خاص: لا تزال اليمن مسرحًا لصراعات وخيانات بين حلفاء الأمس في التحالف العربي المزعوم لاستعادة الشرعية التي ضاعت هيبتها في اليمن بأيدي من تحالفوا من أجل استعادتها!

ففي كل يوم تثبت الأطراق المشاركة في التحالف العربي المزعوم أن مصالحهم هي الأبقى والأهم في الصراع اليمني، وليس مصلحة الشعب اليمني ومستقبله الذي يتشدقون ويتغنون بها في كلماتهم وادعاءاتهم حول دعم الشرعية في اليمن.

فمنذ بدء الصراع في اليمن كان يبدو أن الإمارات تسعى نحو مصالحها فقط دون النظر إلى عواقب ذلك على مستقبل اليمنيين، فبدءًا من السعي على المناطق الحيوية والاستراتيجية والجزر المهمة في اليمن، مرورًا بدعم ميليشيات دون أخرى من أجل دعم المصالح الإماراتية في اليمن، انتهاءً بما حدث مؤخرًا في تقويض الحكومة الشرعية بعدن، واقتحام الجماهير قصر “المعاشيق” بدعم من الميلشيات الإماراتية.

وفي مقابل ذلك، شهدت الساحة اليمنية تقوقعًا سعوديًا وصمتًا على كثير من التجاوزات الإماراتية في اليمن، لعدة أسباب أهمها انشغال صناع القرار بالمملكة بالمشاكل الداخلية ومحاولة حل الأزمات التي يفتعلها ولي العهد دوليًا ومحليًا، كذلك لرغبة السعودية في عدم الانغماس أكثر من ذلك في المستنقع اليمني.

 

اقتحام “المعاشيق”.. خيانة إماراتية جديدة:

جاء كشف مصادر يمينة عن حقيقة ما حدث في واقعة اقتحام حشود غاضبة لقصر “المعاشيق”، مقر الحكومة الشرعية باليمن في عدن، ليكشف المزيد من أوجه الصراع المكتوم بين الإمارات والسعودية.

ففور تأكد أنباء استعانة السعودية بالخبرة التركية العسكرية في مجال الطائرات المسيرة لوقف الهجمات الحوثية على منشآت داخل المملكة، قامت الإمارات بتحريك الميليشيات الموالية لها على الأرض لسحب البساط من الحكومة الشرعية التي تراعها الرياض.

فوفقًا لحساب “اليمن – حصري” على “تويتر”، الذي ذكر تفاصيل ما حدث في واقعة اقتحام قصر “المعاشيق”، مقر الحكومة الشرعية اليمنية بعدن، والذي وصفه مراقبون بانقلاب الإمارات ضد السعودية في اليمن، فإن المعلومات المسربة التي حصل عليها الحساب من أحد أعضاء الحكومة اليمنية، تقول: “البداية كانت قبل أسبوعين من الاقتحام؛ عندما اشتكى بعض وزراء الحكومة تجاوزات الحزام الأمني المكلف بحماية الحكومة، وقصر المعاشيق، وإهانتهم لهم عند بوابة القصر”.

وأشار “اليمن – حصري” إلى أن الوزراء طالبوا بضرورة إعادة الحراسة الرئاسية لتأمين الحكومة والمرافق الحكومية في عدن، مع اعتراض وزراء المجلس الانتقالي على ذلك الطلب.

وأكد الحساب تلقي معين عبد الملك، اتصالاً من جهة لم يسمهاـ تحذره من الضغط لإعادة الحرس الرئاسي، ورغم ذلك اتفق الوزراء على إبلاغ الرئيس “هادي” بتلك التهديدات، وعدم استطاعة الحكومة التحرك بأريحية في عدن.

وأضاف الحساب أن “عبد الملك” قام بإخبار “هادي” والسفير السعودي “آل جابر”، بتلك التهديدات وتخوفاتهم، ووعد “آل جابر” بإخبار “ابن سلمان” للضغط على المجلس الانتقالي لوقف تلك التهديدات، ولكن الرد تأخر.

ولفت “اليمن – حصري” إلى أن المجلس الانتقالي بدأ في التعبئة ضد الحكومة، مع اندلاع مظاهرات تابعة له في حضرموت للمطالبة بتحسين الأوضاع الاقتصادية، ثم في اليوم التالي تم اقتحام قصر المعاشيق، مع تسهيل دخول المتظاهرين إلى منطقة المعاشيق.

