قال تقرير إخباري موسع إن الحكومة السعودية القمعية عمدت إلى تسليح ترسانتها القانونية بشكل كبير من خلال تبني قوانين مكافحة الجرائم الإلكترونية التي تطبق هذه القيود بشكلٍ فضفاض وغير محدد على الأنشطة عبر الإنترنت.

وأوضح التقرير الذي أعدّه موقع “أوبن غلوبال راتس” الحقوقي أن الحكومات في كل منطقة من العالم تُجرّم النشاط الحقوقي، حيث يفعلون ذلك من خلال مقاضاة منظمي الاحتجاج والصحفيين والمغردين وقادة منظمات المجتمع المدني بموجب قوانين تجرم إهانة الشخصيات العامة ونشر معلومات من شأنها الإضرار بـ “النظام العام” و”الأمن القومي” و”الأخبار الكاذبة”.

وأشارت إلى أنه في عصر تكون فيه الاتصالات عبر الإنترنت في كل مكان وفي المجتمعات التي تتعرض فيها الصحافة الحرة للشلل؛ فإن القوانين التي تجرّم تعزيز حقوق الإنسان على شبكات التواصل الاجتماعي وغيرها من المنصات عبر الإنترنت تقوض القدرة على الإعلان عن انتهاكات حقوق الإنسان ومناقشتها وتهدد أسس أي حركة لتلك الحقوق.

ففي مايو 2018، على سبيل المثال، نفذت الحكومة السعودية اعتقالات جماعية لنساء يدافعن عبر الإنترنت عن حق المرأة في القيادة، حيث تم اتهام هؤلاء النشطاء في مجال حقوق الإنسان بموجب قانون الجرائم الإلكترونية في المملكة بما في ذلك المادة السادسة التي تحظر بـ”المساس بالنظام العام والقيم الدينية والأخلاق العامة والخصوصية”، وتم اعتقالهم وتعذيبهم وحكم عليهم بالسجن لعدة سنوات لارتكابهم “جريمة” الدفاع عن حقوق المرأة.

وبحسب التقرير، تكمن مشكلة المدافعين عن حقوق الإنسان في منطقة الخليج والسعودية خصوصًا في أن الحكومات الاستبدادية استغلت الفرصة لمواءمة قوانين الجرائم الإلكترونية الخاصة بها مع المعايير الأوروبية والتي تُجرّم الاحتيال وتمويل الإرهاب.

وتتمتع الدول الأوروبية بإشراف قوي على حقوق الإنسان من قبل المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، والتي تضمن أن القيود المفروضة على حرية التعبير على الإنترنت تتوافق مع المعايير الدولية الصارمة، لكن لا توجد رقابة مماثلة لحقوق الإنسان في منطقة الخليج والسعودية والإمارات خصوصًا وهي بلا مراجعة قضائية دولية كافية، حيث يمكن للحكومات الخليجية استغلال العمليات الدولية لتعزيز قدرتها على خنق التعبير على الإنترنت.

ويقول الموقع الحقوقي: إن قانون الجرائم الإلكترونية الإقليمي النموذجي الذي صاغته أبوظبي واعتمدته جامعة الدول العربية في عام 2004، يتبع التوجيهات الدولية؛ ومع ذلك، فهو يتضمن أحكامًا تجرّم نشر المحتوى على الإنترنت، حيث راجع خبراء الأمم المتحدة القانون الذي صاغته الدولة الخليجية وأعطوه ختم الموافقة، مشيرين إلى أنه يمتثل للاتفاقية الأوروبية، متجاهلين حقيقة أن خبراء حقوق الإنسان الأمميّين قد وثقوا مرارًا وتكرارًا أن الحكومات تستخدم مثل هذه القيود لقمع المعارضة.

ووفقًا لتقرير الموقع حول استخدام تشريعات مكافحة الجرائم الإلكترونية في جميع أنحاء منطقة الخليج وجد أنه على مدار 18 شهرًا (مايو 2018 – أكتوبر 2020)، كان هناك 225 حادثة لانتهاكات حرية التعبير على الإنترنت ضد النشطاء والصحفيين.

ودعا التقرير المجتمع الدولي إلى زيادة الضغط على السعودية والإمارات للامتثال لالتزاماتها الدولية لحماية حرية التعبير خارج الإنترنت وعلى الإنترنت.

ولفت إلى أن الحكومات القمعية توسّع نطاق القانون الجنائي لخنق نشاط حقوق الإنسان على الإنترنت.

وأشار التقرير إلى أن الدرس المهم الذي يجب أن نتعلمه هنا هو أن الحكومات الخليجية القمعية تعزز ديناميكية مدمرة لتوسيع وتكثيف انتهاكات حقوق الإنسان؛ حيث تتعاون تلك الحكومات مع بعضها من أجل الاستراتيجيات والتكتيكات. ومما يثير القلق أيضًا أن ما نراه في منطقة الخليج يتم تمكينه من خلال الدعم غير المشروط أساسًا الذي تقدمه بعض الحكومات الغربية، وخاصة الولايات المتحدة والمملكة المتحدة. “فهذا النموذج السام للدعم الغربي للحكومات التي تضطهد شعوبها يشكل تهديدًا للسلام والازدهار في العالم ويجب معالجته”.

واختتم بالقول إن المدافعين عن حقوق الإنسان في السعودية والإمارات يدفعون ثمناً باهظاً، وقد ينتهي بهم الأمر إلى الاعتقال والتعذيب وحتى الموت.