سايمون هندرسُن
في ساعات الصباح الأولى من يوم الرابع عشر من أيار/مايو، قامت طائرات مسيرة بدون طيار تحلق على مسافة 500 ميلا من أراضي الحوثيين في اليمن بتنفيذ هجوم على محطتي ضخ لخط الأنابيب “شرق – غرب” في السعودية.
وسارع المسؤولون من مختلف الأوساط إلى التأكيد على دور إيران في التخطيط للهجوم، كونها تدعم الثوار الحوثيين في حربهم ضد الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا وضد شركائها في التحالف في الرياض والإمارات العربية المتحدة.
ويشتبه أيضا في ضلوع إيران في الهجوم الذي استهدف أربع ناقلات نفط كانت راسية في المياه الإماراتية بالقرب من الفجيرة في خليج عمان في 12 مايو/أيار.
وإذا ثبتت صحة هذه الاتهامات، فيعني ذلك أن تلك الهجمات، ببساطتها التكتيكية وأهميتها الاستراتيجية، قد تكون رد طهران الظاهر على الخطوة الأمريكية الأخيرة المتمثلة بنشر مجموعة حاملات هجومية وقاذفات من نوع “بي-52” وقوات أخرى في المنطقة.
علما بأن هذا القرار نفسه نتج عن التهديدات الإيرانية الجديدة التي تم التعرف إليها، وعن رغبة إدارة الرئيس ترامب في فرض قيود أكبر على صادرات النفط للنظام الإيراني.
بيد أن الموقف الإيراني السائد منذ مدة طويلة هو أنه إذا لم تتمكن إيران من بيع النفط عبر ممر التصدير الوحيد لديها، مضيق هرمز، فلن تسمح لأي دولة أخرى [في المنطقة] ببيع نفطها.
ويبدو أن طهران اختارت أهدافها لتذكر حكومتي الرياض وأبوظبي بضعفهما على الرغم من المظلة الأمنية الأمريكية – فخط الأنابيب “شرق – غرب” والخط الإماراتي الذي ينتهي في الفجيرة يشكلان طريقان رئيسيان لا يمران عبر المضيق.
وبشكل عام، توفر السعودية والإمارات وإيران، وجيرانهن في الخليج العربي، العراق والكويت والبحرين وقطر وسلطنة عمان، حوالي عشرين في المائة من احتياجات العالم اليومية من النفط، وتزداد أهمية هذه الدول بصورة أكبر في النفط المتداول تجاريا، لا سيما فيما يخص أسواقها الرئيسية في آسيا.
لكن تلك الأحداث لم تترك أثرا يذكر على أسعار النفط حتى الآن، وربما يعود ذلك إلى استمرار حالة الغموض الاقتصادي التي تحيط بالمحادثات التجارية العسيرة بين الولايات المتحدة والصين. بيد أن أي مواجهة عسكرية مباشرة ستؤدي إلى ارتفاع حاد في الأسعار.
ولا تزال احتمالات حدوث مثل هذا التصعيد غير واضحة حاليا بسبب قلة التفاصيل المعلنة عن حوادث الطائرات بدون طيار والناقلات. فقد صرح وزير النفط السعودي عن اندلاع حريق في إحدى المنشآت بفعل عملية قامت بها طائرة بدون طيار وعن إغلاق خط الأنابيب لإصلاحه. وإذا تأكد دور إيران الرئيسي في العمليات التي قامت بها تلك المروحيات، فستتفاقم الأزمة نوعا ما.
إن اكتشاف ضلوع إيران في واقعة الفجيرة سيؤجج التوترات أيضا. فقد أظهرت الأدلة التصويرية التي صدرت حتى الآن وجود ناقلة نرويجية تعرضت لفجوة في مؤخرتها عند خط الماء نتيجة شحنة متفجرة كبيرة على الأرجح، وقد يستغرق إصلاحها أشهرا طويلة. أما الأضرار التي تعرضت لها الناقلتان السعوديتان وسفينة تزويد الوقود الإماراتية الأصغر حجما فلم تكشف على العلن.
ومع ذلك، لا يضمن تكثيف الإجراءات الأمنية سريعا تفادي الهجمات المستقبلية. فالسفن السعودية كانت راسية على بعد أميال كثيرة من الشاطئ في منطقة تعج بسفن أخرى تنتظر التزود بالوقود وبسفن أصغر حجما أيضا.
ومن المحتمل أن تكون الطائرات الحوثية بدون طيار قد حلقت دون أن يتم كشفها لأن الرادارات السعودية تميل إلى أن تكون أكثر تركيزا على هجمات الطائرات أو الصواريخ.
(في حزيران/يونيو 2017، أطلقت القوات الحوثية صاروخ باليستي إيراني من طراز “قيام” على ينبع، المحطة الطرفية في البحر الأحمر لخط الأنابيب “شرق – غرب”؛ وتم إطلاق سبع هجمات صاروخية أخرى على الرياض بين نوفمبر/تشرين الثاني 2017 ويونيو/حزيران 2018).
من هنا، سيكون من الصعب تحديد الرد الأمريكي المناسب. فبينما توشك حاملة الطائرات الأمريكية “أبراهام لينكولن” ومجموعة [سفنها] الضاربة على الوصول إلى المنطقة، فقد تكون أكثر أمانا في البقاء خارج مضيق هرمز الضيق والسطحي بعض الشيء.
وإذا اعتبرت إيران مسؤولة عما حدث، فمن المتوقع أن يؤيد الحلفاء الخليجيون الرد بشكل حازم ولكنهم قد يرفضون الانجرار إلى مواجهة كبيرة. أما الحلفاء الأوروبيون الذين سبقوا وأعربوا عن قلقهم حيال انسحاب الرئيس ترامب من الاتفاق النووي مع إيران، فمن المرجح أن يسعوا إلى ضبط الأزمة بمبادرات دبلوماسية، خاصة في ظل عدم وجود أدلة دامغة ضد إيران.
ومن جانبها، يبدو أن طهران تشير إلى أنها أرادت إثبات وجهة نظرها أو ربما كانت تسعى ببساطة إلى أخذ استراحة بين العمليات التي تستطيع إنكارها بهدف تقويض الوحدة بين أمريكا وحلفائها إلى حد أكبر.
وفي 14 مايو/أيار، صرح المرشد الأعلى علي خامنئي: “لن تندلع أي حرب. لقد اختارت الأمة الإيرانية طريق المقاومة. نحن لا نسعى إلى حرب، ولا هم يسعون إليها. إنهم يعرفون أنها ليست في مصلحتهم”.
ولكن بغض النظر عن مسار الأزمة، ستتأثر عمليات صنع القرار لدى كافة الأطراف بكيفية تفاعل أسواق النفط العالمية مع التوترات الحاصلة.