أعادت الدعوة التي وجهها نائب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، مايك بنس، الأمل إلى أسرة المدوّن السعودي رائف بدوي، المحكوم عليه بالسجن عشر سنوات مع ألف جلدة.
وفي مقابلة مع صحيفة “لوريون لو جور” اللبنانية الناطقة بالفرنسية، شددت زوجة رائف، إنصاف حيدر، على أن دونالد ترامب هو الشخص الوحيد القادر على إطلاق سراحه، بعد فشل القوى الكبرى والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان.
وقالت الصحيفة، إن إنصاف تنتظر، منذ سبع سنوات، عودة زوجها، رائف بدوي، بعد أن حكم على المدوّن السعودي بالسجن 10 سنوات و1000 جلدة بتهمة “الردة وإهانات للإسلام”.
وتبحث الزوجة منذ سبع سنوات عن دعم لإطلاق سراح والد أطفالها الثلاثة، المحتجز في المملكة العربية السعودية منذ يونيو/ حزيران 2012 بسبب نضاله على الإنترنت، من أجل حرية التعبير وتحرير المملكة.
وأوضحت الصحيفة أن إنصاف كانت مضطرة طيلة سبع سنوات، على الاكتفاء بسماع صوت زوجها من وقت إلى آخر، من سجن دهبان حيث يتم احتجازه. وعندما تسأله كيف الحال، يجيب: “لا تسأليني”.
أمل جديد
لم تستسلم إنصاف حيدر أبدًا، لكنها استعادت الأمل منذ دعوة مايك بنس، لإطلاق سراح الناشط البالغ من العمر 35 عامًا، وذلك في 18 يوليو/ تموز خلال مؤتمر حول الحرية الدينية.
ونقلت “لوريون لو جور” عن بنس قوله: “في السعودية، لا يزال المدوّن رائف بدوي في السجن بتهمة انتقاد الإسلام على وسائل الإعلام الإلكترونية، ولذلك فإن الولايات المتحدة تدعو اليوم حكومات كلّ من إريتريا وموريتانيا وباكستان والسعودية إلى احترام حقوق الرأي لهؤلاء الرجال والإفراج عنهم”.
هذا الأمل عبّرت عنه إنصاف حيدر، خلال مقابلة مع الصحيفة الناطقة بالفرنسية، بعد يوم من دعوة واشنطن إلى الرياض، وهو طلب اعتبره المحللون خطوة نادرة من إدارة ترامب تجاه حليفها الإستراتيجي.
وقالت حيدر من مدينة شيربروك في كندا، حيث تعيش مع أطفالها الثلاثة الذين تتراوح أعمارهم بين 12 و16 عامًا، بعد أن حصلت على اللجوء في نهاية أكتوبر/ تشرين الأول 2013 والجنسية الكندية في 2018: “هذا الموقف ينبع لأول مرة من مكتب الرئيس الأمريكي”.
وأضافت: “أود أن ألتقي بالرئيس الأمريكي، إنه الشخص الوحيد الذي يمكنه إطلاق سراح رائف، لأن أحدا لم يستطع الحصول على عفو عن زوجي المحكوم عليه بالسجن لمدة 10 سنوات تليها 10 سنوات من حظر السفر و1000 جلدة وغرامة قدرها مليون ريال سعودي”.
خوف من استئناف الجلد
ولفتت إنصاف حيدر إلى أنه لا القوى الكبرى ولا الاتحاد الأوروبي ولا الأمم المتحدة ولا منظمات حقوق الإنسان، ولا حتى منح جائزة ساخاروف للمدوّن في عام 2015 من قبل البرلمان الأوروبي، التي تمنح للشخصيات الأكثر نفوذا في مجال حقوق الإنسان وحرية التعبير، استطاعوا الضغط على السعودية لإطلاق سراح المدوّن.
وتابعت الزوجة في حوارها: “لقد تم تعليق جلده فقط في الوقت الحالي، في أعقاب موجة من الاحتجاجات العالمية”، وذلك عقب تطبيق أول 50 جلدة على المدوّن في عام 2015 بجدة.
