خاص: يتكاثر في خطاب المعارضة السعودية التبشير بأن النظام السعودي في طريقة إلى الانهيار، وأنه في مراحله الأخيرة، ولا شك أن النظام قد استجمع كثيراً من أسباب سقوط الدول التي بُسطت في مظانها، إلا أن مقام التنظير مختلف عن مقام التنزيل على حالة بعينها كما في النظام السعودي.
ومن الملاحظ أن تعليق النفوس بانتظار هذا السقوط الذي قد يأتي بفعل فساد النظام دون السعي لبذل الجهد في عمل الممكن تجاه زيادة الوعي بمسؤولية الفرد تجاه هذه البلاد، والحفاظ على ثرواتها ومقدراتها، وفك الارتباط بين الحكومة المستبدة والوطن المكلوم بها يجعل صورة بعض المعارضين سلبية لتصور البعض أنهم مجرد حكواتية لا مشروع لهم.
هنا لا يستطيع المنصف إنكار حجم التضحيات التي عانتها رموز المعارضة في سبيل فكرتها، إلا أن هذا المنصف فضلاً عن المتابع البسيط لن يؤمن بمشروعية خطاب المعارضة بمجرد التضحية السابقة للرموز، بل ولن يتحمس للمشاركة في فعاليات المعارضة إذا لم يكن الخطاب الموجه له يحمل أجندة يستطيع الجميع القيام بها، فلا يصح أن تكون مغادرة البلاد بقصد المعارضة، أو الصدع بكلمة الحق في وجه المستبد من داخل البلاد هي الخيارات المتاحة فقط للجمهور المستهدف، ولماذا لا يكون من أولويات الخطاب السعي نحو زرع بذور الإصلاح في مؤسسات البلاد التي قد لا تدوم لمن يحكم اليوم، لتكون البلاد جاهزة إذا تهاوى النظام لفساده الداخلي؟!
إن تقديم خطاب جماهيري يراعي الفكرة المشار إليها كفيل بإذن الله في رص الصفوف من داخل البلاد معها، وحشد الطاقات للقيام بها، وحينها ستكون المنجزات مكتسبات مجتمعية حقيقة لا مجرد فعاليات مكررة من فعاليات الاستبداد الممجوجة، وسنكسب حينها صلاح حال البلد حتى لو لم يسقط النظام لأن التحدي هو إصلاح الأحوال أما النظام فهو واجهة متغيرة ليست ثابتة.