سلطت صحيفة إيرانية الضوء على وساطة العراق بين إيران والسعودية، وذلك لرؤية بغداد أن تحسين العلاقات بينهما سيؤثر على أمن وسلام العراق، وكذلك المنطقة.

وتوقفت صحيفة “آرمان ملي”، عند مخططات ولي العهد السعودي محمد بن سلمان من أجل حداثة المملكة بعد الأحداث العالمية الأخيرة مثل جائحة كورونا، ووضع البترول، بالإضافة إلى الحديث عن جولات المفاوضات بين البلدين، وكذلك عدة أمور أخرى.

 

أبواب مغلقة

وافتتحت الصحيفة مقالتها قائلة: “دخلت المباحثات بين إيران والسعودية مرحلة جديدة، هذا في الوقت الذي تم فيه انعقاد أربع جولات من المباحثات بينهما باستضافة العراق والتي تمت خلف الأبواب المغلقة، وانتشرت أخبار متناقضة عن تفاصيل هذه المباحثات”.

وأضافت أن “مسؤولين عرب يعتقدون أن جائحة فيروس كورونا، وتأثيرها المدمر على الاقتصاد، واختيار جو بايدن كرئيس للولايات المتحدة الأميركية، واستئناف المفاوضات النووية بين إيران ودول الغرب، كل هذه الأمور أدت دورا في تفاقم الوضع”.

ولفتت الصحيفة إلى أن “هذه الأمور الباعثة على الاضطراب، أجبرت زعماء المنطقة على إعادة ترتيب سياستهم الخارجية”.

وتابعت: “يريد ابن سلمان، أن يركز أكثر على خططه من أجل تحديث المملكة بعد انهيار سعر البترول خلال العام 2020، كما تحدث عن رغبته في تحسين العلاقة مع طهران، في المقابل، أقدمت إيران على خفض التوترات”.

وفي الظروف الحالية، “تتقدم إيران بصورة متزامنة في أمري التفاوض؛ المفاوضات النووية في فيينا، والمفاوضات مع السعودية في بغداد”.

وباقتراب الجولة الخامسة من هذه المفاوضات، قال وزير الخارجية العراقي، فؤاد حسين، خلال زيارته إلى طهران، في 22 ديسمبر/كانون الأول 2021، إنهم “سيتفاوضون في مسألة علاقات إيران مع الدول المجاورة للعراق”.

وتؤدي العراق “دورا مهما” في دعم المحادثات بين السعودية وإيران، ويأملون أن تنعقد الجولة الخامسة من المفاوضات بين البلدين، جيث دخلت بغداد من أجل الوساطة بين طرفي النزاع؛ لتسريع الوصول إلى اتفاق.

 

نقطة انعطاف

وذكرت الصحيفة أنه “من المقرر أن يتم استئناف الجولة الخامسة من المفاوضات بين طهران والرياض ببغداد، في أوضاع تعرب فيها جميع الأطراف عن أملها وتفاؤلها نحو تقدم هذه المباحثات”.

وفي الآونة الأخيرة، تحدثت وسائل إعلامية في المنطقة أيضا، عن المفاوضات السرية بين طهران والرياض فيما يتعلق “بكل الملفات موضع الخلاف”.

ومن المتوقع أن تكون نتائج هذه المحادثات مهمة، وتمثل نقطة انعطاف في المنطقة، وتلقي بظلالها على مختلف دول المنطقة، وخاصة لبنان واليمن.

ومن ناحية أخرى، يعتقد بعض المحللين أن “السعودية لا تزال غير جادة في قرارها القائم على تحسين العلاقات بينها وبين إيران، أو أنهم لم يتغلبوا على خلافاتهم في الداخل حول هذا الموضوع، ومن ثم تسبب هذا الأمر في ظهور سلوك متناقض من قبلهم حتى الآن، رغم مرور عدة جولات من التفاوض”.

وقال وزير الخارجية الإيراني، أمير عبداللهيان، بشأن المفاوضات بين إيران والسعودية: “هناك مجموعة من الأمور الإيجابية والسلبية فيما يتعلق بالعلاقات بين البلدين والأمور المرتبطة بهما”.

وأضاف “لقد قام رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، ووزير خارجيته، بجهود كثيرة لإتمام هذه المباحثات، وسنشارك في الجولة القادمة من المباحثات ببغداد على أساس هذا السعي والمحاولات”.

وتابع: “شخصيا أعرب عن شكري لمحاولة العراق حل سوء التفاهم وعودة العلاقات إلى وضعها الطبيعي، نحن على استعداد أن تلتقي اللجان الفنية من سفارات الدولتين مجددا كي تتهيأ بوادر عودة العلاقات بين البلدين إلى وضعها الطبيعي”.

فيما قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، سعيد خطيب زاده: “علاقاتنا مع السعودية والمحادثات بهذا الخصوص تتقدم بإدراك نقاط الاختلاف، وكذلك الأمور المشتركة”.

وأضاف في 27 ديسمبر/كانون الأول 2021، أن “لدى البلدين خلافات واضحة في بعض الموضوعات، ولكننا حاولنا أن نسلك هذا الطريق كي تعود نتيجته بالنفع على البلدين، وكذلك المنطقة، يفترض الكثير أن هذه المفاوضات حساسة بحيث كيف وتحت أي ظروف ستتقدم، وما النتائج التي ستُسفر عنها”.

 

فترة حرجة

وعلقت الصحيفة على التطورات بأن “المباحثات بين إيران والسعودية أجبرت بعض دول المنطقة على التفاعل، ويمكن الإشارة إلى العراق من بينها، حيث اتخذت الخطوة الأولى من أجل إعادة التواصل بين طهران والرياض، وقامت بأنشطة إيجابية خلال الجولات السابقة من المباحثات”.

ونقلت عن مسؤول عراقي (لم تسمه) قوله إنه “منذ بضعة أيام هناك تحركات في مكتب الكاظمي تتم من أجل انعقاد جلسة جديدة بين طهران والرياض في بغداد”.

وأضاف المسؤول أن “وزير الخارجية العراقي، ومستشار الأمن القومي، قاسم الأعرجي، بصدد إنجاز حركات موسعة بنية تهيئة الظروف لانعقاد جلسة جديدة بين إيران والسعودية في بغداد”.

واستطرد: “لقد وافق الطرفان الإيراني والسعودي على انعقاد جولة جديدة من المباحثات، لكن حتى هذه اللحظة غير معلوم إلى أي مستوى سيتشارك البلدان، وخلال الفترة الراهنة تتم العديد من الاتصالات في هذا الإطار”.

وأفاد بأن “محاولة بلادنا تهيئة الظروف لانعقاد مثل هذه الجلسات راجع لاعتقادنا أن تقليل التوتر في المنطقة سيؤثر بشكل إيجابي على الأوضاع السياسية والأمنية في العراق خلال هذه الفترة الحرجة”.

وختم المسؤول العراقي حديثه بالقول: “إذا لم يقع حدث خاص، ولم يظهر أي عائق ستنعقد الجلسة الجديدة بين إيران والسعودية خلال أسرع وقت ممكن”.