الدكتور عبد الرحمن اليوبي، ذلك الرجل الأكاديمي الذي امتلأت مسيرته بالإنجازات والعطاء والاهتمام خلال حياته الوظيفية والأكاديمية، لم يتصور أحد أن هنالك من يحيك له المؤامرات لتشويه سمعته عبر تضليل الحقائق لإسقاطه في قبضة القمع الوحشي الذي تنتهجه حكومة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان.

الدكتور عبد الرحمن بن عبيد اليوبي هو أكاديمي سعودي ترأس جامعة الملك بن عبد العزيز، وكانت له مسيرة عطاء في مهنته الوظيفية، وتعرض للمضايقات والتشويه حتى اعتقل في يوليو ٢٠٢٢، ثم أفرج عنه، لكن لم تنتهِ قصة محاربته واستهدافه بعد الاعتقال.

 

منظمة سند ستروي ملابسات ملفه بالتفصيل

حياته ودراسته

عبد الرحمن بن عبيد اليوبي، سعودي الجنسية، ولد عام 1378هـ – 1958م، في قرية الأبواء جنوب غرب المدينة المنورة، حاصل على شهادة البكالوريوس بعلوم الكيمياء بدرجة امتياز مع مرتبة الشرف الأولى، وذلك من جامعة الملك عبد العزيز عام 1401هـ – 1981م.

وحصل على شهادة الماجستير بجامعة الملك عبد العزيز عام 1403هـ – 1983م، ثم بعد ذلك أبتعث إلى بريطانيا وحصل على شهادة الدكتوراه في الكيمياء في جامعة أسكس البريطانية عام 1407هـ – 1986م.

 

مسيرته المهنية

عمل في بدايات مسيرته الوظيفية معيدا بقسم الكيمياء في كلية العلوم بجامعة الملك عبد العزيز، ثم أستاذ مساعد بقسم الكيمياء في الجامعة ذاتها، كما عمل أستاذ مشارك في نفس القسم.

وشهدت مسيرته المهنية مكانة مهمة ومؤثرة، حيث عين بعد كمدير لجامعة الملك عبد العزيز، كما تم تكليفه مديرًا لجامعة جدة، وعمل وكيلا لجامعة الملك عبد العزيز للشؤون التعليمية لمدة 3 سنوات.

وكان له حضور مؤثر ونشاط أكاديمي، حيث شارك في الاجتماع الوطني الأول للكيميائيين والمنعقد بجامعة الملك عبد العزيز بجدة، بالإضافة إلى الاجتماع الوطني الثاني للكيميائيين والمنعقد بجامعة الملك سعود بالرياض، والاجتماع الوطني الثالث للكيميائيين والمنعقد بجامعة الملك فهد للبترول والمعادن بالظهران.

كما شارك في العديد من المؤتمرات والندوات والورش واللقاءات، أبرزها مؤتمر الرنين النووي المغناطيسي في الحالات الصلبة، ومؤتمر ابن سيناء الرابع لكيمياء المركبات الغير متجانسة والمنعقد بجامعة عين شمس بالقاهرة، ومؤتمر الكيمياء الأول المنعقد بجامعة القاهرة، والمؤتمر السعودي الأول لكليات العلوم والمنعقد بجامعة الملك فهد للبترول والمعادن، وغيرها كثير.

 

عطاءه العلمي

ولكونه أحد الكفاءات العلمية الوطنية وباحث وأكاديمي له عطاء علمي فقد نشر عدد من البحوث والأوراق العلمية في تخصصه تجاوزت ١٥ بحثاً منشورا أبرزها دراسة الديناميكا الحرارية لبعض الإلكترونيات الهامة في المحاليل، والمشروع البحثي دراسات فيزو كيميائية على مشتقات ثنائي البيريدين في المحاليل المائية والملحية، ودراسات نظرية وتجريبية على التركيب الالكتروني والطيفي لمركبات وغيرها.

كما أشرف على عدد من طلاب الدراسات العليا بالإضافة لمهامه التدريسية والتعليمية داخل الجامعة وعدد من الكليات التي كانت تتعاقد معه.

 

قصة اعتقال

وسط أوضاع حقوقية متردية، وملاحقات حكومية للأكاديميين المؤثرين، فقد طال الاعتقال الدكتور عبد الرحمن اليوبي. وجاء اعتقال الدكتور عبد الرحمن اليوبي في منتصف يوليو عام ٢٠٢٢، حيث كانت منظمة سند أول من وثقت حالة اعتقاله وإخفائه قسريا.

 

براءة في الاعتقال

شهدت قضية الدكتور عبد الرحمن اليوبي جدلا واسعا في الوسط السعودي، لاسيما في المجال الأكاديمي، حيث حاول النظام أن يتحايل على القضية التي لم تثبت ضده أية إدانات، وذلك من خلال تضليل الحقائق، بينما انتهت قصة اعتقاله بتبريئه المطلق من كل التهم الموجهة إليه

وبحسب التصريح الرسمي لمدير مكافحة الفساد، الذي ظهر في فيديو، أكد على أنه لم يتم ضبط أية مخالفات عليه، وهذا ما لم يرضَ به نظام ابن سلمان وسياساته القمعية.

