خاص: يأتي الإعلان عن قيام هيئة سوق المال السعودية عن بدء الاكتتاب في عملاق النفط السعودي “أرامكو”، على أن يبدأ اكتتاب أرامكو في السوق السعودية 4 ديسمبر 2019، كموجة جديدة قد تؤدي بحسب مراقبين ومحللين اقتصاديين لهزة كبيرة في الاقتصاد السعودي الذي يعاني من العديد من الأزمات.
ويعد الاكتتاب العام الأولي لأرامكو هو الأكبر في العالم على الإطلاق، حيث تقدر القيمة السوقية بأكثر من تريليوني دولار.
ويوجد لدى بعض المسئولين السعوديين تخوف من هذا الطرح، فالشركة تعد الرأس الصلب للاقتصاد السعودي وعموده الفقري، وأي خلل في الطرح سواء في تحديد القيمة السعرية له، أو إحجام المستثمرين عن الاكتتاب فيه، قد يؤدي لمزيد من المشاكل للشركة التي تعاني أصلاً من مشاكل عقب الهجمات الحوثية الأخيرة، ما قد يضر بالاقتصاد السعودي بشكل عام.
للمزيد: وكالة عالمية تخفض التصنيف الائتماني لـ”أرامكو” السعودية
وكذلك يقول مسؤولون سعوديون وأشخاص مطلعون على عملية الطرح، إن الشركة والبلاد غير مستعدتين ببساطة للاكتتاب العام، لأنه سيجر وراءه تدقيقاً غير مسبوق إلى جوهرة التاج الاقتصادي في المملكة، بحسب صحيفة “وول ستريت جورنال”.
ووفقًا للصحيفة، يقول مسؤولون سعوديون إنهم توصلوا إلى نتيجة مفادها أن الإدراج في بورصة كبيرة مثل نيويورك، أو لندن أو هونغ كونغ، قد ينطوي على الكثير من المخاطر القانونية؛ ما يعرّض “أرامكو” إلى قضايا قانونية أمام المساهمين.
لهذا سعى مسؤولون ومستشارون لدى “أرامكو” لعقد اجتماعات في اللحظة الأخيرة مع المستثمرين في محاولة لتحقيق أقرب ما يمكن من تقييم بقيمة 2 تريليون دولار قبل إطلاق الإدراج.
وقال ثلاثة أشخاص مطلعين على الأمر، إن مسؤولي ومستشاري أرامكو يجتمعون بالمستثمرين المؤسسيين حول العالم، وأضافوا أن الرئيس التنفيذي أمين ناصر التقى المستثمرين في نيويورك ولندن الأسبوع الماضي، بحسب “رويترز”.
ووفقًا للأشخاص الثلاثة تبقى النقطة الشائكة الرئيسية وهي تقييم الطرح بقيمة 2 تريليون دولار، والذي يعتبر في كثير من الأحيان طموحًا للغاية من قِبل المستشارين وبعض المطلعين، وقالوا إن التقييم الأقرب إلى 1.5 تريليون دولار مرجح على الأرجح، مع كون الأسر السعودية الغنية هي المستثمر الرئيسي في الاكتتاب العام.
ولهذا سعى “ابن سلمان” بكل ما أوتي من قوة للضغط على كبريات العائلات السعودية الثرية لشراء حصص في أرامكو بعد طرح أسهم الشركة النفطية العملاقة للاكتتاب العام. يحث يسعى الأمير الشاب للوصول إلى عتبة تريليونيْ دولار كقيمة سوقية للشركة، كما ذكرت صحيفة “فايننشال تايمز” البريطانية.
للمزيد: “ابن سلمان” يجبر الأثرياء على الاكتتاب بآرامكو للتغطية على فشله
وقالت مصادر للصحيفة البريطانية إن المحادثات بين بن سلمان ورجال الأعمال المعنيين هي جزءٌ من خطّة هادفة لبناء الثقة في عملية اكتتاب أسهم أرامكو التي تعرضت مؤخرا لهجمات غير مسبوقة بواسطة طائرات غير مسيّرة في منشأتيْ بقيق وخريص شرق السعودية ما أدى لتضرر نصف إنتاج الرياض من النفط وأدى لاضطراب في إمدادات السوق العالمية.
ويعتمد “ابن سلمان” على ذلك الطرح باعتباره حجر الزاوية في خططه لجذب رؤوس الأموال الأجنبية وتنويع موارد أكبر اقتصاد عربي وتقليص اعتماده على إيرادات النفط، وذلك في محاولة أخيرة منه لدعم الاقتصاد السعودي الذي ترنح بسبب أخطاءه الاستراتيجية وقرارته المتخبطة سواء على الصعيد الداخلي أو الخارجي؛ وخصوصًا حرب اليمن التي أثقلت كاهل الخزانة السعودية.
لذا يعتبر هذا الطرح لجوهرة التاج السعودي هو إما طوق نجاة لخطط وطموحات “ابن سلمان” أو مقبرة لكل ما تمناه ذلك الأمير الشاب، الذي أثبتت الأيام فشل محاولاته السياسية، فهل يثبت طرح “أرامكو” فشله في الاقتصاد أيضًا؟ هذا ما ستكشف عنه الأيام القادمة.