سلطت الأكاديمية السعودية “مضاوي الرشيد” الضوء على موجة الاعتقالات التي شنها ولي العهد “محمد بن سلمان” مؤخرا، وطالت أكاديميين ومغردين وناشطات، فيما عرف باعتقالات حملة نوفمبر.
واعتبرت “الرشيد” في مقال مطول بصحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية، أن الحملة الأخيرة هي آخر دليل على أن ولي العهد يشعر بالجرأة على ترويع مواطنيه.
وأرجعت السبب في ذلك إلى الدعم الذي يقدمه شركاء “بن سلمان” الغربيون، خاصة الإدارة الأمريكية.
وأشارت إلى أن الرئيس الأمريكي “دونالد ترامب”، منح الرياض تفويضا مطلقا، ليس فقط للإفلات من جريمة قتل الصحفي “جمال خاشقجي”، لكن أيضا لاحتجاز الناشطين والكتّاب.
وذكرت “الرشيد” أن جميع المعتقلين الجديد يشتركون في تهمة واحدة (من وجهة السلطة السعودية) وهي “جريمة الصمت”، التي التزمها جميعهم منذ وصول “بن سلمان” إلى السلطة 2017 وتجنبوا نقده لكنهم لم يقدموا الدعم الحماسي للأمير ومبادراته.
وقالت إن شخصية “بن سلمان” باتت منزهة عن النقد، ويجب على المواطنين عبادتها بشكل دائم، فمن يفشل بتقديم البيعة (لابن الملك) يرتكب “جناية الغفلة”.
الديكتاتورية علامة سائدة بالمنطقة
وأشارت “مضاوي” إلى أن بين المعتقلين الصحفي “بدر الراشد” (أفادت أنباء بالإفراج عنه اليوم) وهو من العروبيين الجدد الذين فصلوا فكرة العروبة عن الأيديولوجيات المهترئة التي بررت للديكتاتورية.
واعتبرت أن عروبيا جديدا مثل “الراشد” سيعثر على طرق للجمع بين الوطنية والالتزام بالوحدة العربية الإقليمية، ورؤية كهذه ستنافس شعارات “محمد بن سلمان”، مثل (السعودية أولا) و(السعودية أكبر)، وهي شعارات تردد الهتافات الشعبوية لـ”ترامب” في واشنطن.
وبينت الكاتبة أن “رؤية محمد بن سلمان الجديدة تجاه الوطنية السعودية لا تهتم كثيرا بالوحدة الاقتصادية الإقليمية، وتركز على شن الحروب، كما في اليمن والتدخل في الثورات العربية وإفشال المسار الديمقراطي، وشعار (السعودية أكبر) يعني بقاء الديكتاتورية علامة سائدة ليس في المملكة فقط، لكن في المنطقة كلها؛ لأن العظمة مرتبطة دائما بنجاة الحكم المطلق”.
واستدركت الكاتبة بأنه “رغم فشل الموجة الأولى للانتفاضات العربية، لكن التهديد بحركات احتجاج، التي تزداد قوة في العراق ولبنان والجزائر وبقية الدول، هو تذكير بأن الانتفاضات تغلي دائما تحت السطح”.
وتابعت: “فوحدة المظالم العربية عبر الحدود تلاحق ولي العهد، كما هو حال حلفائه الديكتاتوريين في القاهرة والبحرين وأماكن أخرى”.
إصلاح ديكتاتوري
ولفتت الكاتبة إلى أن “الأمير استهدف كتابا شبابا آخرين بسبب ما كتبوه سابقا على منصات التواصل الاجتماعي، الذين حاولوا البحث عن رؤى جديدة تتعلق بالسياسة العامة والقضايا الإقليمية”.
وأضافت أن محتجزين، وهما “فؤاد الفرحان” و”مصعب فؤاد” (أفرج عنهما اليوم)، أنشآ “رواق” وهي أكاديمية مفتوحة وحرة لتدريب الطلاب والمدرسين، فمبادرة مستقلة كهذه تعد خطيرة لأن مخالب “بن سلمان” لم تطلها.
وتبين “مضاوي” أن “الإصلاح الديكتاتوري الذي عززه ولي العهد لا يتسامح مع المبادرات الشبابية التي تقع خارج نطاقه، فليبراليته تقضي بأن يكون الترفيه والفن تحت سيطرته”.
وعقبت: “من هنا فإن النسوية الشرعية هي تلك التي يصادق عليها، أما بقية المفاهيم النسوية الأخرى والحركات فيتم تجريمها وسجن المدافعات عنها مثل لجين الهذلول”.
قمع مستمر
ونوهت الكاتبة إلى أن “الوطنية السعودية، كما يراها الأمير، تشترط أن تكون السعودية للسعوديين، ما يعني فصل السعودية عن تراثها الذي هو جزء من المنطقة العربية، ولأن الكتّاب الذي اعتقلوا في الحملة الجديدة لديهم مواقف مختلفة فيجب إسكاتهم و(تنفيس) رؤيتهم”.
وقالت إن “محمد بن سلمان يقود السعودية إلى لا مكان، فخطته لإحياء الاقتصاد تتعثر، ولم تنجح خطة الاكتتاب العام لشركة أرامكو بتعبئة الدعم الدولي نظرا لعدم ثقة المستثمرين”.
وتختم الكاتبة “مضاوي الرشيد” مقالها بالقول إن “محمد بن سلمان سيواصل حملات احتجاز وتعذيب الناشطين والناشطات النسوية طالما سكت رعاته في واشنطن عن تجاوزاته، وستزيد حملات الاعتقال مع فشل مشاريعه العملاقة؛ لأنه سيشعر بالتوتر حول مستقبله بصفته (ابن الملك)”.