خاص: في الأيام الماضية حدثت في المنطقة جملة من الأحداث المتتالية، من أبرزها:
تهديد أردوغان ببدء عملية شرق الفرات خلال أيام، ولجوء الأكراد إلى النظام، والطلب منه التدخل لحماية السيادة الوطنية!!
زيارة مفاجئة للرئيس السوداني البشير لدمشق، ولقاؤه بالأسد، وهناك شبه اتفاق أن العلاقات الثنائية ليست السبب للزيارة التي تمت تحت حماية روسية.
إعلان مفاجئ لقرار ترامب بالانسحاب من سوريا بعد حوار هاتفي مع أردوغان.
وأخيرا لمن يسلم ملف الأكراد؟! وهل مظاهرات السودان عفوية؟!
خلال عملية درع الفرات التي بدأت في 24 أغسطس 2016م ضد داعش وقوات سوريا الديمقراطية، وأثناء تقدم القوات إلى منبج، قوبلت بثلاث قوى رئيسة هي قوات النظام مدعومة بالروس وأمريكا، وتم منع الأتراك من الدخول لمدينة منبج التي كانت هدفًا أساسيًا للعملية لإعادة أهلها العرب الذين تم تهجيرهم.
وهنا يلاحظ أن حزب العمال الكردستاني تكوّن تحت رعاية المخابرات السوفييتية، واتخذ من سوريا قاعدة انطلاق، فالخلفية الأيدولوجية يسارية مغلفة بغلاف قومي، وأما القيادات فالنصيرية هم الأغلبية، وأما الفرع السوري للحزب والذي يسمى بسوريا الديمقراطية فمن البداية كان مرتبطًا بالنظام استراتيجيًا.
ومع دخول أمريكا للمنطقة بعد سقوط الاتحاد السوفييتي استلمت أمريكا ملف الأكراد في كل المنطقة، وأمنت كل أشكال الدعم والحماية للمجموعات الكردية المختلفة في العراق وسوريا وتركيا، ويبدو مع إصرار تركيا على تصفية وجود حزب العمال الكردستاني وأدواته في شمال سوريا والعراق رأت أمريكا أن الأفضل لمصالحها التراجع ظاهريًا، وتسليم ملف الأكراد إلى أصحابه الأصليين من الروس ونظام الأسد في عملية مزدوجة الهدف منها حماية الأكراد، ومنها محاولة ضرب تركيا بروسيا من جديد.
ولا نظن أن سنوات من الدعم المالي والعسكري المعلن يتم التراجع عنها نتيجة اتصال هاتفي بدون بديل أفضل، فمن جهة سيخف الاحتقان مع الأتراك الذين قد يقعون في المصيدة، وينشغلون بالروس وأذنابهم في المنطقة، ومن جهة أخرى يأخذ عملاء أمريكا فرصة لترتيب الأوراق بعد فشل عملية خاشقجي وتداعياتها الكارثية.
ولذا نلاحظ تراجع الضغط العلني على محمد بن سلمان وعراب أمريكا في المنطقة محمد بن زايد، فبقاؤهما يستحق التنازل عن الملف الكردي، ولكن اللافت للنظر مسلسل الحرب الاقتصادية وافتعال الأزمات الذي طبق على تركيا أرودغان يتم حاليًا تفعيله في السودان.
إن ارتباط زيارة البشير لدمشق بإشعال الحراك الشعبي الذي هُيئت له الأرضية من فترة بالانخفاض المفتعل لسعر صرف الجنيه أمام الدولار، وأزمة تموينية خانقة، وفشل حكومي يدل على ضعف سيطرة البشير وانفصاله عن الإدارة، ويعزى جزء منه إلى كبره في السن واختلافه مع أصحابه القدماء، والمهم هنا هل سيدفع البشير ثمن محاولته مسك العصا من الوسط وفتحه قنوات تواصل وتعاون مع تركيا؟! فهل كان يحمل رسالة من أردوغان للأسد حول ما بعد الانسحاب الأمريكي، والبحث عن طريقة ما للتفاهم وتفويت الفرصة على الخطة الأمريكية؟! ومن هنا نفهم توتر نتنياهو وهجومه الشخصي على أردوغان لخوفه من فقدان إسرائيل لورقتي الأكراد ومحمد بن سلمان.