تكشف سلسلة حقائق أن ولي العهد محمد بن سلمان يمثل أداة أمريكية وإسرائيلية لتغيير مناهج التعليم في السعودية التي تشهد تغييرات واسعة وجوهرية في مناهجها التعليمية خصوصًا ما يتعلّق بالمفاهيم الإسلامية والتاريخية.
ويبرز مراقبون أن التغيير الحاصل لا يمثل حاجة طبيعية متجددة نبع من طبيعة المجتمع وتغيّرات حركة الحياة كحال باقي البلدان، بقدر ما يحمل أصابع خفية وجهته وجهات خارجية غذّته بشكل صادم.
ويقول الباحث السعودي فهد الغفيلي إن ما جرى لمناهج التعليم في المملكة هو “تبديل” للمفاهيم والتوجهات وليست عملية “تعديل”.
وهذه المفاهيم تم وضعها لأهداف سياسية، ونفّذها بن سلمان بتعليمات من جهات خارجية لتحقيق أهداف رئيسية أبرزها تشويه الإسلام الصحيح ونشر الأفكار الغربية وتبديل نظرة العداء للإسرائيليين.
وبالتأكيد فإن هذه التغييرات تتماشى مع هوى بن سلمان وأفكاره، وكذلك مع مخططاته في تولي عرش المملكة، فتبديل مفاهيم الشعب وسلخه عن قيمه سيمهّد له التحكّم به، كما أن موجات التغريب والانفتاح واسترضاء الصـهاينة والغرب هو أحد أدوات تمكين بقائه في السلطة، فكانت هذه التغييرات الخطيرة.
ولتبرير هذه التغييرات الجوهرية كثّفت الماكنة الإعلامية لنظام ابن سلمان حملاتها وربطت التغييرات بـ “الإسلام المتطرّف” و”الإخوان” وغيرها.
لكن الحقيقية أن عمليات تغيير المناهج في المملكة كانت بأوامر مباشرة من المؤسسات الأمريكية والإسرائيلية والتي رافقتها عمليات رصد وتقييم مستمر.
والضغط الأمريكي لتعديل المناهج قديم، فبعد أحداث سبتمبر 2001 زار المرشح لنيابة الرئيس سابقًا “ليبرمان” الوزارة وبعض المدارس، ليتم حذف بعض النصوص التي اعتبرتها أمريكا متشددة وأبرزها نصوص “الولاء والبراء”!
ولكن صعود بن سلمان للعرش منح الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل فرصة أكبر لتغيير المناهج في المملكة.
وسبق أن “اللجنة الأميركية للحريات الدينية الدولية” قامت بدراسة مجموعة منتقاة من الكتب المدرسية في السعودية لمنهج 2017-2018 وقارنتها مع نسخ من الفترة 2012-2014.
وخلص التقييم أن الكتب الحالية لا تزال تحتوي على عدد من “الفقرات المتعصبة والتحريضية”. وهذه الدراسات وغيرها أدّت لتكثيف الضغط.
وفي نهاية 2017 ناقش الكونغرس الأمريكي قانونًا يُلزم وزير الخارجية الأمريكي تقديم تقرير سنوي للجنتي الشؤون الخارجية في النواب والشيوخ عن جهود السعودية في تعديل مناهجها التعليمية وإزالة ما وُصف بـ “الفقرات التحريضية التي تشجّع على العنف”، كما تمّ مناقشة الأمر مرة أخرى عام 2019.
وكان اجتماع للجنة الشؤون الخارجية الأمريكية انعقد في مارس 2018 أجاب فيه وزير الخارجية الأمريكي الأسبق ريكس تيلرسون عن كيفية تنفيذ السعودية “الاتفاق” الذي تم بعد زيارة ترامب للرياض ولقاء بن سلمان، والمتعلّق بتغيير مناهج التعليم وتقديم “إسلام أكثر اعتدالًا” من المنظور الأمريكي.
