خاص: تسببت سياسات ولي العهد اتجاه قضايا الأمة الإسلامية خاصة، وسياساته العامة في ازدياد نبرة الداعين لتدويل شعيرة الحج، وذلك لاستخدام النظام السعودي في ولاية عهد “ابن سلمان” لتلك الشعيرة كورقة ضغط اتجاه دول أو طوائف أو جماعات معينة من العالم الإسلامي.

كذلك برزت دعوة “تدويل الحج” عقب اتهام عدة دول عربية وإسلامية المملكة بتعقيد إجراءات الحجاج ومطالبتها بعدم تسييس فريضة الحج، إضافة إلى تعالي أصوات بمقاطعة الذهاب لأداء الحج.

كما اشتد غضب السعوديين والعرب والمسلمين، من جراء الانفتاح السعودي الكبير الذي شهد رفع الحظر عن دُور السينما، وصارت المقاهي تعج بالموسيقى بعد أن كانت تعتبر من الممنوعات، كما فتحت الرياض أبوابها لكثير من شركات صناعة الترفيه العالمية، واستقدام مغنين وفنانين، كان أبرزهم مغنية الراب الأمريكية “الإباحية” نيكي ميناج، التي شاركت في مهرجان موسيقي بالسعودية بالتزامن مع موسم الحج.

 

– التلويح بورقة الحج لتحقيق مصالح:

كشفت صحيفة “الغارديان” البريطانية عن قيام السعودية باستخدام “الحوافز والتهديدات” كجزء من حملة ضغط لإغلاق تحقيق أممي في انتهاكات حقوق الإنسان التي ارتكبتها جميع أطراف النزاع اليمني، وفقًا لمصادر مطلعة على الأمر.

وأشارت الصحيفة إلى أن من ضمن تلك الضغوط، ضغوط سعودية مورست على إندونيسيا أثناء عرض التقرير على الجمعية العامة للأمم المتحدة، لمنعها من التصويت لصالح التحقيق الأممي الذي يدين المملكة.

وأوضحت الصحيفة أن السعودية حذرت إندونيسيا – أكبر دولة إسلامية من حيث عدد السكان في العالم – من أنها ستخلق عقبات أمام سفر الإندونيسيين إلى الحج إذا لم يصوت المسؤولون ضد التحقيق.

وفي حالة أخرى، أعلنت دولة توغو الأفريقية وقت التصويت أنها ستفتح سفارة جديدة في الرياض، وتتلقى دعمًا ماليًا من المملكة لدعم أنشطة مكافحة الإرهاب.

وفي حديثهم إلى صحيفة الغارديان، وصف مسؤولون سياسيون ومصادر دبلوماسية وناشطة لديها معرفة داخلية بدفعة الضغط حملة خفية يبدو أن السعوديين قد أثروا فيها على المسؤولين من أجل ضمان هزيمة الإجراء.

يذكر أن الجهود السعودية نجحت في نهاية المطاف عندما صوت مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في أكتوبر ضد تمديد التحقيق المستقل في جرائم الحرب. وكان التصويت بمثابة الهزيمة الأولى لقرار في جنيف منذ 15 عاما.

وامتنعت كل من إندونيسيا وتوغو عن التصويت على قرار اليمن في عام 2020. هذا العام، فيما صوت كلاهما ضد هذا الإجراء.

– الحج والخصومة السياسية:

تستغل الدولة السعودية ورقة الحج كل عام مع الجانب الإيراني، ويختلف كل عام الاتفاق مع إيران بحسب الواقع السياسي بين الدولتين. كذلك الحال مع الكثير من المعارضين لسياسة “ابن سلمان” الانفتاحية سواء في العالم العربي أو الإسلامي، فهم ممنوعون من ممارسة أداء فريضة الحج، كما الحال مع معارضين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي من أعضاء جماعة “الإخوان المسلمين” والذين هربوا من مصر لبلدان أخرى، معرضون لخطر اعتقالهم فور وصولهم للمملكة لأداء الحج وترحيلهم قسرًا لمصر ليواجهوا مصيرًا غامضًا.

