرج الضوء على رسم المملكة العربية السعودية لمسار يضع المصالح الاقتصادية والأمنية في المقام الأول، حتى لو كان ذلك على خلاف مع ما يريده الغرب، مشيرة إلى أن قرار يوم الأحد بخفض إنتاج النفط جاء في هذا السياق.
وذكرت الوكالة، في تقريرترجمه “الخليج الجديد”، أن قرار خفض الإنتاج جاء بتنسيق سعودي مع روسيا ومجموعة منتجي النفط في تكتل منظمة الدول المصدرة للبترول وحلفائها “أوبك+”، وكان مفاجئا للأسواق، وأثار قلق واشنطن، لأنه جعل سعر 100 دولار لبرميل النفط يلوح في الأفق مع اقتراب تباطؤ اقتصادي عالمي.
وفي داخل المملكة، يؤكد المعلقون السعوديون أن مسار الرياض كان صحيحا طوال الوقت، وذلك بعد تحرك مماثل في الخريف الماضي، رغم المناشدات الأمريكية لضخ مزيد من الخام في السوق.
ويقول المسؤولون السعوديون إن القرار أدى في النهاية إلى استقرار أسعار النفط، ما يثبت أنه لم يكن قرارًا سياسيًا، على عكس ما ادعت واشنطن، وهو نفس ما تجريه السعودية اليوم.
ولا يزال الأمر يمثل تحديًا للرئيس الأمريكي، جو بايدن، الذي نبذ في بداية ولايته ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، بسبب مقتل الكاتب السعودي، جمال خاشقجي، في عام 2018 على يد عملاء حكوميين سعوديين.
لكن بايدن عكس تلك السياسة، العام الماضي، في محاولة لتأمين تخفيف أسعار النفط، ولكن دون جدوى.
ومع انخفاض أسعار النفط إلى أدنى مستوى لها في 15 شهرًا، أواخر مارس/آذار الماضي، يعكس خفض الإنتاج الأخير أن ولي العهد السعودي عازم على تمويل خططه لإصلاح اقتصاد المملكة بمليارات الدولارات، ما دفعه دافع لتحركاته الأخيرة في السياسة الخارجية، خاصة التواصل مع إيران، خصم المملكة الإقليمي، لتخفيف حدة الصراع معها، وبرعاية الصين، منافسة الولايات المتحدة على النفوذ العالمي.
كما يتجه بن سلمان نحو احتضان الزعيم السوري المنبوذ، بشار الأسد، إلى جانب زعماء الدول العربية الأخرى، على الرغم من العقوبات الأمريكية والأوروبية بحقه.
ومع ذلك، لا يزال السعوديون، الذين يعتمدون على الولايات المتحدة في ضمان الأمن، وغير مستعدين لمتابعة خرق كامل للعلاقة مع واشنطن.
ولذا فإن المناورة النفطية الأخيرة للرياض تؤكد، بحسب بلومبرج، النفوذ الجيوسياسي المتنامي للسعودية كـ “قوة عظمى في الوقود الأحفوري”، تدرك قيادتها أنه يجب عليها اغتنام اللحظة، في إطار لعبة الشد والجذب مع واشنطن.