حمد العجمي
خاص: ومن مظاهر التغريب السياسي في المملكة العربية السعودية:
3ـ التخلي عن الدور الأممي الإسلامي بوصف المملكة دولة دينية مدافعة عن قضايا المسلمين:
ذكرنا قبل ذلك كيف صرح مسئولين سعوديين على أن المصلحة الاقتصادية والسياسية للدولة هي المحرك الأساسي والوحيد لاتخاذ القرارات، ويبدو أن تلك التصريحات أصبحت حقيقة سياسية تمارس على الأرض، وتم التخلي حتى عن القشرة الخفيفة التي كانت يتدثر بها النظام السعودي من الدعم المعنوي أو الاستنكار وإبداء الرفض السياسي لبعض الانتهاكات التي تطال المسلمين في العديد من الدول.
ففي قضية الروهينجا الأقلية المضطهدة من قبل الأغلبية البوذية في بروما: فإن أكثر من 500 ألف قد نزحوا إلى بنجلاديش في الأشهر الأخيرة فقط، هربًا من مذابح وصفت «بالمثال الحقيقي للتطهير العرقي» وفقًا لتصريحات مسئول مفوضية حقوق الإنسان بالأمم المتحدة.
وتملك بورما على أراضيها أنبوب نفط، قيل إنه سيغير الموازين الإستراتيجية بالمنطقة، يحمل هذا الأنبوب النفط من الخليج العربي إلى مقاطعة «يونان» الصينية، بطول يبلغ 771 كيلومترًا. يبدأ الأنبوب عند خليج «البنغال» غربي بورما، في ولاية «راخينا» حيث تدور مذابح التطهير العرقي. ويعد هذا الأنبوب أول ناقل أرضي للنفط من الشرق الأوسط إلى الصين، وهو يؤمّن مدخلات الصين يوميًا من النفط، مانحًا إياها ميزة إستراتيجية على الدول الآسيوية الأخرى أمثال اليابان وكوريا الجنوبية، كما يخفض من تكلفة الحصول على النفط بالنسبة إلى الصين، وتبلغ إجمالي سعته اليومية ما يتخطى 440 ألف برميل من النفط (أكثر من 160 مليون برميل سنويًا).
ورغم أن تصدير النفط إلى الصين يمثل مصلحة للمملكة إلا أنه يمثل مشروعا اقتصاديا ناجحا أيضا بالنسبة للصين وبورما ومع ذلك لم تسع المملكة لاستغلال هذا الجانب الاقتصادي للضغط على حكومة بورما لتخفيف الوطأة على مسلمي الروهينجا أو موقف المذابح تجاههم، إعلاء للمصلحة الاقتصادية الآنية على مجرد الاستنكار لما يحدث للمسلمين الروهينجا.
وفي سياق مشابه أحبط ولي العهد السعودي محمد بن سلمان آمال مسلمي الإيغور في إثارة قضيتهم خلال زيارته الأخيرة إلى بكين، وبارك ضمنيًا قمع الصين لهم، ووقع عشرات الاتفاقيات معها تتعدى قيمتها 28 مليار دولار.
وخلال لقائه بنائب رئيس مجلس الدولة الصيني هان تشنغ في بكين قال بن سلمان “للصين الحق في اتخاذ تدابير لمكافحة الإرهاب والتطرف لضمان الأمن القومي”. مضيفا أن “السعودية تحترمها وتدعمها ومستعدة لتعزيز التعاون معها” .
ونقلت وكالة الصين الجديدة الرسمية عن هان قوله خلال اجتماعه ببن سلمان “إن على الدولتين تعزيز الشراكات في مكافحة الإرهاب وتطبيق القانون وتبادل الخبرات في مكافحة التطرف”.
وذكر موقع فرانس24 أن ولي العهد السعودي “أعرب عن دعمه للسياسة الصينية بإقامة معسكرات اعتقال لمسلمي الإيغور في الصين”.
وأضاف أن الرئيس الصيني أشاد بالعلاقات بين الدولتين، قائلا إنهما سوف يتعاونان بشكل أكبر في مجال مكافحة الإرهاب في الشرق الأوسط.
وكانت جهات من مسلمي الإيغور ناشدت ولي العهد السعودي كي يضغط على السلطات الصينية لتغيير إجراءاتها تجاههم في إقليم شينغيانغ غرب البلاد.
وشهد الإقليم الذي يشكل الإيغور غالبية سكانه، توترا شديدا واعتداءات دامية قبل أن تفرض عليه في الأعوام الأخيرة رقابة شديدة من جانب الشرطة. ويقول خبراء ومنظمات حقوقية إن حوالي مليون مسلم محتجزون في مراكز لإعادة التأهيل السياسي في الإقليم .