تمثل محاولة السعودية الفوز بحق استضافة نهائيات كأس العالم لكرة القدم 2030 تحديا أمام الاتحاد الدولي لكرة القدم “الفيفا” وناشطي حقوق الإنسان نظرا لسجل المملكة في مجال حقوق الإنسان، بحسب جيمس دورسي كبير الباحثين في كلية “إس راجاراتنام” للدراسات الدولية التابعة لجامعة “نانيانج” التكنولوجية في سنغافورة.

واعتبر دورسي، في مقال نشره موقع “مودرن دبلوماسي” (Modern Diplomacy) الأمريكي، وترجمه “الخليج الجديد”، أن محاولة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان استضافة البطولة تظهر أنه مصمم على فعل كل ما يلزم ليصبح قوة مهيمنة في الرياضة الدولية.

وتابع: لدى المملكة سبب وجيه للاعتقاد بأنها تسير على الطريق الصحيح، فهي أحد أكبر منتجي النفط في العالم، وتحتاج إليها أوروبا التي قللت من اعتمادها على المنتج الروسي منذ بدء الحرب الروسية في أوكرانيا قبل عام.

 

تجربة قطر

وبالنسبة لاستضافة السعودية لمونديال 2030، وفق دورسي، فمن المحتمل أن تكون استضافة قطر لبطولة 2022 دراسة حالة مهمة، حيث حولت قطر إدارتها للبطولة إلى قصة نجاح.

وأوضح أن قطر حصدت فوائد السمعة المرتبطة بالبطولة، على الرغم من الانتقادات القوية والممتدة، وفي أحيان كثيرة المعادية للإسلام، لنظام العمالة الوافدة وسجل حقوق الإنسان.

واستدرك: لكن الغطرسة السعودية تعني أن المملكة، على عكس قطر، من غير المرجح أن تتفاعل مع منتقديها وتتبنى بعض الإصلاحات، وبينها تغييرات في قوانين العمل وموقف أكثر حرية تجاه مشجعي مجتمع “الميم” (الشواذ جنسيا) الذين يحضرون البطولة، بالإضافة إلى أن الحملة الصارمة على حرية التعبير في السعودية أشد بكثير من القيود القطرية.

ورأى دورسي أن بن سلمان يعتقد أن لديه تصريح مرور حر فيما يتعلق بسجل المملكة المضطرب في مجال حقوق الإنسان، والذي يتراوح من سجن المنتقدين إلى مضاعفة عدد الإعدامات منذ أن تولى العهد في 2017، فضلا عن مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي في 2018.

 

الرياضة والسياسة

في العالم الحقيقي، تتشابك الرياضة والسياسة، خاصة عندما يتعلق الأمر بمنح أو رفض عرض استضافة بطولة، ويكمن جوهر قرارات الاستضافة هذه في تحديد أن الدولة المضيفة المحتملة هي إما ممثلة لقيم المنظمة الرياضية الدولية أو لا، وهو قرار سياسي في جوهره، بحسب دورسي.

وقال المتحدث باسم السفارة السعودية في واشنطن فهد ناظر، إن “المملكة تستثمر مليارات الدولارات في الرياضة في المقام الأول لتحسين صورتها في عيون الآخرين، خاصة العالم الغربي”.

 

اختبار مهم

واعتبر دورسي أن عرض كأس العالم 2030 في السعودية سيكون اختبارا مهما لكل من المنظمات الرياضية الدولية وجمعيات حقوق الإنسان، بشأن ما يمكن تحقيقه.

وأردف: يعتبر البعض حقبة الإصلاح الأخيرة في المملكة سببا كافيا لتسهيل مكانة المملكة المتصاعدة في الساحة الرياضية العالمية.

واستدرك: على الرغم من التقدير الكبير الذي أحرزته المملكة في النهوض بحقوق المرأة، فإن هذا يتداعى عند رؤية النساء اللواتي دافعن عن هذه الحقوق خلف القضبان أو أُطلق سراحهن من السجن لفترات طويلة لكن مُنعن من السفر إلى الخارج.

 

مصر واليونان

واعتبر دورسي أن ما يزيد من تعقيد العرض السعودي (آسيا) أنه منظم كعرض ثلاثي القارات مع مصر الأفريقية واليونان الأوروبية للتحايل على ممارسات “الفيفا” بشأن تناوب البطولات بين المناطق (في ظل استضافة قطر الآسيوية للبطولة الأخيرة).

وتابع: لتأمين موافقة شركائها المقترحين، ورد أن المملكة وافقت على دفع تكاليف البنية التحتية المصرية واليونانية وغيرها من التكاليف مقابل الحق في استضافة معظم مباريات كأس العالم.

بالنسبة لمصر، بحسب دورسي، فإن الصفقة لا تحتاج إلى تفكير: تحصل مصر على مزايا السمعة والبنية التحتية على الرغم من أن البلاد على وشك انفجار اجتماعي محتمل وانهيار اقتصادي.

ومع ذلك، فإن الحرب الكلامية بين وسائل الإعلام السعودية والمصرية في أعقاب إعلان وزير المالية السعودي محمد الجدعان، في يناير/كانون الثاني الماضي بأن مساعدات التنمية التي تقدمها المملكة ستصبح مشروطة، لم تعد تبعث على الثقة في أن مثل هذه الصفقة ستصمد، وفق دورسي.

واعتبر أن الحسابات اليونانية مختلفة، لا سيما مع إدخال “الفيفا” لمكون حقوق الإنسان في عملية تقديم طلبات الاستضافة ما يتطلب العناية بسجل حقوق الإنسان وتقديم استراتيجية بشأن حقوق الإنسان خلال التحضير لاستضافة البطولة.

وأضاف أنه بالإضافة إلى تسليط الضوء على سياسة اليونان (عضو الاتحاد الأوروبي) الإشكالية تجاه المهاجرين، يتساءل العديد من اليونانيين عما إذا كانوا يريدون أن يُنظر إليهم على أنهم ينامون مع اثنين من أسوأ منتهكي حقوق الإنسان في العالم.