وقالت إنصاف حيدر، إن تأجيل الجلد جاء بعد أن ذكرت لجنة مؤلفة من ثمانية أطباء في تقرير لها أن رائف لا يستطيع تحمل العقوبة البدنية التي كان من المفترض أن تكون أسبوعية.
رفضت الزوجة الخوض أكثر في ظروف احتجاز زوجها، معبّرة عن خوفها من أن تستأنف السلطات السعودية عقوبة الجلد في أي وقت.
كندا تتبنى القضية
أوضحت إنصاف حيدر أن كندا بذلت قصارى جهدها، وزادت قائلة: “لقد فعلت كل ما في وسعها، استقبلتني وأطفالي ومنحتنا الجنسية وساعدت أطفالي الثلاثة وجميعهم قاصرون، قدمت عدة مدن كندية لزوجي الجنسية الفخرية، وطالب رئيس الوزراء جاستن ترودو بالإفراج عن رائف في الرياض، لكن العلاقات السيئة بين البلدين في الوقت الحالي حالت دون ذلك”.
وفي انتظار تحرك الأمور، تواصل إنصاف حيدر النضال عبر طرق الأبواب مع أطفالها، حيث تقوم في مدينة شيربروك التي تبنت بشدة قضية رائف، بتنظيم وقفة أسبوعية، كل يوم جمعة أمام قاعة المدينة، لدعم زوجها.
وذكرت الصحيفة، الناطقة بالفرنسية، أنه في فبراير/ شباط الماضي، شاركت الزوجة في فعالية شهدتها بروكسل، خلال المؤتمر العالمي السابع لمناهضة عقوبة الإعدام، الذي نظمته جمعية “آي سي بي ام” في البرلمان الأوروبي، حيث حثت مرة أخرى أوروبا والهيئات الدولية على التعبئة لإطلاق سراح زوجها، ووعدت بأنها لن تتوقف “ما دام رائف محتجزاً”.
وترى حيدر أن سبع سنوات في السجن طويلة جدًا، قائلة: “هذا يكفي له ولنا، مرت سبع سنوات على اعتقال رائف بينما لم يرتكب أي جريمة. لقد مرت ثمان سنوات وأطفاله لم يروه، لقد دافع فقط عن حقوقه، لقد دافع عن الحرية الدينية وحقوق المرأة ونهاية السلطة الدينية في السعودية”.
أهله تخلوا عنه
وأشارت الصحيفة إلى أنه منذ إطلاق مدوّنته المسماة “الليبراليون السعوديون” في عام 2008، كان رائف هدفًا للإجراءات القمعية من قبل الرياض، إذ تم منعه على الفور من السفر وتم حظر حساباته المصرفية، ولم يعد لديه الحق في القيام بأية إجراءات إدارية.
وقال زوجته، لذلك طلب مني مغادرة البلاد، “عندما كنا في السعودية، لم يقم بأي رد، إذ فضّل أن نكون آمنين، وفي الوقت نفسه، كان مقتنعا بأنها كانت مشكلة سيتم حلها في غضون شهر وأن كل شيء سينتهي بسرعة.
وبيّنت إنصاف حيدر أنها غادرت وأطفالها السعودية أواخر عام 2011، متوجهين إلى مصر ثم لبنان، بينما تم توقيف رائف بدوي في 17 يونيو/ حزيران 2012 وأغلقت مدونته، وسرعان ما تخلى عنه أهله بالكامل في المملكة، وأصبح رائف هو نقطة الاتصال الوحيدة التي تربط أطفاله وزوجته بالسعودية، والوحيدين الذين يتواصل معهم المعتقل.
أفادت الصحيفة أن أول حكم صدر في حق رائف كان الإعدام، ليتم تخفيف العقوبة إلى السجن سبع سنوات و600 جلدة، لكن خلال جلسة النطق النهائي بالحكم تغير الوضع، وحُكم عليه بالسجن عشر سنوات وألف جلدة.
واعتبرت “لوريون لو جور” أن الوجه الضاحك لرائف بدوي أصبح شعارًا لحرية التعبير في العالم، لكن ولي العهد محمد بن سلمان لم يستجب بعد للطلب الأمريكي، بينما إنصاف حيدر، على يقين من أن “الحرية قريبة” لزوجها الذي تحب وأنها ستنتظر “طوال حياتها”.