نشرت منظمة “القسط” لحقوق الإنسان السعودية، رسالة من الناشط المعتقل، خالد العمير، أرسلها من داخل محبسه، يطالب فيها بإنقاذ معتقلي الرأي بالمملكة.

بحسب المنظمة، فإن الرسالة يصف فيها “العمير” مثوله أمام المحكمة القضائية المتخصصة في 8 سبتمبر 2020، حيث اتهمه الادعاء العام بقيادة حملة لأجل وضع دستور، وإنشاء وسم لها على موقع التواصل الاجتماعي تويتر.

وجاء في الرسالة أن “العمير” مثل أمام المحكمة مكبّل القدمين، ورفض الرد على مزاعم الادعاء العام بسبب حرمانه من حقوقه الأساسية وانحياز المحكمة، وقالت له المحكمة أنّها ستقر بالتهم إن لم يرد عليها، ومحاكمته القادمة ستعقد في 23 ربيع الثاني 1442ه الموافق 8 ديسمبر 2020م وقد ينطق فيها بالحكم.

لم تكن هذه أول مرة يعتقل فيها “العمير”، ففي 1 يناير 2009 اعتقل في الرياض بعد مشاركته في مظاهرة سلمية متضامنة مع غزة واعتقل معه آخرون منهم المدافع عن حقوق الإنسان محمد العتيبي، وحكم على العمير على خلفية هذا الاعتقال بالسجن لمدة ثماني سنوات وحكم على العتيبي بالسجن لمدة ثلاث سنوات.

وهذا هو نص البيان:

البيان الثالث: أنقذوا معتقلي الرأي

 

عندما يمثل صاحب رأي في بلادنا أمام القضاء يجد نفسه أمام خصم لا أمام قضاء مستقل يحكم بين خصمين. لأن القضاء في بلادنا يقوم على أساس فكرة أحادية لا تؤمن أصلًا بتعدد الآراء، ولا بالحق في الرأي المخالف ولو قليلًا عن رأي السلطة، فما رأيكم بالرأي المعارض لها .. لذا؛ لا يمكن أن يكون هذا القضاء إلا منحازًا للسلطة في تصوره وحكمه.

 

ففي يوم 8 سبتمبر 2020م مثلت أمام المحكمة المتخصصة بقضايا الإرهاب، واستمعت لدعوى النيابة العامة ضدي والتي تتهمني فيها بقيادة حملة الدستور، وإطلاق هاشتاق #الشعب_يريد_دستورًا_جديدًا…وبعد أن قرأ المدعي العام لائحته طلبت من القاضي الذي يفترض أني قد أصبحت في ولايته بمجرد مثولي أمامه أن يطلق سراحي بكفالة حتى أستطيع أن أدافع عن نفسي وأنا حر الإرادة، لأني الآن أعامل من قبل أمن الدولي كجاني وليس كمتهم، وذكرته بنص المادة الأولى من (النظام الأساسي للحكم) القاضية بأنه (القضاء مستقل ولا سلطة لأحد عليه)، إلا أن القاضي أقر بعدم استقلاله بقوله أنه (لا يملك الصلاحية بإطلاق سراحي، وأني في ولاية النيابة العامة، وهي من يملك الصلاحية في ذلك)، فقدمت الطلب للنيابة في نفس الجلسة فرفضته بدورها أيضًا .. رغم أن أمن الدولة والنيابة العامة قد تراجعتا عن محاكمتي بقانون الإرهاب الذي قُبض علي وسُجنت وحرمت من حقوقي بموجبه، واستعاضتا عنه بمحاكمتي بموجب قانون مكافحة الجرائم المعلوماتية، والذي لا تعتبر مخالفته من الجرائم الكبرى الموجبة للإيقاف .. وبناء على هذا التقدير في موقف أمن الدولة والنيابة العامة فإن المحكمة المختصة بقضايا الإرهاب لم تعد مختصة بالظر في قضيتي بل المحكمة العامة، والتي تجري محاكماتها مع إطلاق سراح المتهم.. مع الإشارة أيضًا إلى أن القضاء العام (العادي) يقوم على نفس الفكرة الأحادية التي لا تعطي إطلاقًا الحق في التعبير المجرد عن الرأي إن خالف رأي السلطة، كما هو الحال في المحكمة المختصة بقضايا الإرهاب.

 

لذا، فإني أعلن رفضي الاستمرار في هذه المحاكمة ما لم أحصل على كافة حقوقي كمتهم، والتي نصت عليها جميع الأنظمة المحلية والمعاهدات الدولية كما أشرت في بياناتي السابقة، وعلى رأس هذه الحقوق إطلاق سراحي بكفالة، وعلنية الجلسات، أمام قضاء مستقل يمسك بزمام نفسه، ويقوم على مبادئ حقوق الإنسان، والتي من أهمها حق الإنسان في التعبير عن آرائه بأي طريقة، ووسيلة، ووقت، دون خوف أو وجل .. لأن القضاء بصورته الحالية قضاء مسيس دون أدنى شك.

 

وإني لأرفع هذا البلاغ إلى المجلس الأممي لحقوق الإنسان، مجددًا دعوتهم لزيارتنا في سجن الحائر للإطلاع على الانتهاكات التي تعرضت لها شخصيًّا ويتعرض لها غيري من معتقلي الرأي في سجون النظام السعودي، والانتهاكات التي تمارسها معنا النيابة العامة والمحكمة المختصة من إطالة أمد الاحتجاز التعسفي، امتدادًا وإكمالًا لما يقوم به جهاز أمن الدولة من الاحتجاز لمدد طويلة خارج القانون، الأمر الذي يثبت أن هذه الأجهزة ما هي إلا مسميات متعددة لجهاز قمعي واحد، تعمل بـتنسيق وتكامل لقمع الشعب بواجهة قانونية مزعومة، وهذا ما يقر بها بقائي وغيري في السجن للآن.

 

إن هذا الواقع المرير يدفعني مواصلة المطالبة بكتابة دستور جديد لبلادنا تكون مرجعيته الميثاق العالمي لحقوق الإنسان وملحقاته ويقوم على الفصل التام بين السلطات ويكفل الحقوق والحريات، وعلى رأسها حرية الاعتقاد، وحرية المعارضة السياسية، وحرية الرأي والتعبير، وينهي استبداد الحكم الفردي المطلق، ويضمن العدالة للجميع .. فمن حقنا كشعب أن نعيش كغيرنا من شعوب العالم؛ أحرارًا في بلادنا وأنفسنا كما خلقنا الله..لا سجناء في صمتنا الخائف من أصواتنا، ونهرب من ظلنا.

 

خالد العمير

سجن الحاير السياسي / عنبر 3 – زنزانة 7.