أصدرت مؤسسة “إمباكت” الدولية لسياسات حقوق الإنسان ورقة بحثية حول الإطار القانوني لتأسيس مجموعات حقوق الإنسان في السعودية، حددت فيها خطوات واجبة التنفيذ لتحسين وضع الحقوق بالمملكة، وتوصيات لدور فاعل من المجتمع الدولي في سبيل ضمان الحريات.
ووصفت “إمباكت” السعودية بأنها “دولة ليس لديها تمثيل رسمي للعامة؛ مثل وجود برلمان منتخب، كما لا يملك مواطنوها أي وسيلة للتأثير على صنع القرار”.
وقالت المؤسسة، في ورقة بحثية لها ترجمها “الخليج أونلاين” اليوم الأحد: إنه “في ظل النظام القائم في السعودية يصبح الجانب التنظيمي للمجتمع المدني بالغ الأهمية باعتباره قناة رئيسية ينقل من خلالها المواطنون مواقفهم إلى الحكومة، في ظل غياب الهياكل السياسية الرسمية”.
وأشارت إلى أنه عندما لا يتمتع الشباب- الذين يشكلون نحو 60% من السكان في السعودية- بصوت رسمي، ويملكون فقط وسائل إعلامية اجتماعية، فإنهم يرغبون في أن يكون لهم رأي في حياتهم وسياسات البلد الاجتماعية والداخلية والخارجية.
وكان القانون الأساسي في السعودية أنشئ وفقاً للنظام القائم، وذلك بموجب المرسوم الملكي الصادر عن الملك الراحل فهد بن عبد العزيز في عام 1992 لأول مرة في العصر السعودي الحديث.
وأنشئ القانون الأساسي مع العائلة المالكة، وبعد ذلك أصدرت بعض الأوامر المطلوبة لتنفيذ المواد بما يرسخ غياب صندوق الاقتراع.
نظام الحكم
وتتألف العائلة المالكة السعودية من 4000 عضو، من بينهم نحو 60 عضواً يشاركون في القرارات السياسية الرئيسية.
والنظام السياسي والقانوني السعودي يدور حول محور عائلة واحدة، إذ إن السعودية من بين الدول النادرة التي سميت باسم عائلتها الحاكمة، “ما يدل على أن ارتفاع مكانة هذه العائلة يعتبر أكثر تفوقاً على أي شيء آخر”، بحسب المؤسسة.
ووفقاً للقانون الأساسي يورَّث الحكم لأبناء الملك المؤسس عبد العزيز بن عبد الرحمن الفيصل آل سعود، ومن ثم إلى أحفاده، في حين لا يوجد دور متوقع للمواطنين السعوديين باستثناء طاعة الملك وولي عهده.
وتفتقر السعودية إلى أي دور عملي للمواطنين في الهيكل القانوني للنظام الحاكم، سواء عبر المنظمات غير الحكومية أو النقابات التي تفعّل شؤون حقوق الإنسان.
وتجدر الإشارة إلى أن أول انتخابات بلدية في تاريخ السعودية جرت عام 2005 كخطوة أولى لفتح الطريق أمام تشكيل الأحزاب السياسية.
لا مجال لمؤسسات حقوق الإنسان
وتناولت الورقة البحثية لمؤسسة “إمباكت” قيود تكوين الجمعيات في السعودية، إذ لا تزال منظمات حقوق الإنسان والتجمعات السلمية للنشطاء في الأماكن العامة محظورة في المملكة.
وتعرض نشطاء حقوق إنسان لعقوبات قاسية بالسجن على خلفية تأسيس جمعيات، من بين هؤلاء محمد العتيبي وعبد الله العطاوي اللذان حكمت عليهما المحكمة الجزائية المتخصصة، في يناير 2018، بالسجن 14 سنة و7 سنوات على التوالي، بتهمة “المشاركة في إنشاء منظمة والإعلان عنها قبل الحصول على إذن”.
وفي مايو 2018، أعيد اعتقال محمد البجادي، العضو المؤسس للجمعية السعودية للحقوق المدنية والسياسية (ACPRA).
وفي السياق تحمل أعضاء جمعية الحقوق المدنية والسياسية في السعودية، وهي واحدة من منظمات حقوق الإنسان المستقلة القليلة في السعودية، وطأة الاضطهاد.
فمنذ عام 2013 حوكم جميع الأعضاء المؤسسين الأحد عشر، وحُكم عليهم بالسجن، وتبع ذلك حظر السفر بسبب نشاطهم في مجال حقوق الإنسان، وأمرت السلطات بإغلاق المنظمة.
وتطرقت الورقة البحثية لمؤسسة إمباكت الدولية لسياسات حقوق الإنسان لدور المجتمع الدولي إزاء واقع حقوق الإنسان في السعودية.
وأوصت الورقة البحثية بضرورة إقامة الحكومة السعودية شراكات مع المجتمع المدني والمنظمات غير الحكومية والقطاع الخاص لتنفيذها ومتابعتها، مؤكدة أن مثل هذه الشراكة مهمة للغاية، لأنها ستوفر معلومات حديثة حول ما يجب القيام به.
وأوصت الورقة البحثية المجتمع الدولي بأن يضع حملات القمع المستمرة على المنظمات غير الحكومية في السعودية كبند ثابت في جدول أعمال المناقشات الثنائية مع المسؤولين السعوديين.
ودعت المجتمع الدولي إلى بذل المزيد في التنديد بالمضايقات المستمرة لمنظمات المجتمع المدني في السعودية، ومن ضمن ذلك خلال اجتماعات مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة.
وحثت الورقة البحثية على تعديل قانون الأحوال المدنية لحظر قمع النشاط السلمي في السعودية، خاصة فيما يتعلق بالمطالبة بخدمات التعليم والعمل، والحصول على الخدمات والبرامج الحكومية والخاصة.
ودعت إلى تدريب القضاة وموظفي المحاكم في السعودية لتنفيذ قانون الحماية من العنف والتمييز وإصدار مبادئ توجيهية واضحة بشأن معايير الإثبات والعقوبات، وفقاً للالتزامات الدولية للمملكة.
وشددت على الحاجة إلى تنظيم حملات توعية وبرامج تثقيفية لتعزيز الحقوق وتوعية المواطنين السعوديين بحقوقهم القانونية، والكف عن تقييد أو تجريم عمل المدافعين عن حقوق الإنسان، والإفراج على الفور ودون قيد أو شرط عن جميع المدافعين عن حقوق الإنسان المعتقلين، مع السماح لهم بممارسة حقوقهم في حرية التعبير وتكوين الجمعيات والتجمع السلمي.
كما حثت الورقة البحثية على الامتناع عن تجريم الأنشطة المشروعة للمدافعين عن حقوق الإنسان في السعودية، وإلغاء جميع القوانين والسياسات التي تحد من أنشطتهم وحقوقهم، ومن ضمن ذلك قانون مكافحة جرائم الإنترنت لعام 2007، وقانون الجمعيات لعام 2015، وقانون العقوبات لعام 2017 لجرائم الإرهاب ومبادئه، وقانون الصحافة والمطبوعات لعام 2000.
ودعت كذلك إلى سن قوانين وسياسات تعطي كامل القوة والتأثير لإعلان الأمم المتحدة الخاص بالمدافعين عن حقوق الإنسان، وتحمي الحق في الوصول الآمن دون عوائق إلى آليات حقوق الإنسان الدولية، وتحظر أعمال الترهيب والانتقام ضد المدافعين عن حقوق الإنسان.