خاص: عقب إعلان وكالة الأنباء المغربية الرسمية، تسليم الحكومة المغربية للأكاديمي والداعية، أسامة الحسني، توالت ردود الفعل حول عدم صحة تسليم “الحسني” للسعودية وفقًا للقانون الدولي والمغربي ذاته، وكذلك خطورة ذلك الترحيل على حياته.

ودارت الكثير من التساؤلات والشكوك حول أهمية “الحسني” بالنسبة للنظام السعودي، وسر تمسكه بترحيله للمملكة رغم أن ذلك من المؤكد سيفتح على المملكة وحكامها أبوابًا كثيرة كانوا يريدون إغلاقها عقب نشر تقرير الاستخبارات الأمريكية حول مقتل الصحفي السعودي “جمال خاشقجي” بقنصلية بلاده بإسطنبول.

من هو أسامة الحسني؟

أسامة الحسني، هو أكاديمي عاش في ملبورن الأسترالية حوالي 14 عامًا، ودرس في ثلاث جامعات، وحصل في النهاية على درجة الدكتوراه في نظم معلومات الأعمال، وكان أيضًا إمامًا في مسجد تابع للمجلس الإسلامي في ولاية فيكتوريا لعدة سنوات، وغادر أستراليا قبل حوالي أربع سنوات، ومنذ ذلك الحين يعيش بين المملكة المتحدة وتركيا، وتزوج المغربية هناء الحسني، وأنجبا طفلاً.

عمل “الحسني” أستاذًا محاضرًا في جامعة الملك عبد العزيز بجدة، كما عمل في مجال تكنولوجيا المعلومات والخدمات اللوجستية، وقدَّم المشورة إلى الحكومة السعودية حيث كان يعمل مستشارًا لوزير العدل السعودي، ووزارة سعودية أخرى لم يحددها، وفقًا للمعلومات المتوافرة على حساب “لينكدان” الخاص بـ”الحسني”.

الرواية السعودية الرسمية:

وفقًا للرواية السعودية الرسمية، فإن سبب طلب تسليم “الحسني” – حسبما ذكر مسؤول بوزارة العدل المغربية لوكالة “رويترز”- هو إصدار الشرطة الجنائية الدولية (الإنتربول) مذكرة بناءً على طلب من السعودية، تتهمه بالسرقة، في إشارة إلى عدم وجود دافع سياسي، ووجود حكم عليه بالسجن لمدة عامين.

وحصل موقع “ABC” الأسترالي على الصفحة الأخيرة من رسالة بعث بها مكتب المدعي العام السعودي إلى حكومة المغرب. وتستدعي الرسالة، التي تشير إلى “الحسني” باسم سابق له، هو “أسامة طلال عباس المحروقي”، اتفاقية تعاون قانوني عام 1983 بين 22 دولة في جامعة الدول العربية تسمى اتفاقية الرياض العربية للتعاون القضائي.

ويقول نصها: “في ضوء التعاون القضائي بين المملكة العربية السعودية والمملكة المغربية، يطالب النائب العام بالقبض على المتهم أسامة طلال عباس المحروقي، وتسليمه إلى سلطات المملكة العربية السعودية للتحقيق معه وتقديمه للمحاكمة”.

دوافع سياسية وراء الاعتقال والترحيل:

ذكر موقع “إيه.بي.سي” الأسترالي أنه “على الرغم من أن السعودية تبحث رسميًا عن الدكتور الحسني في قضية جنائية، فإنه بين عامي 2014 و 2017 كان مستشارًا لوزيرين سعوديين، وسط توقعات لمنظمات حقوق الإنسان المطلعة على قضيته أنه ربما يكون قد أخل بالنظام السياسي الداخلي للمملكة”.

كذلك لم تذكر صفحة الصحيفة التي أرسلتها السعودية للمغرب تطالبها فيها بتسليم “الحسني”، التهمة الموجهة له، لكن ذكرت أن عقوبة الجريمة غير المحددة هي “السجن لمدة عامين”، ووقع على الخطاب النائب العام السعودي، الشيخ سعود بن عبد الله المعجب، المعروف بتورطه في إصدار أوامر باعتقال رجال أعمال وأمراء ودعاة وأكاديمي في المملكة لأسباب ودوافع سياسية.

كما أن الصحيفة السعودية طلبت القبض عليه وترحيله للمملكة لإخضاعه للتحقيق والمحكمة، رغم أن هناك حكما صادرا ضده بـ”عامين”، ما يوحي باضطراب الرواية الرسمية للسعودية بشأن التهم والقضية التي على أساسها تم اعتقال “الحسني” وترحيله، كما أنها لا تكشف بشكل صريح تلك التهم، والتي كان لابد من ذكرها وفقًا لأي اتفاقية تعاون أمني بين أي بلدين، حتى لا تتورط أي منهما في الوقوع في مخالفة حقوقية تخضعها للمساءلة الدولية قانونيًا.

كذلك تأكيد مصدر حضر الجلسة التي انعقدت بمحكمة النقض في الرباط لرويترز، والتي تم فيها الحكم بترحيل “الحسني”، أن الدفاع ذكر أن الوثائق السعودية تشير إلى أن الحسني مولود لأب مغربي، ما يجعله مغربيًا بموجب قانون البلاد. ونقل المصدر عن المحامين قولهم إن القانون المغربي يمنع تسليم المغاربة إلى دول أخرى.

وقالت خديجة الرياضي من الجمعية المغربية لحقوق الإنسان: “صدَّق المغرب على اتفاقية لمناهضة التعذيب. وينبغي أن يمتنع عن تسليم مواطن إلى دولة قد يواجه فيها التعذيب”.

كل ما سبق يدل على نية مبيته وسعي دؤوب من النظام السعودي وراء “الحسني”، ما يوحي بأن وراء الأمر ما وراءه، وأن الدوافع هي في الأساس تمس أمن وسلامة النظام السعودي، فقد يكون “الحسني” قد اطلع على معلومات أثناء عمله كمستشار للحكومة السعودية، لم يكن ينبغي له الاطلاع عليها، لذا كان السعي وراءه حثيثًا، حتى تم في المغرب.