سيكون تطبيع السعودية، بصفتها زعيما للعالم الإسلامي السني، مع الكيان الصهيوني أمرا إيجابيا للمصلحة الوطنية الأمريكية، رغم أن الأمر يحتوي على مخاطر بعد طلب السعودية مساعدة واشنطن في تأسيس برنامج نووي سلمي، لكن تلك المخاطر تبقى أقل من خطر خروج السعودية من مجال نفوذ أمريكا بالمنطقة، وتمسكها بحل معقول للقضية الفلسطينية، ويمكن منح واشنطن وتل أبيب سلطات إشرافية صارمة على البرنامج النووي السعودي لضمان عدم عسكرته.

ما سبق كان خلاصة تحليل كتبه نيكولاس سايدل، المدير المساعد لمعهد تحليل التهديدات الاستراتيجية والاستجابة لها، ونشرته مجلة “نيوزويك” الأمريكية.

ويرى سايدل أنه يجدر بالولايات المتحدة أن تساعد السعودية في سعيها للحصول على برنامج نووي مدني مقابل تطبيع العلاقات مع إسرائيل، رغم استمرار رفض المستوى الأمني والعسكري في تل أبيب لهذا الأمر، لكنه يظل في النهاية قابلا للتحقق، بعد فرض ضوابط صارمة تمنع عسكرة “النووي السعودي”، وأقل من مخاطر أخرى على تل أبيب، مثل تمسك الرياض بحل معقول للقضية الفلسطينية، وله فوائد أيضا لواشنطن، حيث سيعيد المملكة إلى مجال النفوذ الأمريكي، بعد أن ابتعدت عنه نسبيا إلى الصين وروسيا.

وفي دلالة على قوة السعودية في المنطقة، يقول الكاتب إنه في أعقاب الصفقة الأخيرة بين المملكة وإيران، بوساطة صينية، بادرت دول أخرى حليفة لواشنطن، مثل مصر والإمارات والبحرين، لتعزيز علاقاتها مع طهران.

 

إصلاح التحالف المناهض لإيران

ويضيف الكاتب أنه من شأن اتفاق سعودي-إسرائيلي تفاوضت عليه الولايات المتحدة أن يصلح التحالف المناهض لإيران الذي اهتز بسبب وساطة الصين بين الرياض وطهران، وقد يشير إلى إيران بأنه يتم اتخاذ إجراءات علنية لتشكيل هيكل أمني إقليمي يهدف إلى مواجهة التدخل الإيراني والمغامرة – وهو قلق مشترك بين كل من إسرائيل والسعودية، وفق ما ترجمه “الخليج الجديد”.

ويشير سايدل إلى أن الاندماج الإسرائيلي في المنطقة، والذي سيكون مختلفا بعد التطبيع مع السعودية، من شأنه أن يعزز الردع الأمريكي ويدها في أي مفاوضات جديدة بشأن برنامج إيران النووي.، كما أنه سيرسل رسالة إلى الصين ودول الشرق الأوسط التي تتطلع الآن نحو الشرق مفادها أن الولايات المتحدة تحتفظ بالأولوية باعتبارها القوة العالمية الرئيسية العاملة في المنطقة.

ويقول إن برنامجا نوويا سعوديا بموافقة أمريكية وإسرائيلية سيعني اعتماد الرياض على المهارات الأمريكية لتقنية والموارد والبنية التحتية المطلوبة لمثل هذا البرنامج، ما سيمنح واشنطن إشرافا وثيقا على ذلك البرنامج، ويعزز شراكتها مع المملكة.

 

أرامكو النووية

وعن طريق تعدين اليورانيوم، تسعى السعودية إلى إنشاء شركة “أرامكو النووية”، لتكون قادرة على تصدير المنتجات والتكنولوجيا النووية في جميع أنحاء العالم.، وذلك ضمن سياسات المملكة للتحول بعيدا عن النفط وفق رؤية 2030 التي وضعها ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان.

ويقر الكاتب بأن هناك مخاوف مشروعة من أن السعودية قد تقوم بعسكرة البرنامج أو بدء سباق تسلح نووي في الشرق الأوسط.

ولكن، بصفتها عضوًا في معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية، فإن السعودية ملزمة قانونًا بعدم السعي لامتلاك أسلحة نووية.

ومع اعتبار إيران سابقة، يعرف السعوديون أن أي جهود عسكرة يمكن أن تؤدي إلى عقوبات وعزلة وتهديد بشن هجوم عسكري على مواقعها النووية.

لكن الكاتب يلفت إلى أن المملكة هددت بالسعي لامتلاك قدرات أسلحة نووية إذا حصلت إيران على قنبلة نووية، معتبرا أن هذا يؤكد على الحاجة إلى تشكيل جبهة موحدة لضمان عدم تحول إيران إلى دولة نووية.

 

مخاوف الكيان الصهيوني

ويرى سايدل أن رفض المستوى الأمني والعسكري في إسرائيل لبرنامج نووي سعودي يمكن حله من خلال منح تل أبيب إمكانية الوصول إلى البرنامج النووي السعودي وممارسة ودور رقابي عليه لتأكيد تطبيق ضمانات واضحة وقابلة للتنفيذ لمنع أي أنشطة إهمال أو خبيثة.

ويقول إنه رغم المخاوف الأمنية الإسرائيلية، فإن تل أبيب ونتنياهو في حاجة ماسة إلى “فوز” سياسي في ظل التقارب الإيراني السعودي ، والوضع شبه المنبوذ الذي باتت تتمتع به إسرائيل، بسبب وصول اليمنيين إلى السلطة والتعديلات القضائية المزمعة، والتي أثارت انقساما داخل إسرائيل، وغضبا بين حلفائها الأمريكيين والأوروبيين.

لكن في حالة إبرام اتفاق تطبيع مع السعوديين مع كون النقطة المحورية هي برنامج نووي سعودي، فإن النتيجة ستكون أقل ضغطًا على إسرائيل فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية. سبق للسعوديين أن أعلنوا أن الدولة الفلسطينية شرط أساسي للتطبيع.

وأردف: يجب على إسرائيل الاستفادة من هذا التحول الجذري في السياسة.

 

تجاوز قلق الكونجرس

ويقول سايدل إن الرفض الذي لا يزال سائدا داخل أروقة الكونجرس لمنح السعودية صلاحية تخصيب اليورانيوم يمكن تجاوزه عن طريق جهود منسقة من قبل جماعات الضغط المؤيدة لإسرائيل والسعودية ، ودبلوماسية بارعة من جانب إدارة بايدن، وتحديد أعضاء الكونجرس على جانبي الممر والتواصل معهم والذين قد يدعمون هذه المبادرة ، مثل ليندسي جراهام (جمهوري عن ولاية ساوث كارولينا) ، وميتش ماكونيل (جمهوريًا عن ولاية كنتاكي) ، وبوب مينينديز (ديمقراطيًا من نيوجيرسي).

ولجذب أعضاء الكونجرس، يجب على بايدن الاستفادة من الطلب النووي الحاد للحصول على تنازلات سعودية بشأن إصلاح حقوق الإنسان، كما يقول الكاتب.