اعتبرت صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية أن حلفاء الولايات المتحدة في الخليج أصبحوا عامل دعم للرئيس الروسي “فلاديمير بوتين” في حربه بأوكرانيا.
وأشار الكاتب “جوش روجين” في مقال له بالصحيفة نشر الجمعة، إلى أن الجهود التي تقودها الولايات المتحدة لإحباط نشاطات “بوتين” قوضتها دول الخليج الحليف المفترض للولايات المتحدة، السعودية والإمارات.
وأضاف أن الحكام الديكتاتوريين الذين يحكمون دول النفط هذه، يقومون بجني الأرباح من زيادة أسعار النفط والتي تملأ خزينة “بوتين” بالمال وتضر باقتصاد كل من الولايات المتحدة وأوروبا.
وتساءل: “بأصدقاء مثل هؤلاء، من يريد أعداء؟” و”لماذا تمضي إدارة بايدن في اللعبة” معهم؟
وأضاف أن “بوتين” يستخدم الطاقة الروسية كورقة يبتز بها ويعاقب الغرب، في وقت يرفض ولي العهد السعودي “محمد بن سلمان”، وولي عهد أبوظبي، “محمد بن زايد”، الشيء الوحيد الذي يستطيعان عمله، وهو ضخ مزيد من النفط.
وفي الوقت نفسه، يستخدم “بن سلمان” الأزمة في أوكرانيا للضغط على إدارة “بايدن” للتخلي عن وعود الرئيس في حملته الانتخابية بإعادة ضبط العلاقة الأمريكية – السعودية.
وقال إن مدير وكالة “سي آي إيه” “ويليام بيرنز” الذي زار السعودية سرّا الشهر الماضي، هو آخر مثال عن إدارة “بايدن” التي ذهبت حاملة قبعتها في يدها تتسول “بن سلمان” لكي يفتح صنبور النفط.
ويطرح هذا سؤالا مهما: “من تعتبر دول الخليج هذه حليفها، أمريكا أم روسيا؟”.
وأشار الكاتب لما قاله النائب الديمقراطي عن ولاية نيوجيرسي، “توم مالينوسكي”، الأسبوع الماضي أمام منبر سيدونا بمعهد ماكين: “أصبحت السعودية والإمارات اليوم حليفتين لروسيا، من خلال غسل المال الروسي ورفضهما بشكل قاطع ومقصود زيادة معدلات إنتاج النفط”، مضيفا: “هذه لحظة نريد فيها المزيد من الدول لمواجهة خيار: مع أي جانب أنتم؟”.
وقال “روجين” إن إدارة “بايدن” تتراجع عن وعدها باتخاذ موقف متشدد من السعوديين، حتى قبل الحرب في أوكرانيا. فقد استأنفت مبيعات السلاح، وأرسلت مسؤولين بارزين في الخريف لمقابلة “بن سلمان”، الذي تقول “سي آي إيه” إنه أمر بقتل الصحفي السعودي “جمال خاشقجي” (وهو أمر ينفيه ولي العهد).
فرصة ذهبية لـ”بن سلمان”
ولكن الأزمة في أوكرانيا منحت “بن سلمان” فرصة ذهبية، وكان سعيدا بالتحدث مع “بوتين”، لكن الأمير السعودي ونظيره في الإمارات رفضا استقبال مكالمات هاتفية من “بايدن” في مارس/آذار، مع أن كلا البلدين يعيشان تحت مظلة الأمن الأمريكي.
وبحسب الصحيفة فإن ولي العهد السعودي متمسك بموقفه على أمل مقابلة “بايدن” له في الرياض، أو توجيه دعوة له لزيارة البيت الأبيض. ولكن “بايدن” يقاوم هذا لأنه لو حدث، فسيكون بمثابة إهانة له بعدما وعد بجعل السعودية دولة “منبوذة”.
وأضافت أن ولي العهد السعودي يحاول التقرب من الجمهوريين، حيث منح “جاريد كوشنر”، صهر الرئيس السابق “دونالد ترامب”، مليار دولار كاستثمارات في شركة سندات خاصة.
ويعد هذا “خزينة حرب” يمكن لـ”ترامب” استخدامها ضد “بايدن” في عام 2024.
ويتصرف فريق “بايدن” وكأن دول الخليج هي من تملك اليد العليا، وهذا صحيح لو لم تفهم الإدارة في واشنطن من يملك في الحقيقة الأوراق.
ونقلت الصحيفة عن “علي الأحمد”، مؤسس ومدير معهد شؤون الخليج، الذي كتب أن “الولايات المتحدة لديها النفوذ، لكنها لم تظهر استعدادا لاستخدامه، وهم غير مستعدين لتغيير العلاقة، ولهذا فإن بن سلمان هو من يتحكم بالعلاقة”.
وقال إن المدافعين عن هذه الممالك الخليجية يقولون إن السعودية والإمارات تمثلان الاستقرار والإصلاح في منطقة مهددة من الإرهاب وإيران، وإن الولايات المتحدة لا تستطيع تغيير هذه الأنظمة، وعليه، فاتخاذ موقف متشدد سيدفعها إلى أحضان روسيا والصين.
وتساءل الكاتب عن السياسات المحلية والخارجية التي مارستها السعودية وأسهمت في الاستقرار، سواء من ناحية ملاحقة المعارضين أو حرب اليمن. وهل تريد السعودية فعلا نقل اعتمادها على السلاح الصيني والروسي؟ وإذا كان الأمر كذلك، فحظّاً وفيرا لها.
ورأى الكاتب أن فكرة ممارسة الضغط على دول الخليج نجحت في عهد “ترامب”. ففي أثناء حرب أسعار النفط، هدد الرئيس السابق بسحب القوات الأمريكية، ما أدى إلى وقف الحرب هذه. فقد كان “ترامب” يعرف أن استخدام القوة سيثمر عن نتائج.
وقال إن التحالف الراهن بين السعودية والإمارات وروسيا مفهوم، فهذه الدول ترى في الديمقراطية وحقوق الإنسان تهديدا لها. وإذا كان منطق العلاقة الأمريكية مع دول الخليج قائما على أمن الطاقة، على ماذا تحصل أمريكا بالمقابل عندما تتوقف هذه الدول عن الوفاء بالتزاماتها في العلاقة؟
ويقول المدافعون عن “بن سلمان”، إنه شاب سيحكم السعودية لعقود مقبلة، ولو كان هذا هو الحال، فمن الأولى بأمريكا اتخاذ موقف واضح الآن، وإذا كانت تريد السعودية الحفاظ على تحالفها مع أمريكا، فعليها التصرف كحليف.