يبدو أن السعودية مستعدة لتخفيف حصارها على قطر لتحسين علاقتها بالإدارة الأمريكية القادمة بقيادة الرئيس المنتخب حديثا “جو بايدن”.
ومن المقرر أن يلتقي كبير مستشاري البيت الأبيض “جاريد كوشنر” مع ولي العهد السعودي “محمد بن سلمان” في مدينة “نيوم” السعودية هذا الأسبوع، يليه اجتماع مع الشيخ “تميم بن حمد آل ثاني”، أمير قطر.
وبحسب ما ورد تهدف المحادثات مع ولي العهد إلى حل الحصار السعودي المفروض على قطر منذ 3 أعوام، فضلا عن تطبيع العلاقات السعودية الإسرائيلية والتنسيق المحتمل مع إيران.
لكن السعودية مهتمة بضمان مكانتها الجيدة مع سيد البيت الأبيض القادم “بايدن” أكثر من اهتمامها بالحفاظ على علاقتها الوثيقة مع إدارة “ترامب” التي تشهد أيامها الأخيرة.
وبالتالي، من المرجح أن تتنازل الرياض عن الحصار المفروض على قطر، وهي القضية التي ألمح إليها فريق السياسة الخارجية لـ”بايدن” من قبل.
وعلى مدى الأعوام الـ4 الماضية، ساعدت العلاقات الدبلوماسية الوثيقة للرئيس الأمريكي “دونالد ترامب” مع الرياض في حماية المملكة من الدعوات المتزايدة في الكونجرس لإنهاء الحصار في قطر، حيث تستضيف قاعدة جوية كبيرة للولايات المتحدة.
وفي الواقع، شجع “ترامب” لفترة وجيزة الحصار في وقت مبكر من رئاسته في عام 2017، حيث سعت إدارته إلى إعادة تشكيل تحالفات الشرق الأوسط والتوازنات الاستراتيجية من خلال الاعتماد على علاقاتها الوثيقة مع السعودية والإمارات.
غير أن حسابات “بايدن” الأيديولوجية والاستراتيجية تختلف اختلافا كبيرا عن حسابات سلفه، كما يتضح من اختيارات الحكومة، وأشار ترشيحه لـ”أنتوني بلينكن” وزيرا للخارجية، على وجه الخصوص، إلى نية “بايدن” في العودة إلى نهج أكثر تعددية ودبلوماسية في الشرق الأوسط، حيث وعد “بلينكن” بمراجعة استراتيجية العلاقات الأمريكية مع السعودية عند توليه منصبه في يناير/كانون الثاني المقبل.
وتعيد السعودية الآن حساب استراتيجياتها الإقليمية في قطر وأماكن أخرى في محاولة لتعويض الضغط الأمريكي المتزايد من إدارة “بايدن” والمشرعين الأمريكيين.
ومن شأن تقديم تنازلات، مثل تخفيف قيود السفر والتجارة والقيود الدبلوماسية على قطر أن يساعد الرياض على البدء بصورة صحيحة مع إدارة “بايدن”، كما يتكامل هذا مع جهود السعودية لتقليص مشاركتها في اليمن خوفا من أن تزيد إدارة “بايدن” الضغط لإنهاء الحرب الأهلية المستمرة في البلاد.
وكان الحصار جزءا من الاستراتيجيات المتشددة المبكرة لولي العهد “محمد بن سلمان”، التي تهدف إلى تأمين المصالح السعودية في جميع أنحاء المنطقة، لكن انتهى الأمر بالمملكة إلى حد كبير إلى طريق مسدود أو نكسات في اليمن وقطر وإيران.
وللتعويض عن المخاطر التي أوجدتها هذه الحالات من الجمود، تحولت السعودية مؤخرا نحو نهج أكثر تقليدية وأقل مخاطرة تجاه منافسيها الإقليميين، وقد تضمن ذلك الإشارة إلى استعدادها لتقديم تنازلات في الصراع اليمني وتخفيف استراتيجيتها العدوانية ضد إيران.
ومع ذلك، فإن أي إضعاف للحصار سيزيد من الصدع اللاحق بالتنسيق الإقليمي بين السعودية والإمارات، وعملت أبوظبي والرياض معا في ملفات قطر واليمن وإيران، وكذلك في الجهود الأوسع ضد جماعة “الإخوان المسلمون”.
لكن المصالح الوطنية للبلدين أحدثت اختلافات في استراتيجياتهما، ويعتبر حصار قطر، على وجه الخصوص، مفتاحا لهدف الإمارات المتمثل في تخفيض الدوحة لعلاقتها مع جماعة “الإخوان المسلمون”، التي تعتبرها أبوظبي تهديدا أيديولوجيا.
ومع ذلك، ركزت السعودية بشكل أقل على جماعة “الإخوان المسلمون” إقليميا، وتعاونت بدلا من ذلك مع فرعها اليمني، حزب الإصلاح، لتحقيق أهداف الرياض الأوسع المعادية لإيران والحوثيين في اليمن، وقد يؤدي تخفيف التعاون السعودي الإماراتي إلى زيادة تراجع الإمارات في عملياتها المناهضة للحوثيين في اليمن.
وقد تعزز أبوظبي أيضا دعم وكيلها اليمني، المجلس الانتقالي الجنوبي الانفصالي، الذي يطالب بالانفصال بجنوب اليمن والاستيلاء على الأرض والنفوذ على حساب حكومة الرئيس “منصور هادي” المدعومة من السعودية.