خاص: جاء إعلان وزارة الدفاع السعودية عن إعدام 3 من الجنود التابعين لها بتهمة “الخيانة العظمى” لتعاونهم مع العدو بما يهدد المملكة ومصالحها العسكرية على الجبهة اليمنية، ليلقي مزيدا من علامات الاستفهام حول أوضاع القوات السعودية على جبهات القتال في اليمن، أو كما تسميها وزارة الدفاع السعودية “الحد الجنوبي”.

فبحسب وكالة الأنباء الرسمية السعودية “واس” فإن وزارة الدفاع أشارت في بيان إعدام الجنود الثلاثة، إلى أن “جريمة الخيانة دخيلة على منسوبي الوزارة”، مضيفة: “نجدد الثقة في رجال القوات المسلحة الأوفياء”، موضحة أسماء الثلاثة جنود وهم: محمد بن أحمد بن يحيى عكام، وشاهر بن عيسى بن قاسم حقوي، وحمود بن إبراهيم بن علي حازمي، دون أن تتعدى ذلك لذكر وتحديد طبيعة الاتهامات الموجهة لهم، ولا شكل المحكمة وضوابطها التي أصدرت الحكم بإعدامهم.

جنود الحد الجنوبي.. أوضاع مزرية:

تصاعدت أصوات من داخل القوات المرابطة بالحد الجنوبي لتكشف عن الأوضاع المزرية التي يعيشونها وسط تخاذل الحكومة السعودية ووزارة الدفاع في تلبية مطالبهم، أو تعويضهم عن التضحيات التي يقدمونها دفاعًا عن أرض المملكة.

ففي أكتوبر 2018، نشر المحامي والناشط السعودي المعارض بالخارج، عبد الله الغامدي، شهادات مرسلة له من قبل جنود سعوديين بالحد الجنوبي، يروون عن معاناتهم، والإهمال الذي طالهم.

وعبر حسابه بـ”تويتر”، قال “الغامدي” معلقًا على الرسائل التي وصلت له: “رسالة من جنود القوات المسلحة بالحد الجنوبي، يصفون فيها معاناتهم، وأن الوضع لم يعد يطاق أبدًا في عهد ابن سلمان ، وأنهم ينتظرون شرارة سقوطه”.

وجاء في تلك الرسائل، قول أحد الجنود: “ممنوع إجازات، ممنوع رخص، والوضع والله ما في أي تدريب لحد الآن”.

ويكمل الجندي قائلاً: “الوضع أصبح لا يطاق يعني تحارب غصب، يعني مجرد إذلال، يا خي عاملني زي الفرد السوداني أو الأردني، اللي يسلم 15 ألف ريال، توا احنا أقل ناس تستلم راتب في الحرب، السعودي يستلم 6 آلاف ريال، ومن اليمني ألفين ريال”.

وأكد الجندي في رسالته أن الجنود أصبحوا يتابعون ما تنشره المعارضة السعودية، وأنهم ينتظرون شرارة لإسقاط “ابن سلمان” والوقوف ضده.

واختتم رسالته بقوله: “ما في أحد مستفيد من الحرب إلا الضباط والمزايا التي يأخذونها”.

لا خطط عسكرية وهزيمة نفسية:

كذلك رصد حساب “مجتهد”؛ المشهور عبر “تويتر”، أهم ما يعانيه الجنود السعوديون على جبهة الحد الجنوبي، من خلال رسائل وصلت إليه من ضباط وجنود، وضحوا فيه مهازل وفضائح تعامل النظام السعودي معهم ومع الحرب في اليمن عمومًا.

ففي سلسلة من التغريدات، أوضح “مجتهد” أن الجنود والضباط بالحد الجنوبي يعيشون وضعًا محبطًا يصل لحد الانهيار النفسي، الناتج عن “سوء معاملتهم من قبل القادة وغياب أو ضعف الدعم اللوجستي وتعريض عوائلهم لمشاكل السكن وإيقاف الخدمات”.

