معتذرا بحجم الإنفاق من ميزانية الدولة على حقوق المواطن الأساسية وتداعيات جائحة كورونا، فرض النظام السعودي طوال السنوات الأخيرة مزيدا من الضرائب ورفع أسعار السلع والخدمات، وأثقل المقيمين بالرسوم.
ليتفاجأ السعوديون في 12 ديسمبر/كانون الأول 2021، بإقرار الرياض ميزانية المملكة للعام الجديد 2022، بتوقع إيرادات إجمالية بـ1045 مليار ريال (نحو 278.6 مليار دولار)، مقابل إنفاق بـ955 مليار ريال (نحو 254.7 مليار دولار).
ما يعني تحقيق السعودية، أكبر مُصدر للبترول في العالم، فائضا لأول مرة منذ عام 2013، يقدر بـ90 مليار ريال (24 مليار دولار)، مستفيدة من ارتفاع أسعار النفط وفق وكالة رويترز.
وقابل ناشطون عبر تويتر هذه الأرقام باستهجان وسخرية، مؤكدين أنها مجرد أرقام ونسب يتم تصديرها للإعلام بينما الواقع الذي يعيشه السعوديون والمقيمون بالداخل يثبت أنها خادعة وغير دقيقة.
وطالبوا عبر مشاركتهم في وسمي #ميزانية_السعودية2022، #ميزانية_السعودية، بحق الشعب في الاطلاع على أوجه صرف أموال الموازنة، وطرحها للرقابة الشعبية.
وأكدوا أن الشعب يعاني أزمات اقتصادية متفاقمة، بينها ارتفاع الضرائب وأسعار السكن ومعدلات البطالة وشح الوظائف، مشيرين إلى بدء النظام منذ سنوات تطبيق سياسات تقشفية لتخفيف الضغط على الميزانية.
وطالبوا بإنهاء هذه السياسات ما دامت الميزانية الجديدة بها فائض، طارحين الأزمات التي يعانون منها لتوجيه أموال الفائض إن وجدت وصحت الرواية الرسمية إلى علاجها.
واتهم آخرون النظام السعودي بتعمد تغييب الوعي الاقتصادي من خلال اعتقال خبراء الاقتصاد في السجون منذ تولي محمد بن سلمان ولاية العهد في يونيو/حزيران 2017.
وذكر ناشطون بأبرز الخبراء الاقتصاديين المعتقلين في سجون ابن سلمان، بينهم الخبير عصام الزامل، وحمزة السالم، وجميل فارسي، وطالبوا بإطلاق سراحهم لتفنيد الميزانية المعلنة.
ميزانية كاذبة
وتعليقا على إعلان الميزانية، قال حزب الأمة الإسلامي السعودي إن بيانات النظام السعودي حول الميزانية غير صحيحة إطلاقا وتفتقر إلى أبسط أبجديات الشفافية والمصداقية ولا حاجة لمتابعتها أو مراجعتها في ظل نظام قمعي استبدادي.
من جانبه، كتب المغرد ناصر العربي: “ولا رقم صحيح ذو مصداقية، الأرقام ليست واقعية وليس لها أدنى قيمة، لسبب بسيط وهو عدم وجود جهة وطنية شعبية تراقب المال العام”.
وتساءل: “أين الاقتصادي حمزة السالم، عصام الزامل، جميل فارسي؟”.
وكتب حساب آخر باسم “ولد الوطن حر”: “محمد بن سلمان يضع شماعة جائحة كورنا عائقا لا زال الاقتصاد يتعثر بسببها، ورغم ذلك يوجد فوائض وضرائب وغلاء أسعار ورسوم مبالغ فيها ولا يريد التحفيف عن المواطن”.
وأضاف: “تعبنا من كذبك، صارح الشعب لا حد أكل مال الشعب إلا أنت”.
تغييب الاقتصادين
وبرز حديث الناشطين عن المعتقلين الاقتصاديين، الذين حذروا من تدهور الأوضاع الاقتصادية، وطالبوا الشعب بالادخار تحسبا للأزمات الاقتصادية القادمة، أبرزهم الخبير عصام الزامل.
والزامل معتقل ضمن حملة اعتقالات سبتمبر/أيلول 2017، بتهمة “السعي لبث أفكار من شأنها الإضرار بأمن المملكة”، ليصدر بعدها حكم ضده بالسجن مدة 15 سنة.