وعن أسباب اعتقاله، وبحسب معلومات موثقة حصلت عليها سند؛ جاءت بسبب خلاف شخصي بينه وبين أحد منسوبي الجامعة، فقد تم الوشاية به كيديا واعتقل على إثر ذلك، وبعد اعتقاله وبسبب علاقته المباشرة القريبة بأحد المسئولين – تتحفظ سند على اسمه ـ، والذي طلب منه أبناء اليوبي الشفاعة عند الملك سلمان للتعجيل بإطلاق سراح والدهم خاصة بعد تبرئته.   وعند علم محمد ابن سلمان بذلك لم يرق له هذا التصرف – الوصول إلى والده ـ مما جعله يلفق له تهمة اختلاس مبلغ نصف مليار ريال سعودي وينشرها في وسائل الاعلام ويجيش حسابات الذباب الإلكتروني ومن يدور في فلكهم ضده

 

ما بعد الاعتقال

أقدم نظام ابن سلمان على تنفيذ حملة تشويه شرسة، واتهامات كيدية، بدأت من قضية الفساد المصطنعة التي لُبست بحق الدكتور اليوبي، رغم الأدلة والإثباتات التي أكدت براءته منها جميعا.

وفي سياق متصل، فقد واجهت إدارة جامعة الملك عبد العزيز -التي كان رئيسا فيها قبل الاعتقال-، حملة التشهير التي قام بها الذباب الإلكتروني المدعوم من نظام ابن سلمان؛ عبر الأدلة والتوضيحات بتصريح رسمي بما يتعلق بتهم الفساد المتعلقة بالتوظيف، والتي فندت مزاعم الفساد في التوظيف الموجهة ضد الجامعة ورئاستها.

 

تشهير ممنهج

أصر محمد بن سلمان على مر السنوات الخمسة التي نصب فيها وليا للعهد؛ على تبني سياسة قمعية وحشية، رغم التحذيرات الدولية والتداعيات التي جعلت المملكة تعاني من عزلة دولية بسببها؛ وتعكس قضية الدكتور عبد الرحمن اليوبي السلوك الحكومي الممنهج في تضليل الحقائق والتشهير لأجل شرعنة قمع الكفاءات والطاقات الوطنية.

ورصدت منظمة سند خلال بحثها عن ملابسات التشهير التي طالت قضية الدكتور عبد الرحمن؛ جملة من المعطيات التي أثبتت حملة التشهير.

وبدأت تلك الحملة من خلال وسائل الاعلام المؤثرة والمقربة من النظام، حيث جاءت قناة العربية الفضائية في أخبار تتعلق في قضية الفساد المزعومة ضد الدكتور عبد الرحمن، منوهة على وجود شبهات فساد تصل قيمة اختلاس الأموال فيها إلى نصف مليار ريال سعودي.

وجاءت الحملة الحكومية في التشهير بقضية الدكتور عبد الرحمن اليوبي؛ لترفدها حملات إلكترونية لصحفيين وناشطين ومؤثرين مقربين من نظام محمد بن سلمان، لاسيما على منصات التواصل الاجتماعي -أرزها تويتر-.

ولم يكتفِ نظام ابن سلمان في حملته هذه، بل استغل الذباب الإلكتروني الذي يديره لتغذية سياسة القمع الوحشية ضد أبناء البلد، فقد شن الذباب حملة شرسة في هذه القضية للتشهير وتشويه سمعة الدكتور عبد الرحمن.

واستغلت الجيوش الالكترونية إثارة القضية، باستخدام الهاشتاق الذي رصدته منظمة سند “#فساد_جامعة_الملك_عبدالعزيز”، والذي كان محاولة حكومية لتسليط الأضواء على الهجمة التي استهدفت الدكتور اليوبي.

 

دلالات قمعية

هي سياسة ممنهجة يتبعها نظام ابن سلمان ضد أبناء البلاد، من المعارضين لسياساته والمؤثرين في المجتمع والناشطين والأكاديميين والطاقات الوطنية والكفاءات.

وتأتي قضية الدكتور عبد الرحمن اليوبي -التي عملت سند جاهدة في كشف الملابسات-، لتعكس واقع الفئة المستهدفة من قبل النظام، كضحية رئيسية للقمع الوحشي المتبع في المملكة، والسبل الحكومية في إنهاء تأثيرهم، من خلال التشهير والاتهامات الكيدية، فضلا عن الاعتقال والأحكام التعسفية وغير ذلك.

وفي هذا السياق، إذ توجه منظمة سند نداءاتها إلى الجهات الحقوقية الدولية المعنية، لإنقاذ واقع حقوق الإنسان والحريات في المملكة، والسعي المتواصل إلى الضغط على النظام لوقف سياسات القمع ومعاقبة الجناة وإنقاذ الضحايا.

كما توجه سند مطالباتها لنظام ابن سلمان بالتخلي عن سياساته الوحشية المتبعة ضد أبناء البلاد، والتراجع عن القضايا التي انتهكت حقوق أبناء البلاد، بما فيهم الدكتور عبد الرحمن اليوبي وباقي معتقلي الرأي الأبرياء.