شن كاتب سعودي هجوما حادا على شعوب دول عربية (لم يسمها)، متسائلا عن سبب حملها مشاعر كراهية ضد المملكة، بحسب زعمه، قبل أن تحذف صحيفة “عكاظ” المقربة من السلطات المقال من موقعها الإلكتروني.
ويشبه ما حدث في مقال الكاتب “محمد الساعد”، الذي حمل عنوان “لماذا يكرهوننا؟”، ما فعلته صحيفة “الجمهورية” المصرية، بمسح مقال رئيس تحريرها “عبدالرزاق توفيق”، والذي كان يهاجم السعودية (دون تسميتها)، قبل أن يتم حذف المقال.
وسرد “الساعد” روايته لسبب كره الأوروبيين للولايات المتحدة، رغم أن الأخيرة حررتهم من المستبدين على غرار الزعيم النازي “أدولف هتلر”، وكذلك عن سبب كره الصينيين لأمريكا، رغم أن الأخيرة هي التي ساهمت في تطوير صناعات بكين، بحسب قوله.
وقال “الساعد” إن الصورة تبدو مقاربة بالنسبة لشعوب عربية (لم يسمها) تجاه السعودية، مضيفا أن “في هذه البقعة من العالم وأقصد الشرق الأوسط، تعيش كثير من الشعوب على الكراهية والحسد والجحود ونكران الجميل، إنها سياسة الانشغال بالآخرين ومحاولة إعاقة نجاحهم لم ينعتق منها هذا الشرق التعيس، تسببت في كل هذه الحروب والدماء والفشل”.
وتطرق “الساعد” إلى الرئيس المصري الأسبق “جمال عبدالناصر”، الذي كان يهاجم السعودية باستمرار، مضيفا أنه وغيره ممن خاضوا “حروبا عبثية مع إسرائيل”، ساهموا في تحويل فلسطين التاريخية إلى “مجرد بقع سكانية على الخريطة”.
وأضاف: “أما اقتصادات بلدانهم المليئة بالخيرات والأنهار والمواقع الاستراتيجية فحدث ولا حرج، ابتداء من الفشل في توظيف الإمكانات والمميزات التي حباهم بها الله، وليس انتهاء بالتعثر في بناء اقتصادات أو أفكار تنتج المال والوظائف”.
وتابع في إشارة إلى تدهور اقتصاد دول عربية: “بقوا (أصبحوا) عالة على دول الخليج يصدرون فشلهم الاقتصادي لليوم”.
ومتحدثا عن مصر والعراق وسوريا واليمن، قال “الساعد”: “لم يتوقفوا عند ذلك، بل فشلوا حتى في إنتاج دولة وطنية واحدة قادرة على بناء نفسها، دول تحولت إلى (فقاسات) للانقلابات في بغداد ودمشق وصنعاء والقاهرة، تمسي الشعوب على ملكية وتصبح على مجلس قيادة ثورة بأشكال وأنواع لا تتحدث إلا بالمسدس والبندقية”.
وأضاف: “يجب ألا ننسى أن الكراهية والحسد الموجهين للخليجيين وأموالهم هما ما أنتجا احتلال العراق للكويت، لقد كانت في أصلها فكرة شريرة تقول: إن نفط الخليج وأموال الخليج ليس لهم وحدهم، بل إن جميع العرب شركاء فيه، مع أنهم لم يشاركوا أهل الخليج في أنهارهم ومزارعهم وثرواتهم الطبيعية”.
وتابع متهما شعوبا عربية بالحقد على السعودية: “لقد كان التشفي في احتلال الكويت، والانخراط السياسي والشعبي -من بعض العرب- في دعم الاحتلال، وصولاً إلى طلب إبادة السعوديين والخليجيين بالكيماوي هي حقيقة ما تخفيه الصدور”.
واستطرد “الساعد” قائلا، إن السعودية وقفت مع هذه الدول، لكن لم ترد الأخيرة المعروف بمثله، مضيفا أنها “أوقفت إنتاج نفطها من أجلهم، دفعت الأموال لهم، واشترت الأسلحة لصالحهم، بل وأرسلت أبناءها للقتال معهم في حروب الاستقلال والتحرير، لقد حاول السعوديون -قدر جهدهم- تحسين أحوال جيرانهم العرب ومدوهم بالأموال وبرامج التنمية، واستقدموا عشرات الملايين من العمالة العربية التي أعادت ضخ المليارات في اقتصادات بلدانها، ومع ذلك فقد بقي الجحود مقيماً في نفوس الكثيرين، ويبقى السؤال الكبير: لماذا يكرهوننا؟!”.
وتسبب مقال “الساعد” في سخط واسع على مواقع التواصل الاجتماعي، إذ قال مغردون إن توقيت المقال بعد التراشق الإعلامي الأخير بين كتاب مصريين وخليجيين، يدل على وجود أزمة فعلية بين القاهرة وعواصم الخليج.
وأوضح مغردون أن نشر مقال يبث الكراهية بشكل علني، يثير تساؤلات عن الهدف من ذلك، كما لفتوا إلى أن حذف المقال بعد هذا الجدل، يشير إلى أن “الرسالة وصلت”، على غرار مع حدث مع مقال رئيس تحرير صحيفة “الجمهورية” المصرية.
وجاء مقال “الساعد”، بعد أيام من تقديم الرئيس المصري “عبدالفتاح السيسي” اعتذارا ضمنيا للسعودية، عن إساءات أوردتها وسائل إعلام مصرية، واصفا التقارير بشأن أزمة في العلاقات بين البلدين بأنها “فرضية غير موجودة”.
كما سافر “السيسي” إلى الإمارات، للمشاركة في القمة العالمية للحكومات في إمارة دبي، في محاولة لتهدئة الخواطر مع السعودية، وفق صحيفة “العرب” الإماراتية، التي قالت إنه “بدا واضحا شعور الرئيس المصري بوقع التعاطي الإعلامي في بلاده مع قضية المساعدات، ولذلك سعى في كلمته أمام قمة الحكومات إلى إظهار أن ما حصل تصرفات معزولة ولا تمثل التوجه الرسمي”.
وكان اتفاق صندوق النقد الدولي الأخير مع مصر وتململ السعودية الواضح من الالتزام بمواصلة تقديم المساعدات للقاهرة، قد أشعل شرارة التراشق الإعلامي بين الطرفين.
وقبل أسابيع، أفادت مصادر صحفية بوجود “أزمة” تعتري العلاقات بين القاهرة والرياض على خلفية توجه الاستثمارات السعودية المرتقب ضخها في السوق المصرية، حيث ترغب الرياض في الاستثمار بشكل أكبر في القطاع الخاص، بينما ترغب القاهرة في الحصول على استثمارات مباشرة في الشركات الحكومية، وهو ما ترفضه المملكة لأنها ترى هذه الشركات غير مربحة، بحسب المصادر.
كما أثار وزير المالية السعودي “محمد الجدعان”، الجدل حين قال إن “عهد المنح والمساعدات غير المشروطة لبلاده قد ولَّى”، وإن المملكة ستربط استثماراتها اللاحقة بـ”خطوات إصلاحية”، وهو ما اعتبره مراقبون إشارة مبطنة إلى بعض الدول المستهلكة للمساعدات السعودية، وعلى رأسها مصر.