انتقدت صحيفة نيويورك تايمز ما وصفته بتشبث الرئيس الأميركي دونالد ترامب بحليفه ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، وسعت لكشف الأسباب وراء ذلك، رغم تراكم الأدلة التي تشير إلى مسؤوليته عن مقتل الصحفي جمال خاشقجي.
وقالت الصحيفة إن ترامب أبدى تشددا في موقفه الرافض لتقبل أي احتمال يشير إلى أن لمحمد بن سلمان يد في الجريمة.
واعتبرت الصحيفة أن تصريحات الرئيس تلك “شاهد حي” ينم عن مدى استثماره في شخص وريث العرش السعودي، الذي أضحى “محور ارتكاز” سياسة الإدارة الأميركية في الشرق الأوسط -من إيران إلى عملية السلام الإسرائيلية الفلسطينية- إلى جانب أن بن سلمان بات “مشتريا مسرفا” للأسلحة الأميركية حتى لو أن عقود الشراء تلك “لا تجدي نفعا”.
وكانت وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي أي) قد خلصت مؤخرا إلى أن ولي العهد السعودي هو من أمر بقتل الصحفي السعودي المنشق داخل قنصلية بلاده في مدينة إسطنبول بتركيا في الثاني من أكتوبر/تشرين الأول.
ورغم ذلك -تقول الصحيفة- فإن الرئيس الأميركي أسبغ ثناءه على بن سلمان، واصفا إياه بأنه “حليف رائع حقا”، مع أنه أدان قبلها بأيام القادة السعوديين لاقتراف “أسوأ عملية تستر في التاريخ”.
ثم صرح ترامب لاحقا بأنه سينتظر حتى يطّلع على تقرير من إداراته حول مقتل خاشقجي، والمنتظر أن يُسلم إليه غدا الثلاثاء.
لكن صحيفة نيويورك تايمز ترى أن ترامب يقلل من أهمية التقرير على ما يبدو حتى قبل إصداره، ملمحا إلى أنه لن يثبت بالدليل القاطع من المسؤول عن الجريمة في نهاية المطاف، وهو ما ينذر باشتباك مع أجهزة استخباراته.
كما أن ترامب لم يُبد كبير اهتمام بأحد الأدلة الحيوية في القضية، ألا وهو تسجيل صوتي لمقتل خاشقجي كانت الحكومة التركية قد سلمته إلى “سي آي أي”.
وقال في هذا الصدد إنه ليس هناك ما يدفعه للاستماع للتسجيل، لأنه “شريط مؤلم ومفزع”.
وتمضي الصحيفة إلى القول إن ترامب أظهر عنادا بتشبثه بحليفه، حتى أنه لا يريد الاستماع إلى دليل قد يهز ثقته بالرجل ولو أدى ذلك إلى خلافات مع مسؤولي المخابرات في الولايات المتحدة.
فبالنسبة لترامب، يكفي أن محمد بن سلمان نفى -وذلك في اتصالاته الهاتفية معه- أي تورط له في الجريمة.
وخلصت الصحيفة الواسعة الانتشار إلى أن موقف ترامب هذا يؤسس لسياسة خارجية أميركية في طريقها لأن تصبح معزولة يوما بعد يوم، مشيرة إلى أن الاتحاد الأوروبي طالب السعوديين بتقديم “توضيح شامل” بشأن مقتل خاشقجي.
بل إن دولا أخرى -مثل إسرائيل التي وصفت علاقاتها مع السعودية بالإستراتيجية- لا تدافع جهارا عن محمد بن سلمان.
أما الإمارات حليفة السعودية وجارتها، فهي تواقة لتهدئة الحرب التي أشعلها محمد بن سلمان في اليمن حيث تقاتل الدولتان جماعة الحوثي.