عُرف بدعمه للقضايا العربية والإسلامية وخاض تحركات عديدة لمناصرة الشعب الفلسطيني ومناهضة إسرائيل، واعتقلته السلطات السعودية في سبتمبر/أيلول 2017 على خلفية اتهامه بالتعاطف مع قطر ومناصرة جماعة الإخوان المسلمين.
الداعية والأكاديمي السعودي “عوض القرني”، الذي عادت أخباره لتشغل حيزا من حديث الرأي العام في السعودية، عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
جاء ذلك تفاعلا مع تقرير كانت قد نشرته صحيفة “الجارديان” البريطانية، تضمن تفاصيل عن محاكمة الداعية ومطالبة النيابة السعودية بإعدامه، لارتكابه جرائم مزعومة بما في ذلك امتلاك حساب على “تويتر” واستخدام تطبيق “واتسآب” لنشر أخبار معادية للمملكة”، على حد تعبيرها.
وتفيد الصحيفة أنها اطلعت على وثائق المحكمة، وعلى تفاصيل التهم الموجهة للداعية بمساعدة ابنه “ناصر”، الذي فر من المملكة العام الماضي، ولجأ إلى بريطانيا وطلب اللجوء.
وحسب الوثائق التي استندت إليها “الجارديان”، فإن أبرز التهم الموجهة لـ”القرني” هي “إنشاء حسابات عبر مواقع التواصل الاجتماعي والاستخدام الواضح لتطبيق تلجرام في نشر الادعاءات”.
وتشير الوثائق أيضا إلى أن “القرني” اعترف بالمشاركة في محادثة على “واتسآب”، واتهم بنشر مقاطع فيديو أشاد فيها بالإخوان المسلمين.
و”عوض بن محمد القرني” داعية وأكاديمي سعودي، ولد عام 1957 بمحافظة القرن في منطقة عسير، جنوب غربي المملكة.
حصل على الدكتوراة في الشريعة الإسلامية وعمل أستاذا بجامعة الملك خالد، كما عمل في المحاماة، وله العديد من المؤلفات في أصول الفقه.
ويعد “القرني” من أشد خصوم الحداثة والعلمنة في الساحة السعودية، وكتابه “الحداثة في ميزان الإسلام” الذي ألفه في سن مبكر، واعتبر فيه أن الحداثة هي مذهب فكري وليس فقط منهج فني أدبي، أحد الكتب التي أحدثت ضجة كبيرة في المشهد الثقافي السعودي، خصوصاً أنه حمل تقديم أكبر مرجع ديني في البلاد في ذلك الوقت، الشيخ “عبدالعزيز بن باز”.
له العديد من المحاضرات والمقابلات الصحفية والتلفزيونية والمقالات، كما وقع وشارك في إعداد العديد من البيانات والتي تدعم القضايا الإسلامية وأبرزها بيان الـ26 عالماً عقب احتلال العراق وبيان المناصرة للشعب الفلسطيني.
وكان صوت “القرني” مرتفعا على الدوام في المطالبة بمحاربة الفساد في المملكة، ولا يتواني في الدعوة لرفع سقف الحرية السياسية فيها، حتى أصبح إعلاميو السلطات السعودية يعتبرونه “رأس” جماعة الإخوان المسلمين في البلاد.
و”القرني” مدرب وعضو في الاتحاد العالمي لمدربي البرمجة اللغوية العصبية، ورئيس الاتحاد السعودي للبرمجة اللغوية العصبية، ويشرف على موقع “الجسور” كموقع إلكتروني على الشبكة العنكبوتية للبث المباشر صوتا وصورة.
عرف عنه دعمه للقضايا العربية والإسلامية وخاض تحركات لمناصرة الشعب الفلسطيني، وكان يعرف عن آرائه في المحاضرات العامة واللقاءات التليفزيونية.
كان له موقفا واضحا للتضامن مع معتقلي الرأي، ومنهم الشيخ “يوسف الأحمد” الذي اعتقل في 2012.
اعتُقل “القرني” في سبتمبر/أيلول 2017، في أول حملة قمع أعقبت صعود ولي العهد الأمير “محمد بن سلمان”، تحت مسمى “الإصلاح”، والقضاء على “تيار الصحوة”.
ويقبع “القرني” في المستشفى منذ أغسطس/آب 2019، بسبب تدهور حالته الصحية والنفسية، وسط اتهامات حقوقية للسلطات في المملكة، بالتكتم على وضعه.
وفي مايو/أيار 2020، قال حساب “معتقلي الرأي” المعني بقضايا المعتقلين في المملكة، إن الاتصالات مع “القرني” منقطعة تماما منذ الربع الأول من العام 2020، لافتة إلى أن صوته كان متعبا في آخر اتصال له”.
وفي سبمبر/أيلول 2018، طالبت النيابة العامة القضاء في المملكة بإصدار حكم “القتل تعزيرا” ضد “القرني”، وذلك بعد يومين فقط من مطالبة مشابهة لكل من الداعيتين “سلمان العودة” و”علي العمري”.
لكن فريقاً من المراقبين يرى أن الرياض لن تغامر بإعدام أي من الشخصيات الدينية البارزة التي تعتقلها في وقت تسعى للترويج لنفسها كبلد منفتح مستقطب للاستثمارات الغربية والمقارّ الإقليمية للشركات العملاقة وأيضاً كوجهة سياحية.
وبينما تصر وسائل الإعلام الموالية للحكومة في السعودية على تصوير “القرني” على أنه “إرهابي خطير”، يقول معارضون للحكومة إنه كان مفكراً مؤيداً للإصلاح ولديه متابعة قوية عبر السوشال ميديا تبلغ نحو مليوني متابع في “تويتر” فقط.
وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، ينظر بعض المغردين لـ”القرني” و”العودة” على أنهما من شيوخ “تيار الصحوة”، الذي يتهمونه بـ”نشر أفكار ومناهج منحرفة تحرض على العنف والغلو”.
لكن ثمة من يصف “القرني” بأنه “رجل متعدل وصاحب رؤية إصلاحية تدعو إلى الوسطية وتنبذ التطرف”.
واعتبر مغردون أن الاتهامات الموجهة إليه “ما هي إلا شماعة تبرر تصرفات الحكومة السعودية”.