نشرت صحيفة تسايت الألمانية تقريرا تحدثت فيه عن تورط ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، في جريمة اغتيال الصحفي جمال خاشقجي، في ظل اتهام وكالة المخابرات المركزية الأمريكية ابن سلمان باغتيال خاشقجي.
وقالت الصحيفة في تقريرها الذي ترجمته “عربي21” إنه في حين تحاول السلطات السعودية تبرئة ولي العهد محمد بن سلمان من دماء خاشقجي، تظهر بين الفينة والأخرى معطيات جديدة حول حادثة اختفاء هذا الصحفي الغامضة.
ففي البداية، قيل إن هذه الحادثة ليست إلا مجرد حدث عابر، وفي وقت لاحق، ادعت السلطات السعودية أن خاشقجي اختطف من قبل مجهول قبل أن تؤكد وكالة المخابرات المركزية الأمريكية أن الصحفي تعرض للاغتيال بأمر من بن سلمان.
وأكدت الصحيفة أن 21 شخصا يقبعون في الوقت الراهن في السجن، من بينهم 15 فردا كانوا ضمن الفريق الذي اغتال خاشقجي بتاريخ الثاني من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، ودعا المتحدث باسم النيابة العامة السعودية إلى إعدام خمسة مشتبه فيهم في التورط في جريمة اغتيال الصحفي السعودي.
وأشارت الصحيفة إلى أنه وفقا لصحيفتي “واشنطن بوست” و”نيويورك تايمز”، توصلت وكالة المخابرات المركزية الأمريكية إلى استنتاج مفاده أن ابن سلمان أمر شخصيا بقتل الصحفي، الأمر الذي من شأنه أن يشوه سمعة ولي العهد وأن يضرب مصداقيته أمام العالم بشكل عميق، وعلى الرغم من ذلك، من المنتظر أن يبقى ابن سلمان في منصبه.
وأوضحت الصحيفة أن نائب الرئيس الأمريكي، مايك بنس، أعلن أن بلاده ستعمل على محاسبة كل المسؤولين عن اغتيال خاشقجي وعلى المحافظة على علاقاتها مع المملكة العربية السعودية في آن واحد. وفي السياق ذاته، شدد وزير الخارجية الأمريكي، مايك بومبيو، على أن العديد من الأسئلة المتعلقة باغتيال الصحفي السعودي بقيت عالقة وعلى أن حكومته لم تصدر حكما نهائيا بشأن هذه الجريمة البشعة، من جهته، أعرب الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، عن ثقته المطلقة في وكالة المخابرات الأمريكية.
وأفادت الصحيفة بأن تقرير المخابرات المركزية الأمريكية أوقع إدارة ترامب في مأزق خاصة وأن ابن سلمان يُعد من أبرز حلفاء الرئيس الأمريكي في الصراع الإيراني، ومن جهة أخرى تُعتبر السعودية من أكبر موردي الأسلحة الأمريكية، وفي المقابل، ترغب الولايات المتحدة الأمريكية في إنهاء الحرب اليمنية في أسرع وقت ممكن وفي رفع الحصار القطري.
وأوردت الصحيفة أنه في مرحلة أولى، أوقفت الحكومة الأمريكية عمليات تزويد الطائرات المقاتلة السعودية بالوقود. علاوة على ذلك، أقدمت الولايات المتحدة الأمريكية على فرض عقوبات على 17 شخصا سعوديا. وفي المقابل، يرغب مجلس النواب الأمريكي في مراجعة العلاقات مع المملكة العربية السعودية، ومن جانب آخر، طالب نواب مجلس الشيوخ المنتمين للحزب الجمهوري السلطات السعودية بإطلاق سراح الناشطين الحقوقيين المعتقلين.
وذكرت الصحيفة أن تقرير وكالة المخابرات المركزية استند إلى مقطع من مكالمة هاتفية جمعت بين خالد بن سلمان شقيق ولي العهد السعودي وسفير المملكة العربية السعودية بواشنطن، والضحية، مبينة أنه “في هذه المكالمة، كان خالد بن سلمان يحاول إغراء خاشقجي بالذهاب إلى إسطنبول بناء على طلب من أخيه ولي العهد، وأبلغ سفير الولايات المتحدة الأمريكية بواشنطن الصحفي بأنه قادر على الذهاب إلى مقر القنصلية السعودية بإسطنبول في أمان بهدف الحصول على وثائقه، وبعد أيام من حادثة الاغتيال، غادر الأمير خالد واشنطن إلى السعودية.
وبينت الصحيفة أن المحققين الأمريكيين استندوا في تقريرهم إلى حجج أخرى من بينها السلطة المطلقة لبن سلمان، حيث لا يستطيع أي مسؤول اتخاذ أي قرار دون استشارة محمد بن سلمان، الحاكم الفعلي للمملكة العربية السعودية، ويتمتع ولي العهد السعودي بصلاحيات واسعة لا سيما وأن والده سلمان شيخ هرم يعاني من العديد من الأمراض وتجاوزته الأحداث، حيث أنه علم بخبر اغتيال خاشقجي بعد 10 أيام من حصول الجريمة.
وفي الختام، أبرزت الصحيفة أن وكالة المخابرات المركزية الأمريكية تستبعد احتمال أن ينفذ طاقم من الضباط عملية اغتيال معقدة وحساسة في دولة أجنبية دون إذن من الملك الفعلي، محمد بن سلمان، وبعد ارتكاب الجريمة، اتصل قائد فريق التفاوض، ماهر مطرب، بأحد المسؤولين وقال له: “أخبر رئيسك بأن المهمة تمت بنجاح”.