خاص: لا أدري هل مر على الناس في بلاد الحرمين أزمة مثل أزمة تبعات مقتل الصحافي الشهيد بإذن الله جمال خاشقجي!! فالبلد محبوس الأنفاس خائف يترقب، ولا ندري أي نموذج سيحل بنا، وشبح عراق صدام وصومال سياد وليبيا القذافي يظهر للناس كثيرًا، وأحسنهم طريقة من يقول: اللهم سلم سلم.
ولم نبلغ هذه الحال المزرية من السلبية المقيتة إلا حين رضينا بموقعنا المتأخر، وأعجبنا بخانة المفعول به المنصوب عليه دومًا، فصارت القرارات تطبخ بين عتاة آل سعود، وتعلن دون أي قيمة لنا أو اعتبار، وليس لنا إلا الرضا والتسليم والسكوت التام كفعل الصم البكم الذين لا يعقلون وهم أضل من الأنعام.
ولا أستغرب موقف الأسرة الحاكمة؛ فهم لا يرون فينا من هو أهل للسؤال فضلاً عن المشاركة، وأحسنهم طريقة يعتبرنا أُجَراء، والغالبية يستقر في نفوسهم أننا عبيد مملوكون لهم، يفعلون بنا ما يشاؤون، ولذلك ينهبون الأموال دون شعور بالإثم، ويعتدون على الأعراض بلا موانع، ويخربون البلد كما يفعل الطفل اللاهي بلعبة ثمينة بين يديه.
ولا يهمني موقفهم وتفسيره، ولست حريصًا على تغييره أو إصلاحه، وإنما المهم هو نظرة الشعب لنفسه، وهل نحن عبيد أم أجراء أم شركاء لنا من الحق والقوة أعظم مما لدى آل سعود وهم في أوج قوتهم، فكيف وملكهم يتزلزل بفعل الصبي المعتوه الأهوج؟!
فمتى نعلم أن الأمر والنهي لنا نحن الشعب؟! نحن الذين نحمي البلد في الأمن والحيش، ونحن العاملون في التجارة والمجتمع، ونحن الموظفون في التعليم والصحة، ونحن الذين نعرف الأسرار المالية والنفطية، ويمكن لبعضنا الدخول على مكامن الأسرار ونشرها ليعلم البقية مستوى الغبن والضرر الذي حل بنا.
ونحن عرب باللسان والدار، ومسلمون أكثريتنا سنة وفينا شيعة، وبيننا المحافظ والحداثي، ولكننا كلنا نجتمع على ضرورة حفظ مصالحنا وأمننا وتحريز ثرواتنا واختيار من يحكم وعزله إذا اقتضى الأمر، ونملك حق مراجعة الميزانية، ومحاسبة المسؤولين، ومحاكمة الأمراء، وغير ذلك مما يضمن للبلد القوة والمكانة والرمزية السامية.
وأما آل سعود فهم بين أمرين: إما أن يقنعوا باعتبارهم جزءًا من البلد ومكونًا واحدًا ضمن مكونات دون حقوق استثنائية، وتحت المتابعة والمحاسبة والمحاكمة على أي خطأ، أو يحجزون لهم ما يناسبهم من مقاعد في مزابل التاريخ، فلن نرضى باستمرار عسفهم وجبروتهم.
ويجب أن ننتقل من واقعة مقتل أبي صلاح إلى تغيير رشيد مناسب يخرجنا من الورطة كي لا يأتي علينا يوم نعاني من حمم حاكم مريض بالعظمة مهووس بالتدمير والقتل، أو يأتي علينا يوم وبلادنا تحت الاحتلال أو التقسيم أو التناحر بسبب عوامل الفرقة التي صنعها آل سعود بيننا، واليد مرفوعة لتجتمع القبائل والعوائل والجهات والمذاهب تحت راية واحدة لا يعلو عليها إلا راية الحق والعدل.