كما عمدت السعودية إلى تعقيد إجراءات الحجاج القطريين، إضافة إلى ما تعرض له حجاج في إيران وليبيا واليمن وبعض الدول العربية والإسلامية من المنع.

وخلال السنوات الماضية، منعت السعودية بعض الأشخاص من أداء الفريضة نتيجة آرائهم السياسية أو الفكرية والمذهبية التي تتعارض معها، على غرار الداعية الكويتي طارق سويدان بسبب آرائه السياسية في رفضه للانقلاب على الرئيس المصري الراحل محمد مرسي.

كذلك الحج هذا العام، وهو المطلوب من جميع المسلمين المتدينين، لم يعد آمنًا لطائفة “الإيغور” الصينية، حيث أصبحت رحلة المؤمنين المسلمين إلى مدينتي مكة والمدينة السعودية شركًا للقبض على الإيغور من جميع أنحاء العالم، وفقًا لما ذكره موقع “تايم”.

وأوضح الموقع أن السلطات السعودية اعتقلت “عثمان أحمد توهتي”، وهو من الإيغور لديه إقامة قانونية في تركيا والسعودية، في 2018، أثناء أداء مناسك الحج وأعادته قسرًا إلى الصين، ولم يسمع عنه منذ ذلك الحين.

كما أشار الموقع إلى استخدام أجهزة المخابرات الصينية الحج لإغراء الإيغور في الولايات القضائية الأوروبية الآمنة لاعتقالهم من خلال التعاون الأمني مع المملكة، حيث قال الإيغوري “عمر روزي”، المقيم في النرويج إن والدته اقتادتها الشرطة الصينية بالقوة وأجبرت على الاتصال به ثلاث مرات في اليوم، وحثته على الانضمام إليها في رحلتها للحج وهو ما فطن إليه قبل سفره.

 

– قضية “خاشقجي” وتخوفات تركيا:

وسبق أن وقعت السعودية في مأزق كبير نتيجة استغلالها المقدسات الإسلامية لتصفية حساباتها السياسية مع خصومها، حيث عادت قضية تدويل الحج وإمكانية نزع لقب “خادم الحرمين الشريفين” عن الملك سلمان بن عبد العزيز إلى الواجهة من جديد، على خلفية مقتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي، بحسب ما ذكره تقرير نشره موقع “الخليج أونلاين”.

وأعرب حزب العدالة والتنمية التركي عن قلقه من عدم شعور المسلمين بالطمأنينة خلال أداء مواسم الحج والعمرة، من جراء ما حدث لجمال خاشقجي، الذي قتل في قنصلية بلاده في إسطنبول في الثاني من أكتوبر المنقضي، وسط غموض شديد، إذ ما تزال جثته مخفية إلى الآن.

وإلى جانب ذلك، أدت الحوادث المتكررة في الحج أيضاً إلى المطالبة بتدويل الحج، منها مثلاً الحادثة التي وقعت عام 2015، والتي أودت بحياة 717 شخصاً وإصابة ما يقرب من 870 حاجاً، إثر تدافع الحجاج بمشعر منى.

 

ومع تردي الأوضاع داخل المملكة نتيجة للنهج السياسي الذي يتبعه ولي العهد “ابن سلمان” اتجاه الدول الإسلامية وقضايا الأمة، وكذلك إعلان المملكة مؤخرًا على لسان خارجيتها أنها غير قادرة على حماية منشأتها النفطية، زادت الدعوة إلى تدويل الحج لعدم قدرة المملكة على حماية المقدسات الإسلامية الموجودة على أراضيها.

ومن الأطروحات التي كانت مع تدويل الحج كذلك، أن يبقى تنسيق الحج بيد السعودية بشرط أن تتعهد بإصلاح الجانب الحقوقي والأمني والسياسي لديها بما يتناسب مع الاتفاقات الدولية، وأن تبتعد عن تسييس الحج، أو أن يدير الحج لجنة مستقلة، أو دول إسلامية بالتناوب.