الناشطة الحقوقية أريج السدحان، شقيقة المعتقل عبدالرحمن السدحان، طالبت بالحرية للزامل، مشيرة إلى افتقاد خبرته في هذه الأوقات.
وأوضحت أن كل من كانوا يتحدثون عن الاقتصاد بمصداقية وحرص على وطنهم تم سجنهم وتلفيق التهم عليهم بمسمى الإرهاب والإضرار بأمن المملكة، مؤكدة أن الوعي الاقتصادي والحقوقي من حق المواطن.
وفي نفس الاتجاه، نشر مغرد آخر مقطعا مصورا للزامل يتحدث فيه عن الواقع الاقتصادي القادم، متوقعا إغلاق بعض الشركات، خاصة بعد رفع الدعم وفرض رسوم على العمالة، والتباطؤ في النمو الاقتصادي، وانخفاض القوة الشرائية خلال 4 أو 5 سنوات.
وأشار حساب باسم “أزهار الربيع” إلى أن الذنب الذي ارتكبه الزامل أنه انتقد وحذر الشعب من مشاريع بن سلمان التي لم يجن الشعب ثمارها إلى هذه اللحظة.
غياب الشفافية
وصب ناشطون آخرون غضبهم على النظام السعودي واتهموه بالفساد وتبديد ثروات البلاد، مستنكرين عدم مشاركة الشعب في إقرار الميزانية أو طرحها للمحاسبة أو الشفاقية.
واعتبرت الناشطة الحقوقية السعودية حصة الماضي، إعلان الميزانية السعودية كعدمه؛ لأنه لا يوجد مشاركة شعبية ولا محاسبة أو شفافية، والسلطة هي من يسيطر ويتصرف بالمال العام وتستأثر به وتحرم الشعب منه.
من جانبه، أكد الصحفي السعودي المعارض تركي الشلهوب أن الميزانية السعودية مجرد أرقام، لا يحق لأحد أن يتأكد من صحتها ولا أن يسأل أين تذهب هذه الأموال وكيف تنفق.
ورأى حساب باسم ضرغام نجد أن غالبية ردود الشعب مع إعلان الميزانية العامة للدولة تنم عن سخط كبير في دواخلهم جراء الوضع الاقتصادي المتردي الذي من مسبباته الرئيسة السلطة ونهجها.
وأضاف: “لهذا لا بد أن يعي النظام أن هذا الجيل بات مدركا بأن كل أزماته تكمن من رأس النظام”.
واتهم حساب آخر باسم الصندوق الأسود، آل سعود بخداع الشعب بإعلان الميزانية السعودية 2022، لكنها في الحقيقة هي ميزانية لمخصصات آل سعود والشعب لم يستفيدوا منها شيئا.
مطالب شعبية
فيما أخذ ناشطون الأمر من زاوية مختلفة، وطالبوا بإصلاحات حقيقة وملموسة، ما دامت الميزانية الجديدة ستوفر فائضا لم تحققه منذ 2013.
وأكدوا أن هذا الفائض من جيوب الشعب الذي جمعته الدولة في شكل ضرائب ورسوم.
وقال المغرد عبدالرحمن السحيمي: “طالما الفائض من الميزانية 90 مليار ريال حان الوقت للشعب المطالبة بتخفيض أسعار البنزين والكهرباء والماء والضرائب وإعادة بدل غلاء المعيشة وحل مشكلة البطالة والإسكان”.
وأوضح مغرد آخر، أن أولويات الشعب ومطالبهم هي عيشة كريمة، ووظيفة برواتب جيدة، وأسعار معقولة، وخفض أسعار البنزين والكهرباء، وخلق مشاريع يستفيد منها المواطنون.
فيما أشارت المغردة مناحي القحطاني إلى أن الضرائب مفروضة على الشعب بنسبة 15 بالمئة، والأسعار ارتفعت 8 بالمئة، والبطالة أكثر من 14 بالمئة، مؤكدة أن الميزانية معدلة من جانب الشعب وليس الدولة.
وعلى نفس الوتيرة أكد المغرد سليمان السعدي أن فائض الميزانية يجب أن يصرف لعلاج مشاكل المواطن كالبطالة، وتعويض عن العشوائيات بسكن، ودعم الأطباء والمزارعين، وتخطيط المناطق الزراعية.