أثار إعلان ترويجي لمسلسل يتحدث عن اليهود في منطقة بالخليج العربي، جدلاً واسعاً على وسائل التواصل الاجتماعي، بين من اعتبره ترويجاً للتطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي ومن اعتبره عملاً درامياً يستعرض حقائق عاشتها المنطقة.
ويُظهر إعلان مسلسل جديد يحمل اسم “أُم هارون” قصة تبدو جديدة على الساحة الخليجية الدرامية، في حين يسيطر فنانون كويتيون على دور البطولة تتقدمهم “حياة الفهد”؛ وهو ما دفع البعض إلى التساؤل عن الهدف من طرحه، تزامناً مع محاولات لترويج التطبيع للحياة مع اليهود والعلاقة مع “إسرائيل” بمنطقة الخليج.
ويحكي المسلسل الذي تعرضه قناة “إم بي سي”، المعروفة بعرض قصص مثيرة للجدل خلال السنوات الأخيرة، قصة امرأة يهودية عاشت في الكويت أو البحرين (لم يعرف حتى الآن) أو منطقة خليجية أخرى خلال فترة زمنية محددة (يرجح أنها في الثلاثينيات)، ويحمل بُعداً فانتازياً في قالب من الأحداث المتشابكة والحبكة الدرامية التي تحمل رسائل مبطنة عن اليهود ومعاناتهم.
ويُظهر المقطع الترويجي حديثاً عن قصص حب بين مسلمين ويهود، وحاخامات يرتدون ثياباً يهودية، وطرق التعبد في ديانتهم، بالإضافة إلى شرارة الصراع بين اليهود وفئات المجتمع التي يغلب عليها المسلمون.
وحاول صنّاع المسلسل تنويع أبطاله بين دول الخليج وأبرزها الكويت، فالعمل من بطولة الكويتيين: حياة الفهد، ومحمد جابر، وفخرية خميس، وسعاد علي، وفاطمة الصفي، ومحمد العلوي، وفرح الصراف، وآلاء الهندي، والإماراتي أحمد الجسمي، والسعودي عبد المحسن النمر.
ويضاف إليهم الأردني من أُم كويتية فؤاد علي، والعراقية المقيمة في الكويت روان الصايغ، ومن تأليف البحريني علي محمد شمس، وإخراج المصري محمد جمال العدل.
مخالف لتوجه الكويت
وسيعرَض المسلسل في شهر رمضان المقبل على قناة “إم بي سي” السعودية التي تتخذ من دبي الإماراتية مقراً لها، في حين ذكرت مصادر كويتية مطلعة لموقع “الخليج أونلاين”، مفضِّلةً عدم ذكر اسمها، أن الحكومة الكويتية رفضت عرضه على محطاتها في البلاد.
ورغم عدم الكشف عن بنوده وما يعرضه من معلومات تاريخية، من شأن مسلسل بهذا التوجه وهذا الكمّ من المشاركة الكويتية فيه، أن يثير انتباه السلطات الكويتية التي تتبنى موقفاً ثابتاً يرفض كل أشكال التطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي أو يروج له.
ويرى رئيس “رابطة شباب لأجل القدس العالمية”، الكويتي طارق الشايع، أن هذا المسلسل “ليس مسلسلاً كويتياً؛ بل هو من إنتاج شركات خليجية خاصة، يضم ممثلين فيه من الكويت والسعودية والإمارات وغيرهم، وأن المسلسل -كما بلغنا- يحكي قصة امرأة يهودية عاشت بالبحرين في الثلاثينيات”.
وأضاف “الشايع” في حديث مع “الخليج أونلاين”، أنه “إذا حصل وعرض المسلسل في حواراته ما يهدف إلى التطبيع أو الإشارة بأن هناك حقوقاً يهودية داخل الكويت ومطالبات بإعطائهم هذه الحقوق! فيقيناً ستتم محاكمة الممثلين الكويتيين على هذا الطرح، حسب القانون الكويتي”.
