تسبب فيروس كورونا المستجد الذي ينتشر في أصقاع العالم بحالة من الخوف والهلع من تحوله إلى وباء عالمي، خصوصاً في المناطق التي تشهد اكتظاظاً واسعاً أو تجمعات جماهيرية.
ومنذ ظهور الفيروس في الصين وتمدده في قارة آسيا وصل إلى العالم العربي (الإمارات والبحرين والكويت وسلطنة عُمان والعراق ولبنان ومصر والجزائر) مصيباً نحو 103 أشخاص تتصدرها دول الخليج بـ 93 إصابة.
وحتى الآن لم تسجل قطر ولا السعودية أي إصابات داخل البلاد بمنطقة الخليج العربي، إلا أن قرابة 6 سعوديات أصبن بالفيروس بالبحرين وسعودياً آخر أعلنت إصابته بالكويت.
وفي إطار ذلك أعلنت السعودية سلسلة من القرارات التي من الممكن أن تؤثر بشكل كبير على خطط المسلمين والاقتصاد السعودي بذات الوقت.
تعليق العمرة والسياحة
وجاء في مقدمة الإجراءات الاحترازية التي قررتها المملكة لمواجهة الفيروس تعليق دخول الأراضي السعودية لأغراض العمرة وزيارة المسجد النبوي الشريف بشكل مؤقت.
وقالت وزارة الخارجية السعودية يوم الخميس (27 فبراير 2020) إن الإجراء هو لتوفير “أقصى درجات الحماية من فيروس كورونا المستجد وسلامة المواطنين والمقيمين وكل من ينوي أن يفد إلى أراضي المملكة”.
كما قررت السعودية تعليق الدخول إلى المملكة بالتأشيرات السياحية للقادمين من الدول التي يشكل انتشار فيروس كورونا فيها خطراً، وفق المعايير التي تحددها الجهات الصحية المختصة بالمملكة.
عمرة
وأضاف بيان الخارجية أنه سيتم “تعليق استخدام المواطنين السعوديين ومواطني دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية بطاقة الهوية الوطنية للتنقل من وإلى المملكة”.
وأشار البيان أنه سيتم “استثناء السعوديين الموجودين في الخارج في حال كان خروجهم من المملكة ببطاقة الهوية الوطنية، ومواطني دول مجلس التعاون الموجودين داخل المملكة حالياً، ويرغبون في العودة منها إلى دولهم، في حال كان دخولهم ببطاقة الهوية الوطنية، وذلك لتتحقق الجهات المعنية في المنافذ من الدول التي زارها القادم قبل وصوله إلى المملكة، وتطبيق الاحترازات الصحية للتعامل مع القادمين من تلك الدول”.
وأكّدت السلطات السعودية أن هذه الإجراءات مؤقتة، وتخضع للتقييم المستمر من قبل الجهات المختصة، كما تجدد دعمها لكل الإجراءات الدولية المتخذة للحد من انتشار فيروس كورونا.
ولفتت الخارجية السعودية إلى أن الجهات الصحية المختصة تتابع عن كثب تطورات انتشار فيروس كورونا المستجد، مؤكدة حرص المملكة على تطبيق المعايير الدولية المعتمدة لوقف انتشار الفيروس ومحاصرته والقضاء عليه.
وبالرغم من انتشار الفيروس بشكل كبير في دول الخليج لا يمكن التأكد تماماً من صحة عدم وجود “كورونا” بالمملكة، خصوصاً أنها ممتدة على مساحة جغرافية واسعة، وأصبح أغلب جيرانها (الإمارات والبحرين والكويت وسلطنة عُمان والعراق) فيها حالات إصابة.
مخاطر متوقعة
وفي المقابل، ستوثر قرارات إيقاف تأشيرات العمرة (أو الحج فيما بعد) على الاقتصاد السعودي أيضاً الذي يعاني من خسارات واضحة، بعد تأثير الفيروس على أسعار النفط، وكشف المملكة عن عجز يصل إلى 50 مليار دولار في الموازنة القادمة.
ويعد انتشار الفيروس في صفوف المعتمرين كارثة إنسانية كبرى فيما لو حدثت، بسبب الازدحام الكبير والتدافع، حيث بلغت أعدادهم في شهر رمضان (2019) نحو (7.2) ملايين معتمر من خارج المملكة، فيما تجاوز أعداد المعتمرين من داخلها مليون معتمر.
وتزداد أعداد المعتمرين في ما يعد موسم العمرة في المملكة بأشهر (رجب وشعبان ورمضان بالتقويم الهجري)، وهو ما يوافق مارس وأبريل ومايو بالتقويم الميلادي لهذه السنة.
ومع انتشار المرض وتمدده من الصين شرق آسيا إلى إيران والخليج العربي في غربي القارة وعدم إيجاد أي دواء له حتى الآن قد يهدد الفيروس بإلغاء أجزاء من موسم العمرة الذي بدأ فعلياً بالمملكة بالإضافة إلى موسم الحج أو تخفيض أعداد الحجاج لأكبر قدر ممكن.
واقترب عدد الحجاج، العام الماضي، من 2.4 مليون حاج، أكثر من 1.7 مليون حاج منهم جاؤوا من خارج المملكة، حيث تستقبل المملكة واحداً من أكبر التجمعات البشرية في العالم بوقت واحد.
وفي موسم الحج تزداد حالات الإصابة بأمراض الجهاز التنفسي مثل الزكام والتهاب الرئة، بالإضافة إلى أمراض النزلة المعوية والإسهال وغيرها من الأمراض التي تعد في غالبيتها معدية، ما يعني زيادة احتمالية الإصابة بكورونا بين الحجيج فيما لو انتشر الفيروس بالمملكة.
خوف ودعوات للتأجيل
ويُخشى في إطار الانتشار المتسارع للفيروس من انتقاله إلى قاصدي الأماكن المقدسة في مكة المكرمة والمدينة المنورة، بالإضافة لصعوبة التعامل مع الأمر في ظل الأعداد الضخمة الموجودة في بقعة صغيرة.
يضاف إلى ذلك انتشار دعوات في عدة دول عربية لتأجيل الذهاب إلى تأدية مناسك الحج والعمرة لهذا العام خشية إصابتهم بفيروس كورونا.
وسبق أن دعا إعلاميون وناشطون سعوديون على مواقع التواصل الاجتماعي إلى إيقاف السماح للقادمين من خارج المملكة لأداء شعائر العمرة؛ كإجراء احترازي.
وقال الإعلامي وحيد الغامدي، يوم الاثنين (24 فبراير 2020)، في حسابه بموقع تويتر: “بعد أسبوعين سيكون وقت (عمرة رجب) التي يعتقد كثير من المسلمين ضرورتها وبعضهم من بلدان انتشر فيها الفيروس”.
وأضاف: “أعتقد مع كورونا قد نحتاج لإيقاف العمرة والزيارة لمدة شهر أو شهرين للقادمين من خارج المملكة، حتى يتبين مصير هذا الوباء”.
فيما علقت الكاتبة أريج الجهني على دعوة الغامدي بالقول: “ليس فقط العمرة كل الرحلات غير المستدعية للعلاج أو يستدعي عليها خسائر مادية فادحة يفترض إلغاؤها، الآن يمكن عقد الاجتماعات عبر التقنيات العديدة، المرض مستأسد وفي نوبة انتشار، ولا زلنا نتعاطى معه باستهتار، بل أحدهم أخذته نوبة شماتة وتندر! تخفيف الزيارات والسلام التقليدي مطلب”.