وهذا الاجتماع يؤكد تدخل واشنطن المباشر في تغيير مناهج التعليم وأن هناك “اتفاق” بخصوص ذلك تم بعد زيارة ترامب للمملكة وأن الهدف منه تقديم إسلام “أكثر اعتدالًا” من المنظور الأمريكي.
ومن نتائج زيارة ترامب إنشاء مركز اعتدال لمحاربة “التطرف” بمتابعة مباشرة من الخارجية الأمريكية.
وحملات التغيير المكثّفة بدأت في مارس 2018 مع إعلان وزير التعليم أحمد العيسى أن الوزارة تعمل على “محاربة الفكر المتطرف” بإعادة صياغة المناهج الدراسية، كما كشف عن الاستعانة بـ “الرابطة الأمريكية الوطنية لتعليم الأطفال الصغار”.
وفي عام 2020 بدأت الحملة الثانية في تغيير المناهج، وسط احتفاء الإعلام الغربي، حيث قالت الديلي تليغراف أواخر 2020 أن هناك “طفرة في التوجهات السعودية مع حذف معاداة السامية والتشدد الإسلامي من المناهج التعليمية”
كما أكدت الواشنطن بوست في يناير 2021 أن السعودية حذفت “ببطء وتدريجيًا المحتوى المرفوض” من الكتب المدرسية.
والبصمات الإسرائيلية كانت واضحة وحمل لواءها مركز Impact-SE في القدس المحتلة المتخصّص بمراقبة محتوى الكتب المدرسية.
حيث كشف تقرير للمركز نشرته الواشنطن بوست عن إشادته بخطوات المملكة في حذف كل الآيات والأحاديث التي تتعلق بمعاداة اليهود ومحاربتهم، ورصده لذلك وهذه بعض الأمثلة.
ونقل تقرير الواشنطن بوست تصريحات ماركوس شيف، الرئيس التنفيذي لمركز Impact-SE في “اسرائيل” قوله بأنهم فخورين للغاية بإزالة ما يعادي السامية من المناهج السعودية وحذف حديث “لن تقوم الساعة حتى يقاتل المسلمون اليهود فيقول الشجر والحجر يا مسلم يا عبدالله ورائي يهودي فتعال فاقتله”.
ومع توالي كشف ما تمّ حذفه من المناهج التعليمية، يؤكد المراقبون أن الهدف ليس محاربة “التطرّف” الذي يدّعيه بن سلمان، بل هو لاستبدال معاداة الصـهيونية وإسرائيل بالتعايش والسلام معها.
وهو ما يؤكد أن بن سلمان ليس أداة فقط بيد الصهاينة، بل هو صـ.هيوني الهوى ومحاربٌ للإسلام، إذ حتى آيات القرآن الكريم والأحاديث النبوية التي تتحدّث عن اليـهود تم حذفها من المناهج.
ويتساءل المراقبون هل يوجد تطرّف وغلوّ في كتاب الله وسنة نبيّه ليحذفها بن سلمان؟، أم أن إرضاء الصـهــاينة أولى وأحبّ لقلب ولي العهد من إرضاء الله ورسوله؟.
أمّا عن حذف ما يجرّم الشذوذ والسحر والشعوذة والزنا وغيرها، فتم لإرضاء أمريكا وقادتها وتقديم “إسلام” يناسب معاييرهم. ولكنّه أيضًا تم وفقًا لرغبة بن سلمان وتوجّهاته التي أعلنها في رؤية 2030 والتي أطّر بها الكتب المدرسية في المملكة.
وعليه فإن ما يقوم به محمد بن سلمان من تغيير مناهج التعليم جريمة مزدوجة لأنه يُرسخ مفاهيمًا تنافي تعاليم الإسلام وأخلاق العرب وتهدّد بتجريف مبادئ الأجيال وقيمها.
ولأنه وضع يده بيد الغرب وإسرائيل يأتمر بأوامرهم وينفّذ مخططاتهم الخبيثة والخطيرة في بلاد الحرمين.