خاص: جاء إعلان الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي (سدايا)، شراكتها مع شركة “هواوي” الصينية، في مجال تنمية قدرات الذكاء الاصطناعي، بمثابة إسفين يتوقع أن يحدث توترًا جديدًا في العلاقات السعودية – الأمريكية.
تخوفات أمريكية من التدخل الصيني التقني بالخليج:
بالرجوع لتصريحات أحد المسؤولين الأمريكيين مؤخرًا، حين دعا دول الخليج العربية إلى أن تأخذ علاقتها بالولايات المتحدة بعين الاعتبار عند التعامل مع الصين، في وقت يتصاعد فيه التوتر بين واشنطن وبكين.
بل وتطرق المسؤول نفسه بالتحديد إلى علاقة دول الخليج بشركة “هواوي” بالتحديد، وفق ما نقل إعلام أمريكي، حيث قال: “هناك مخاوف تتعلق بمشاركة شركة هواوي الصينية في بناء جزء من البنية التحتية لشبكة الجيل الخامس في منطقة الخليج التي تستضيف الأسطول الخامس للبحرية الأمريكية وأكبر قاعدة عسكرية أمريكية في المنطقة”.
وتابع أن ذلك “سيجعل التواصل بين القوات الأمريكية والخليجية صعبا”.
كانت الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي (سدايا)، قد أعلنت الشراكة مع هواوي، من خلال توقيع مذكرة تفاهم خلال اليوم الثاني للقمة العالمية للذكاء الاصطناعي، كجزء من الجهود المتواصلة لتعزيز مكانة المملكة ضمن أفضل اقتصادات العالم من حيث تطبيق الذكاء الاصطناعي، كما ذكر بيان للهيئة.
وأوضح البيان أن البرنامج الوطني لتطوير قدرات الذكاء الاصطناعي يهدف إلى دعم الحكومات والمؤسسات ومراكز الأبحاث في المملكة لعقد شراكات مناسبة في مجال الذكاء الاصطناعي، وتعزيز مهاراتها واستكشاف استراتيجيات نمو جديدة من خلال تطبيقات الذكاء الاصطناعي.
وحسب وكالة الأنباء الصينية “شينخوا”، فإن “هواوي” ستوفر لـ”سدايا” خبراتها في الذكاء الاصطناعي في مختلف المجالات، بما في ذلك إدارة المدينة، والطاقة، والصناعة، والرعاية الصحية، والنقل، والخدمات اللوجستية.
أمريكا وهواوي صراع مستمر:
حظرت واشنطن على شركة “هواوي” الوصول إلى المكونات والتكنولوجيا الأمريكية بما في ذلك خدمة “جوجل” للموسيقى، وغيرها من خدمات الهواتف الذكية العام الماضي.
وتعود بوادر الأزمة إلى إعلان الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، منذ وصوله إلى سدة الحكم في عام 2017، ضرورة تطبيق سياسات اقتصادية عادلة، ومواجهة القرصنة الصينية لحقوق المعرفة والملكية الفكرية ولاسيما بالقطاع التكنولوجي، مع فرض رسوم على سلع صينية بمئات المليارات من الدولارات، كان آخرها الرسوم المفروضة على سلع بقيمة تصل إلى 200 مليار دولار ؛ من أجل تشجيع الطلب على المنتجات الأمريكية وتحفيز الاستثمارات الخارجية على العودة إلى البلاد.
وبدأ الصدام الفعلي مع “هواوي” بعد نبأ اعتقال السلطات الكندية، منغ وانزهو، المديرة المالية ونجلة مؤسس شركة هواوي، في 6 ديسمبر/ كانون الأول 2018، بموجب مذكرة فيدرالية وترحيلها إلى الولايات المتحدة للاشتباه بانتهاك العقوبات الأمريكية المفروضة على إيران بتوريد أجهزة اتصالات لها.
وكان لهذه الخطوة وقع سيئ على العلاقات الأمريكية الصينية، حتى وجهت وكالة الاستخبارات الأمريكية اتهامات لهواوي بالحصول على تمويل من أمن الدولة الصيني ووجود علاقات توحي بأن معدات شركة هواوي قد تحتوي على “أبواب خلفية” في شبكات آمنة لاستخدام الجواسيس الصينيين.
ومن وقتها تم تشديد هذه القيود في مايو/أيار عندما منع البيت الأبيض الباعة حول العالم من استخدام التكنولوجيا الأمريكية لإنتاج مكونات لمعدات “هواوي”.
كما شنت واشنطن حملة دبلوماسية لعزل الشركة الصينية، التي برزت كمجموعة رائدة في السباق العالمي للتأسيس لإطلاق الجيل الخامس من الإنترنت فائقة السرعة “5G”.
واستجابت الحكومة البريطانية للضغوط الأمريكية المتزايدة وتعهدت بإزالة “هواوي” من شبكتها لتطوير “5G” بحلول 2027، رغم تحذيرات بكين من أنها سترد على الخطوة.
كما اتخذت اليابان وأستراليا كذلك خطوات لتقييد مشاركة الشركة الصينية في عملياتهما لإطلاق “5G”، بينما ابتعدت جهات مشغلة للاتصالات في أوروبا على غرار “تيلينور” النرويجية و”تيليا” السويدية عن “هواوي” كمورد.
مستقبل العلاقات السعودية – الأمريكية:
وحتى الآن لم يصدر عن الولايات المتحدة أي رد فعل على مذكرة التفاهم تلك، ولكن قد تخضع السعودية لمزيد من الضغط من ترامب خصوصًا قبل الانتخابات الرئاسية الأمريكية، لمنعها من إتمام تلك المذكرة وإلغائها، وعدم المضي فيها.
ولكن يبقى السؤال المهم: هل بعد كل تلك الخطوات السعودية باتجاه الصين، خصوصًا بعد الحديث عن مساعدة تقنية صينية للسعودية في مشروعها النووي، هل لا تزال حالة الرضا الأمريكي عن “ابن سلمان” مستمرة؟ أم هل ستمضي العلاقات السعودية – الأمريكية إلى منحنى آخر تحديدًا في حالة قدوم ضيف جديد للبيت الأبيض كـ”بايدن”؟! كل تلك الأسئلة تجيب عنها تصرفات “ابن سلمان” الرعناء مؤخرًا، ونتيجة الانتخابات الأمريكية.