أفادت مصادر من الكويت والسعودية، خلال الأسبوع الماضي، بأن عمليات الإنتاج التجريبي للنفط سوف تنطلق في 25 فبراير، في حقل الخفجي الموجود بالمنطقة المحايدة المقسومة بين البلدين.
ويقول الكاتب سايمون واتكينز، في تقرير نشره موقع “أويل برايس” الأمريكي المتخصص بأخبار الاقتصاد والنفط، إن إنتاج هذا الحقل سوف يكون في البداية 10 آلاف برميل فقط يومياً، لكنه سيصل بحلول أغسطس المقبل إلى 60 ألف برميل.
ويضيف الكاتب أن الإنتاج التجريبي في الجزء الكويتي من هذه المنطقة سينطلق أيضاً في أواخر مارس المقبل، وسيكون في البداية 10 آلاف برميل يومياً، ليصل إلى 80 ألفاً بحلول نهاية سبتمبر.
وهنالك مخططات للوصول بالإنتاج في حقل الخفجي إلى 175 ألف برميل يومياً، وفي حقل الوفرة إلى 145 ألف برميل يومياً، في غضون 12 شهراً، وفق الكاتب.
وتساءل الكاتب عن الدافع وراء هذا الحرص السعودي على إعادة تشغيل حقول النفط في المنطقة المقسومة بين البلدين، خاصة أن المملكة تحتاج للإبقاء على سعر خام برنت فوق مستوى 84 دولاراً للبرميل؛ حتى لا تعاني من عجز في الموازنة السنوية كما حدث في العام الماضي.
ويوضح الكاتب أن آخر شيء قد تحتاجه المملكة في الوقت الحالي هو زيادة الإنتاج، ومن ثم انخفاض الأسعار، خاصة أن الطلب على الذهب الأسود قد يتراجع في الفترة المقبلة بسبب فيروس كورونا الذي انتشر في الصين.
ويضيف الكاتب أن السعودية ما تزال تعاني من تبعات الاستراتيجية الفاشلة التي وضعتها في 2014 من أجل خفض الأسعار عمداً، بغاية تدمير قطاع إنتاج النفط الصخري في الولايات المتحدة.
وهي خطة فشلت تماماً، بحسب الكاتب، مشيراً إلى أن الأمريكيين واصلوا إنتاج النفط الصخري مع الضغط على الكلفة، وتضررت دول منظمة أوبك من هذا القرار السعودي.
ويذكر الكاتب أن الرواية السعودية حول دوافع إغلاق حقل الخافجي عام 2014 كانت تشير إلى تسببه بأضرار بيئية جسيمة، لكن الرواية الأخرى تفيد بأن هذا الحقل الذي كان حينها يوفر إنتاجاً ضخماً من النفط والغاز تم غلقه من أجل الضغط على الكويت والتحكم في سياستها النفطية.
وكانت المملكة قد اعتبرت -في الشهور السابقة لذلك القرار- أن الكويت قد تجاوزت حدودها حين زادت من منافستها للسعودية في الأسواق الآسيوية، لدرجة أنها باتت تبيع نفطها لأهم زبائن السعودية في آسيا وبأسعار مخفضة، وفق ما ذكر الكاتب.
وذكر أن الكويت فرضت حينها عوائق على العمليات السعودية في حقل الوفرة الموجود هو أيضاً في المنطقة النفطية المقسومة بين البلدين، لمنع الرياض من تجديد ترخيص شركة شيفرون للعمل في هذه المنطقة.
ويقول الكاتب إن قرار غلق هذه الحقول عام 2014 تسبب بضرر للكويتيين أكثر من السعوديين على مستوى طاقة الإنتاجية.
وعطلت السعودية التوصل إلى أي اتفاق حول هذا الموضوع، خاصة في ظل حرص ولي العهد محمد بن سلمان على عدم إعادة فتح هذه الحقول النفطية؛ لأن رفع الإنتاج سيؤدي لانخفاض الأسعار مجدداً، وهو ما سيسلط ضغطاً إضافياً على الاقتصاد السعودي.
ويؤكد الكاتب أن السبب وراء القرار السعودي المفاجئ إعادة استغلال هذه الحقول النفطية المغلقة يعود -بحسب مصادر متعددة تحدث إليها موقع أويل برايس- إلى هجمات 14 سبتمبر الماضي، التي تعرضت لها منشآت شركة أرامكو، وتبناها الحوثيون.
ويقول الكاتب إن تلك الهجمات التي استهدفت معملين أحدهما هو أكبر معمل في العالم، لم يكشف السعوديون عن الحقيقة بشأنها، وخاصة عن الحجم الحقيقي للضرر الذي لحق بمنشآتها النفطية.
ونقل الكاتب تصريح محلل شؤون الطاقة في مؤسسة “إنرجي أسبيكتس” الأمريكية، ريتشارد مالينسون، الذي قال إثر تلك الهجمات إن من اللافت جداً ما ورد في تصريح وزير الطاقة عبد العزيز بن سلمان، الذي ركز على مسألة “الطاقة الإنتاجية”، ثم لاحقاً حول “تزويد السوق”، “إذ إنهما العبارتان اللتان استخدمهما السعوديون لتجنب الحديث عن الإنتاج الفعلي باعتبار أن الطاقة الإنتاجية والتزويد لا يشيران إلى الإنتاج الفعلي في الآبار النفطية”.
وأضاف مالينسون في تعليقه على التصريحات السعودية: إن “ما يحاول السعوديون فعله من خلال عدم كشف الحقيقة هو حماية سمعتهم كمزود موثوق به، خاصة لدى زبائنهم المهمين في آسيا، ولذلك فإن كل ما يصدر عنهم حالياً يجب عدم الأخذ به كحقيقة مسلم بها”.
وتابع: إن “المهندسين الذين تحدثنا إليهم أخبرونا بأنه بعد حادث من هذا النوع قد يستغرق الأمر عدة أسابيع لتقييم الأضرار فقط، فضلاً عن بداية القيام بالأشغال وأعمال الصيانة. لكن السعوديين تحدثوا عن بضعة أيام فقط استغرقوها لوضع خطة والشروع في تنفيذها لاستعادة الطاقة الإنتاجية كاملة”.
يشار إلى أنه بعد خلاف دام 5 سنوات، نجحت السعودية والكويت في التوصل لاتفاق تاريخي، في ديسمبر الماضي، بشأن استئناف إنتاج النفط للمنطقة المقسومة الحدودية، ما يعزز الإنتاج النفطي للبلدين بنحو 500 ألف برميل يومياً.