– تقرير خاص
جاء إعلان الناشط السعودي المعارض، عبدالرحمن السهيمي، عن تشكيل مجلس تنسيقي للمعارضة السعودية، كخطوة اعتبرها مراقبون للشأن الخليجي الأولى من نوعها نحو إيجاد شكل تنظيمي واضح المعالم للمعارضة السعودية بالخارج، وربطها بالمعارضة الداخلية التي بدأت في الازدياد منذ وثوب “ابن سلمان” لكرسي ولاية العهد في 2017، بسبب سياساته الغير منضبطة، والتي أودت بالمملكة في آتون صراعات ومشكلات لا تنتهي.
ورغم أن هذا المجلس لا يهدف إلى إسقاط الملكية السعودية أو إقصاء العائلة الحاكمة، وإنما إلى الضغط باتجاه إقصاء “محمد بن سلمان” من موقعه، والانتقال إلى صيغة “ملكية دستورية” تضم برلمانًا منتخبًا من الشعب، إلا أن المراقبون وصفوا الإعلان عن المجلس بأنه حالة “حراك نوعي منظم” للمعارضة السعودية.
– المجلس وربط معارضة الخارج بالداخل:
آتي الإعلان عن المجلس من الخارج كرسالة لكل المعارضين بالخارج أنه يمكنهم المشاركة فيه من أجل الوصول إلى أهدافه المعلنة، وكذلك جاء الإعلان عن انضمام 3 أمراء من العائلة المالكة السعودية، و15 ممثلاً فاعلاً لقبائل المملكة، بمثابة إعلان عن وجود “ذراع محلية” للمجلس، مما يسهم في الربط بين معارضة الخارج والداخل السعودية، وبلورة أهدافها وآلياتها في اتجاه واحد.
واستفاد مؤسسي المجلس من حالة الغليان التي تنتاب المجتمع القريب من أروقة الحكم في المملكة، لتدعيم هيكله بهم، فالحالة داخل الأسرة المالكة مزرية، فما بين اعتقالات وتقييد حركة وسفر، يعيش أمراء الأسرة المالكة الآن، فالاعتقالات الآن أصبحت علنية، و”ابن سلمان” لم يعد يردعه أحد عن الفتك بكل من يظن أنه قد يكون عقبة في طريقه للعرش.
ويعني مشاركة بعض الأمراء بالمجلس مزيدا من تصدع العلاقة بين “بن سلمان” وأمراء العائلة المالكة من غير “آل سلمان”، وإذا كان تعمية “السهيمي” عن أسمائهم متفهمًا بحكم طبيعة القبضة الأمنية داخل المملكة.
وكذلك علاقة “ابن سلمان” مع القبائل تشهد توترًا، لاسيما بعد مقتل أحد أبناء قبيلة الحويطات مؤخرًا على يد قوات أمنية بحجة مقاومته إزالة منزله لصالح أعمال الإنشاء الخاصة بمدينة نيوم، التي يعول عليها “ابن سلمان” كثيرًا في إسناد خطته الاستراتيجية “السعودية 2030″، فإن نجاح مجلس المعارضة في مهامه من شأنه أن يضيف المزيد من الضعف إلى جبهة “ابن سلمان” الداخلية.
– أوراق ضغط بيد المجلس:
يعد إبراز المجلس لاسم الأمير “أحمد بن عبدالعزيز”، الأخ الشقيق الوحيد الباقي على قيد الحياة للملك “سلمان”، ورقة ضغط بيده، لاعتبارين؛ الأول يتعلق بكونه أحد من كشفت التقارير اعتقاله مؤخرًا رغم تلقيه وعودًا غربية بحمايته قبل عودته من منفاه الاختياري بلندن عام 2018، بناء على دعوتين من الملك، الذي أرسل له وفدًا للاجتماع به في العاصمة البريطانية لهذا الغرض.
كذلك للأمير “أحمد” شعبية داخل الأسرة المالكة، تجعل من طرح اسمه عامل جذب لكثير من الأمراء، فهو الأمل الذي يعول عليه الأمراء المعارضون لتصحيح مسار المملكة والعودة بها إلى صيغتها التاريخية لتوزيع السلطة بين كافة فروع “آل سعود”، وهو ما عبر عنه “السهيمي” بدعوته لتسمية ولي عهد جديد، وتوجيه طلب بهذا الشأن إلى الملك.
كذلك يمثل عنصر العلاقات الدولية ورقة ضغط آخرى بيد المجلس، وهو ما كشفت عنه أكثر من إشارة لـ”السهيمي” في تسجيله المرئي، منها حديثه عن مخاطبة البرلمانات الإسلامية والدول الخليجية، وكذلك أعضاء في الكونجرس الأمريكي، بالإضافة إلى أعضاء في البرلمان الأوروبي، وتأكيده على وجود 17 دولة إسلامية “مؤيدة لتوجه أعضاء المجلس، الذين ينتظرون أن تكون البداية من الملك سلمان”، في إشارة مبطنة أن المجلس الجديد يحظى بتأييد بعض القوى الإقليمية والدولية، التي ضاقت ذرعًا بسلوك النظام السعودي.
ويعزز هكذا استنتاج تصريح “السهيمي” بأنه يملك اسم “المتعاون المحلي” الذي تعامل مع جثة “خاشقجي” وسيسلمه للأمم المتحدة، مشيرًا إلى أن هذا الشخص “لم يذكر قط في ملفات القضية في تركيا ولا في السعودية”.