وتابع “مجتهد” قوله: “.. في الميدان يدفع بالمقاتلين للجبهة دون خطة ولا خبرة ولا يبالي القادة بالإصابات، والبركسات الخلفية بدون كهرباء ولا دورات مياه، كما لا توجد وسائل نقل بين خطوط الجبهة والإمداد، ومن المضحك المبكي أنهم يتوسلون بشكل فردي للقوات البرية في الجيش لمساعدتهم في الوصول للجبهة”.

وأكد “مجتهد” أن “القادة يرفضون السماح لهم بالإجازات رغم حقهم فيها طبقا للنظام، وبعض الأحيان يتحايل القادة بإعطائهم إجازة ثم ينسقون مع نقط تفتيش السليل بإعادتهم بحجج واهية، مع أن معظم القادة يرفضون الحضور للجبهة وهم أول الهاربين عند حصول هجوم حوثي”.

وحول تكريم المصابين وعوائل الشهداء، قال “مجتهد”: “مزاعم تكريم الأبطال سواء عوائل الشهداء أو تعويض الجرحى كاذبة، وحينما تراجع اللجنة المكلفة بذلك يكون الرد أنه لا يوجد نظام لتطبيق قرار التعويض، هذا إضافة لكذب مزاعم إلغاء إيقاف الخدمات حيث لا تزال خدماتهم موقوفة وعوائلهم تطرد من السكن بسبب العجز عن دفع الإيجار”.

وأضاف “مجتهد” أن الجنود “يشتكون كذلك من إنهم معزولون عن العالم وتفرض رقابة صارمة على اتصالاتهم، ومع ذلك هم مستعدون لتحمل هذا العزل لو كان لمصلحة عسكرية لكن لا يطبق شيء من هذا على القادة والضباط الذين هم أولى بذلك لأن المعلومات التي لديهم أكثر تفصيلا من معلومات الأفراد”.

ونشر “مجتهد” وثيقة مسربة توضح كيف قام النظام السعودي بإعادة المفصولين بسبب المخدرات للتعويض عن الشهداء والمصابين.

وتقود السعودية والإمارات تحالفًا عربيًا باليمن لمحاربة الحوثيون، وأدت تلك الحرب إلى سقوط آلاف القتلى، وأدت لحدوث مجاعات باليمن وانتشار للأوبئة.

جندي يبيع كليته:

أما عن الأوضاع الاقتصادية للجنود بالحد الجنوبي، فحدث ولا حرج، فقد نشر حساب “حقوق الضعاف”؛ المهتم بالشئون الاقتصادية والاجتماعية بالسعودية على “تويتر”، تغريدة تضمنت رسالة من أحد الجنود السعوديون بالحد الجنوبي (المنطقة الحدودية بين اليمن والسعودية)، يعرض فيها بيع كليته لتسديد ديونه.

وأرفق الحساب صورة من رسالة الجندي قال فيها: “أنا أرغب في تبرع بكليتي بمقابل مالي من أجل سد ديوني من له رغبة أنا جندي بالحد الجنوبي نحمي الوطن ومقدساته وقيادتنا لي يبي يتواصل معي خاص”.

وعلق الحساب على تلك الرسالة بقوله: “أحد المرابطين في الحد الجنوبي يعرض كليته للتبرع مقابل تسديد ديونه.. لا حول ولا قوة إلا بالله”.

يرى مراقبون أنه لكي يسيطر “ابن سلمان” السيطرة على الجنود بالحد الجنوبي، وينهي حالة التذمر والسخط التي تسود بينهم بسبب ذلك التجاهل لهم، عمد إلى تنفيذ أحكام الإعدام تلك أمام رميًا بالرصاص أمام جمع غفير من القادة والجنود؛ لتحقيق الرعب في نفوسهم.

كذلك كان يهدف “ابن سلمان” لإنهاء أي بوادر لانقلاب داخل صفوف الجنود عليه، خصوصًا بعد انتشار أنباء حول أن سبب إعدام الثلاثة جنود هو مساعدتهم قيادات وأمراء من آل سعود لمحاولة الانقلاب على “ابن سلمان”.

ولكن هل ستنجح محاولات “ابن سلمان” تلك في إنهاء حالة القلق والتوتر والعصيان بين صفوف الجنود بالحد الجنوبي، أم أن مشهد إعدام زملائهم أمامهم سوف يكون عاملاً يزيد من حالة الاحتقان بينهم؟!