“كانت أمسية لم ينقصها إلا غياب عُذال الأدب من الصحويين”.. هكذا تحدث الصحفي السعودي “عبدالله وافيه”، عن ندوة ثقافية، أقيمت الأربعاء، جمعت “الإخوة الأعداء” من المبدعين والنقاد والأكاديميين، الذين نشبت بينهم سجالات الزمن الغابر، وأثارت حزازات النفوس.
“وافيه”، الذي علق على الأمسية، التي تنظمها وزارة الثقافة السعودية لأول مرة، بالقول إن “الصحويين كانوا في السابق يساجلون ويكيلون التهم لمن يعتبرونهم ليبراليين أو علمانيين ثم يسود الضجيج، قبل أن تقيد السلطات حركة المتشددين منهم”.
وأشار إلى أنهم كانوا يخلقون صخبا يجعل من المناسبة حدثا يثير شغف الصحافة، التي قال إنها “ذهبت الورقية منها إلى بيات شتوي طويل كذلك”.
وتعتقل السلطات السعودية العشرات من الأكاديميين والمبدعين والشعراء والدعاة، الذين يمثلون تيار الصحوة في المملكة، منذ نحو عامين، والذين حاولوا التعبير عن رأيهم الذي يعارض ما تشهده السعودية من تغييرات، وسط مطالبات حقوقية بالكشف عن مصيرهم وتوفير العدالة لهم.
حديث “وافية” لم يكن وحده المثير للجدل في الندوة، التي شهدت أيضا سجالا بين المبدعين والنقاد، وسط اتهامات متبادلة بالتسبب في ركود الحياة الثقافية في المملكة.
كانت بداية السجال مع الشاعر المخضرم “محمد جابر الحربي”، الذي اتهم وزارة الثقافة بالتواطؤ مع النقاد في قتل المبدعين، و”محاولة وأد الحب الذي تحمله قصائدهم في المهد، وإهالة التراب على الضحايا، وهم أحياء في وجدان أحبتهم والجماهير يرزقون”.
وآزره في الحمل على النقاد الأديب السعودي الشهير “عبده خال”، الذي تناول المسألة على طريقته الهزلية، وقال أمام جمع من حضور اللقاء، إنه سيعترف بأمر قد يثير نقمة النقاد، وهو أنه “لم يقرأ لهم قط، ولن يفعل ذلك في المستقبل، وعندما يسأله شاب يتلمس طريقه نحو الإبداع نصيحته، فإنها ستكون لا تقرأ لناقد ابدا، وإن فعلت فإنما تجني على نفسك”.
هذه الكلمات جعلت القاعة تضج بالتصفيق والضحكات، قبل أن يدعو في جولة أخرى الناقدين إلى التواضع حين تناولهم جهود المبدعين، ويتذكروا أنهم “تبع لهم وعالة عليهم وليس العكس”.
لكن الناقد “محمد العباس” لم يمهله طويلا؛ إذ قلب عليه الطاولة بغتة وعاجله بالقول: “إنك تتحدث من ذاكرة قوامها صفر، ولست مؤهلا للحكم على النقاد بعد إقرارك بأنك لا تلقي لهم وزنا، ولا تقرأ لها حرفا (..) وفي حالة كتلك لا عجب أن يحمل كلامك مغالطات كبيرة”.
أما الأكاديمية “رانية العرضاوي” فحاولت التهدئة بين الطرفين، بالقول: “الناقد ليس سجانا للنص، وإنما هو العين التي تدل على مفاتنه وجمالياته، وتستوقف القارئ للتأمل في معاني البهاء التي تحتاج عين جمال تبصرها، ومبدع نص ثان يفجرها”.
وأضافت: “تلك هي وظيفة الناقد الحقيقي، أن يبنى الوعي، لا أن يكون جلادا يشوّه بقلمه الأحمر جمال النصوص البريئة، أو سجّانا يقهر الإبداع”.
ثم تبعتها في ذلك الكاتبة “حليمة مظفر”، التي حاولت هي الأخرى توزيع الميراث بين الفريقين بالتساوي، واعتبرت العلاقة بينهما تكاملية.
من جانبه، دعا الروائي “حسين علي حسين” إلى النظر فيما هو أبعد، والنظر إلى الثقافة بوصفها “قوة ناعمة” لبلاده، لا تقل عن النفط والصناعة.
وتعد وزارة الثقافة السعودية (المستحدثة حديثا) الوزارة المشرفة على القطاع الثقافي في السعودية، وكانت تابعة لوزارة الإعلام ثم انفصلت عنها لتصبح وزارة مستقلة بأمر من الملك “سلمان بن عبدالعزيز” عام 2018.
وتهدف إلى تطوير وتنشيط صناعة العمل الثقافي في السعودية وجعلها داعما للاقتصاد في المملكة.
واهتمت المملكة، أخيرا، بتطوير قطاع الثقافة والفنون ضمن “رؤية السعودية 2030”.