وأكد الناشط الكويتي في شؤون نصرة القدس، أن موقف القيادة السياسية بالكويت ممثلة بأمير البلاد الشيخ صباح الأحمد ومجلس الوزراء ومجلس الأمة، “واضح ولا يمكن تجاوزه لا من فنانين ولا غيرهم، بأن الكويت ضد التطبيع بكل أشكاله؛ والقانون الكويتي لا يسمح لكائن من كان بأن يروج للتطبيع مع الصهاينة أو العمل معهم سواء بشكل مباشر أو غير مباشر”.
وأشار إلى أن “الوجود اليهودي كديانة انتهى أمره في الكويت، ولا يوجد لهم أثر وليست لهم أي حقوق؛ ومن سيطالب أو يدعي غير ذلك سنكون له بالمرصاد، وسنحرك أدواتنا القانونية وهي من حقنا في الدفاع عن سمعة الكويت وأمنها”.
وبخصوص وجود أي تراث يهودي في الكويت، شدد “الشايع” بحزم، على أنها “ادعاءات لا أساس لها من الصحة”، مؤكداً أن أي “مطالبات بتراث أو غيره؛ أو ادعاء بشكل مباشر أو غير مباشر، أن الكويت ظلمت اليهود وأن لهم حقوقاً وغيره ستتم محاسبتهم من خلال القانون”.
ولفت في حديثه لـ”الخليج أونلاين”، إلى أن “دولة الكويت قد سنت القوانين اللازمة في شأن مقاطعة هذا الكيان الغاصب أو من يروجون للتطبيع معه، منها ما نُشر في جريدة “الكويت اليوم” (الجريدة الرسمية لدولة الكويت) لسنة 1967 “مرسوم.. بإعلان قيام الحرب الدفاعية بين دولة الكويت والعصابات الصهيونية بفلسطين المحتلة”.
وبخصوص المرسوم قال “الشايع”: إن المرسوم الأميري “قائم وجارٍ العمل به إلى هذه الساعة ولم يتم إلغاؤه، حيث وصف الصهاينة بالعصابات وفلسطين بالمحتلة”، مشيراً إلى ورود اسم سمو أمير دولة الكويت الحالي، الشيخ صباح الأحمد، في المرسوم، إذ كان وزيراً للخارجية آنذاك.
جدل وتضارب آراء
وعلى الطرف الشعبي، كانت هناك ردود فعل متباينة منها غاضبة من المسلسل والقائمين عليه خصوصاً من الكويت، وأخرى لا ترى فيه إلا رواية درامية بحتة تهدف إلى لفت الانتباه.
وقال الصحفي الكويتي سعد السعيدي في تغريدة له نشرها على “تويتر”: إن “مسلسلاً يعرَض في رمضان القادم، يتحدث عن يهود الكويت في الأربعينيات من القرن الماضي. فما الرسالة والهدف الذي يريد أن يوصله هذا المسلسل.. صحيح هناك فرق بين الديانة اليهودية، والصهيونية لكن هذا الفرق ليس واضحاً للعوام.. أظنه مقدمة تطبيع ثقافي، وزرع فكرة في العقل الباطن هي أن الأمر طبيعي”.
من جانبه علق علي الحميد على التغريدة ذاتها، قائلاً: “لا، التطبيع ليس هدفاً مطلقاً، الهدف إثبات حقهم في الأرض… قبولنا لهذه المسلسلات إقرار بأنهم سكنوا هنا؛ ومن ثم لهم حق العودة… وإن غداً لناظره قريب”.
في حين قالت الأكاديمية بجامعة الكويت “إيمان طعمة المطير”: إن “مسلسلاً في رمضان تشاهده وأنت أخمص البطن رقيق القلب، يتكلم عن اليهود، ليعيد برمجة عقلك الباطن فتتعاطف معهم”.
وترى دانة العتيبي قائلة: “لا أستطيع أن أفترض حسن نية بعرض مسلسل (أم هارون) هالسنة، مسلسل كامل يدور حول العائلة اليهودية الكيوت الطيبين، فيه تمييع للأمور، خصوصاً أن الشريحة المستهدفة ما تفرق بين اليهودي والصهيوني ويعتبرنهما واحداً”.