توقع مركز البيت الخليجي للدراسات والنشر تزايد الفجوة السياسية والاقتصادية بين الرياض وأبوظبي، مع ازدياد حدة التنافس بينهما.
وأوضحت ورقة بحث للمركز أن كلاً من السعودية والإمارات تتجهان ِنحو المزيد من فك الارتباط وسيسعيان خلال العام الجديد لصياغة سياساتهما ورعاية مصالحهما الخارجية وتعزيز قوتهما الاقتصادية.
فوفقًا لتحليل المركز، فخلال آخر 4 شهور لعبت الدبلوماسية الإماراتية دورًا استباقيًا مقارنة ببقية دول الخليج الأخرى، شمل ذلك تحسين العلاقات الثنائية مع تركيا وإيران وقطر ومحاولة عقد تسويات سياسية للعلاقات المعقدة وصولاً لتموضع إماراتي جديد خلال الفترة القادمة.
يُذكر أن العام الماضي شهد خلاف بين البلدين الخليجيين حول حصة إنتاج النفط داخل منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) والذي شكّل مفاجأة إلى حد ما للعالم الخارجي، حيث كان يُنظر إلى الإمارات والسعودية منذ فترة طويلة على أنهما حلفاء قريبين جدًا.
لكن في الواقع أصبحا بشكل متزايد حلفاء متنافسين؛ فالإمارات ترسم مسارها الخاص في المزيد والمزيد من القضايا.
كما وصل التنافس بينهما إلى واشنطن، حيث أثبتت الإمارات على الرغم من حجمها وثروتها الأصغر بكثير من السعودية، أنها رصيد سياسي وعسكري قيِّم للولايات المتحدة.
وعلى النقيض من ذلك؛ أصبحت المملكة في ظل الحكم الزئبقي لولي العهد الأمير محمد بن سلمان شريكًا مزعجًا لواضعي السياسات في الولايات المتحدة، حيث ما زال يتعافى من القتل الوحشي للصحفي السعودي البارز جمال خاشقجي عام 2018، وهو الفعل الذي خلصت إليه وكالة المخابرات المركزية الأمريكية (CIA) من محمد بن سلمان وجعله ضيفًا غير مرحب به في البيت الأبيض.
وتنعكس حقيقة أن الإمارات قد خطت خطوات هائلة نحو استبدال السعودية كشريك عسكري عربي مفضل لواشنطن في قرار كل من إدارتي ترامب وبايدن بجعل الإمارات أول دولة عربية تستقبل الطائرة المقاتلة الأمريكية الأكثر تطورًا مثل F- 35. في غضون ذلك، أوقفت إدارة بايدن بيع جميع الأسلحة الأمريكية الهجومية للسعودية بسبب جرائم الحرب المروعة ضد المدنيين في الحرب.
وتعود أصول التنافس الإماراتي السعودي إلى ما قبل 12 عامًا عندما قدمت الإمارات أول تحد كبير لها للقيادة الإقليمية لشقيقتها الكبرى في مجلس التعاون الخليجي، فبعد ثلاثة أسابيع من موافقة المجلس على خطط في عام 2009 لإنشاء بنك مركزي مشترك في الرياض، أعلنت الإمارات انسحابها بشكلٍ مفاجئ.
وقد ضغطت الإمارات العربية المتحدة من أجل أن يكون البنك موجودًا في أبوظبي، لكن السعوديين أصروا على أن الرياض تتمتع بأكبر اقتصاد في العالم العربي واعتراف المجتمع الدولي بثقلها المالي العالمي، وفي خضم الأزمة الاقتصادية العالمية لعام 2008، صوتت الاقتصادات الرائدة في العالم لإدراج المملكة في صفوفها كأول عضو عربي في مجموعة العشرين المرموقة.
فقد قضى اعتراض الإمارات على كل الآمال في إنشاء بنك وعملة خليجية مشتركة، وسهل على عُمان معارضة إعلان العاهل السعودي الراحل عبد الله بن عبد العزيز في أعقاب الانتفاضات العربية عام 2011 بأن “الوقت قد حان للانتقال من مرحلة التعاون إلى مرحلة اتحاد داخل كيان واحد”.
ومنذ توقف الجهود السعودية لتشكيل سوق مشتركة على النمط الأوروبي تباعدت الحكومتين بشكل متزايد في سياساتهما الخارجية حتى مع استمرار قادتهما في تصوير أنفسهما على أنهما أصدقاء رائعون، فحتى وقت قريب كان الحاكم الفعلي لدولة الإمارات محمد بن زايد يوصف على نطاق واسع في الصحافة العربية والغربية بأنه أقرب مستشار ومحاضر رئيسي لمحمد بن سلمان.
حيث قادا بشكل مشترك التحالف الذي غزا اليمن في مارس 2015، لكن الحرب أثبتت في النهاية تفكك تحالفهم، حيث سحبت الإمارات أولاً قواتها العسكرية تاركة السعودية بمفردها لمواجهة الصراع الخاسر مع الحوثيين.