وأكد الحساب أن القوات السعودية رفضت التدخل لمنع اقتحام القصر، واكتفت بحماية الوزراء، وجرت اتصالات بين وزراء والسفير “آل جابر”، انتهت بعرض الأخير نقل الحكومة إلى محافظة شبوة، وسط اعتراضات من بعض الوزراء على رأسهم “معين عبد الملك”، وطالب السعودية بموقف واضح مما يحدث.

وشدد “اليمن – حصري” في ختام تغريداته على أن “تحركات الانتقالي في الجنوب جاءت مع تحركات الإمارات في اليمن ضد السعودية بعد اتفاق السعودية مع تركيا في حرب اليمن”.

 

– تخلٍّ وسكوت سعودي مريب:

مقابل ذلك، لم تجد الحكومة الشرعية أي دعم من السعودية في حل مشكلة “المعاشيق” سوي بنقل الحكومة إلى شبوة، كما أن المصادر اليمنية ذاتها تحدثت عن تخلي السعودية عن القوات الداعمة للشرعية المرابطة في غربي وجنوبي تعز، والتي أحرزت العديد من الإنجازات والانتصارات على حساب الحوثيين في المنطقة، قبل تخلي المملكة عنها.

ووفقًا لحساب “اليمن – حصري”، فالقوات بمحور تعز والجيش الوطني وجها نداءً لوزير الدفاع اليمني بتوفير غطاء جوي لمساعدتهم في التقدم غربي وجنوبي تعز، ولكن السعودية أبلغت وزير الدفاع أن التحركات العسكرية في تعز ليست ضمن خططه، وعليه لن يكون هناك أي دعم جوي!

وأضاف الحساب أن الأمر وصل بالمملكة إلى عدم تزويد محور تعز بأي من الأسلحة التي توفرها للجيش في مأرب، وذلك بناءً على رفض الإمارات التي ترابط قواتها (قوات طارق عفاش، والعمالقة، ومليشيا أبو العباس) غربي تعز.

ونقل “اليمن – حصري” معلومات استخباراتية عسكرية تفيد أن الحوثيين بدأوا بنقل معدات عسكرية وصواريخ من “الحديدة” إلى جبهات القتال غربي “تعز”، وأن القوات الموالية للإمارات لم تعترضها، مشيرًا إلى أن محور “تعز” أبلغ الحكومة اليمنية خشيته خسارة المكاسب العسكرية، والمواقع التي حققها طيلة الأسابيع الماضية.

وكشف الحساب عن توقيع اتفاق هدنة بين “الحوثي”، والقوات المشتركة (قوات العمالقة، وقوات طارق صالح المدعومة إماراتيًا) غربي تعز، في 6 فبراير الماضي.

وأضاف الحساب أن الاتفاق نص على وقف كامل للأعمال القتالية بين الجانبين، والتواصل بين الضباط للتهدئة في حال نشوب أي خلاف، وعدم التعرض لتحركات الجانبين!

واعتبر مراقبون للشأن الخليجي أن ما يحدث على أرض الواقع في اليمن، هو إعادة ترتيب للمشهد العملياتي تمهيدًا لبدء مفاوضات سياسية، فقد تمت كل تلك التطورات بالتزامن مع إعلان الرئيس الأمريكي، جو بايدن، أن السعودية والحوثيين مستعدان الآن للجلوس معًا للتوصل لاتفاق سلام دائم في اليمن.

وأشار المراقبون إلى أن هذا التصريح يفسر سرعة الخطوات الإماراتية على الأرض لإعادة ترتيب المشهد، للحصول على أكبر قد من المصالح في اليمن في أي اتفاق سياسي قادم، فالإمارات تريد للميليشيات التابعة لها الحصول على أكبر نصيب من المكاسب في ذلك الاتفاق، لهذا سعت لبسط سيطرة تلك الميليشيات على كامل عدن، وطرد الحكومة الشرعية إلى شبوة.

وأضاف المراقبون إلى أن التخلي السعودي عن محور تعز، ربما يكون ترتيبًا للأوضاع مع الحوثيين قبل بدء التفاوض، لافتين إلى أن ذلك يعكس عدم رغبة السعودية سوى في الخروج من المستنقع اليمني بأي ثمن حتى ولو على حساب الشرعية، فليس من المهم ترك تعز للحوثيين مقابل اتفاق سلام يخرجها من اليمن، ولتذهب الشرعية واليمن كلها إلى حيثما تريد أمريكا والحوثيين!