تقرير خاص: أتى “اتفاق الرياض” الذي تم بين الحكومة اليمنية والمجلس الانتقالي الجنوبي، كطوق نجاة للبعض وخسارة فادحة للآخرين، وبين مكسب وخسارة تعددت نتائج الاتفاق للسعودية، ولكن كثيرًا من المراقبين رأوا أن الاتفاق لا يصب في مصلحة المملكة باعتباره أضفى شرعية دولية على المجلس الانتقالي الجنوبي، والذي يعتبر ضد أهداف السعودية باليمن.
ورأت تحليلات أن الاتفاق لا يمثِّل إنجازاً سياسيّاً أو دبلوماسيّاً للسعودية، كما لا يُعَدّ نجاحاً للسلطة الشرعية التي كادت تستعيد كل الأراضي بما فيها العاصمة السياسية المؤقتة عدن في 29 أغسطس، من أيدي الانفصاليين الجنوبيين لولا الإسناد الجوي الإماراتي والغطاء السعودي اللذان جعلا التحالف والجيش الوطني وجهاً لوجه على مشارف عدن”.
وبالنسبة للسعودية فقد مكن الاتفاق الجهات التي ترعاها الإمارات في اليمن، بينما الجهة التي ترعاها المملكة “الحكومة الشرعية” قد تقلص دورها، وقد يُنقلب عليها مرة أخرى في أقرب وقت بسبب ضعفها وعدم وجود أرضية راسخة لها في الواقع.
فالمجلس الانتقالي المدعوم والممول إماراتياً، صار القوة الضاربة لأبو ظبي في جنوب اليمن، وكياناً موازياً لمؤسسات الحكومة الشرعية العسكرية، ومع الدعم الإماراتي الكبير له، صار الكيان الأقوى على الأرض في مدن الساحل الجنوبي، وقد استفاد من الوضع الضعيف لحكومة هادي، التي بدت عاجزة عن إدارة الشؤون الداخلية للبلاد.
وكذلك رأى محللون أن هذا الاتفاق سوف يعزز من قوة الحوثيين، وذلك ناتج عن الضعف بالحكومة الشرعية، وأكد على ذلك المحلل السياسي اليمني “شاهر شعلان” الذي قال إن المستفيد الوحيد من اتفاق الرياض والخلافات بين أطراف الشرعية، هي جماعة الحوثيين المسلحة.
وأضاف “شعلان” أن “السعودية والإمارات لم تحققا أهداف استدعاء الشرعية اليمنية لهما من أجل قتال الحوثيين، بل عملتا على تهيئة أرضية مناسبة لمليشياتهما في جنوب اليمن، وترك الشمال في يد الحوثيين”.
وأشار كذلك إلى أن هذا الاتفاق “لن ينهي المشكلة في جنوب اليمن، بل تم ترحيل المشكلات مؤقتاً وستتصاعد مجدداً، وهو ما يفتح الصراعات والقتال مرة أخرى، وسيساهم في زيادة إضعاف الحكومة التي ستجد نفسها محشورة بين انتقالي الإمارات، وحوثي إيران”.
وتابع: “اتفاق الرياض أكذوبة علينا، وتحول التحالف إلى سبب رئيسي في مشاكلنا، بدلاً من أن يكون حلاً لإنهاء انقلاب الحوثيين”.
وفي منتصف أغسطس الماضي، سيطرت قوات “الحزام الأمني” التابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم من الإمارات على معظم مفاصل الدولة في عدن، بعد معارك ضارية دامت 4 أيام ضدّ القوات الحكومية، مما أسفر عن سقوط أكثر من 40 قتيلاً بينهم مدنيون و260 جريحاً، حسب منظمات حقوقية محلية ودولية. و عقب تلك الأحداث دعت السعودية الأطراف اليمنية إلى حوار بمدينة جدة، قبل أن تُستأنف المفاوضات في الرياض متمخِّضة عن اتفاقٍ يؤمل أن ينهي فصلاً من فصول المأساة اليمنية المتواصلة لأعوام.