في فبراير، وافقت وزارة الخارجية الأمريكية على نحو 26 مليار دولار من المبيعات العسكرية للدول الأجنبية، وهو رقم يُعد الأعلى منذ نوفمبر 2020.
وبينما أجبر الصراع المتصاعد في أوكرانيا على اتخاذ قرارات صعبة، بما في ذلك بيع دبابات بقيمة 6 مليارات دولار إلى بولندا، فإن نصيب الأسد من هذه المبيعات لا علاقة له بالأزمة الحالية.
وذهبت أكثر من 5 مليارات دولار من مبيعات الأسلحة في فبراير إلى الشرق الأوسط، بما يتعارض مع نية الإدارة المعلنة بالابتعاد عن المنطقة.
وفي العلن، يبدو الرئيس جو بايدن يصرف انتباه الولايات المتحدة عن الشرق الأوسط، لكن مع ذلك، تشير مبيعات الأسلحة الهادئة إلى أن سياسة بايدن في الشرق الأوسط هي استمرار لسابقيه.
وكان بايدن قبل توليه منصبه قال: “”لن نعطي شركاءنا في الشرق الأوسط شيكًا على بياض لمتابعة سياسات تتعارض مع المصالح الأمريكية”.
وقال مستشار مقرب من بايدن في وقت مبكر من رئاسته إنه: “إذا كنت ستدرج المناطق التي يراها بايدن كأولوية، فإن الشرق الأوسط ليس في المراكز الثلاثة الأولى… إنه آسيا والمحيط الهادئ، ثم أوروبا، ثم النصف الغربي من الكرة الأرضية”.
ومع ذلك، فإن مبيعات الأسلحة الأخيرة تشمل بناء مقر دفاعي بقيمة مليار دولار لوزارة الدفاع الكويتية، من المقدر أن يستغرق ما يصل إلى سبع سنوات.
كما تتعارض مبيعات الصواريخ ودعم الصيانة للسعودية مع السياسة الخارجية المفترضة لإدارة بايدن القائمة على حقوق الإنسان والهدف المعلن المتمثل في الابتعاد عن الشرق الأوسط.
ووفقا لتقريرها العالمي لعام 2020، وثقت هيومن رايتس ووتش ما لا يقل عن 90 غارة جوية غير مشروعة بقيادة السعودية أدت إلى قتل مدنيين عمدا واستهداف أهداف مدنية باليمن، في انتهاك صارخ للقانون الدولي.
وكانت أحد وعود بايدن الرئيسية في السياسة الخارجية إنهاء الدعم الأمريكي للحرب التي تقودها السعودية في اليمن، كما أوضح خلال المناظرة الرئاسية في نوفمبر 2019.
وبعد عام من رئاسته، عقدت الولايات المتحدة ما لا يقل عن ثلاث صفقات أسلحة كبيرة معتمدة للمملكة، ولا توجد مساءلة عن دورها في الأزمة الإنسانية المستمرة في اليمن.
في سبتمبر/ أيلول الماضي، وافقت وزارة الخارجية على استمرار دعم الصيانة للقوات الجوية الملكية السعودية، مما يضمن استمرار أساطيلها في الضربات الجوية غير القانونية ضد المدنيين باليمن.
وفي تصعيد لتدخل الولايات المتحدة في الحرب، وافقت وزارة الخارجية على بيع ما قيمته 650 مليون دولار من صواريخ جو – جو في نوفمبر.
ويبدو أن هذا البيع شجع السعودية على المضي في الهجوم باليمن، وجعل الولايات المتحدة أقرب إلى البلد الذي شجبه بايدن ذات مرة باعتباره منبوذًا.
وعلى الرغم من جهود الكونغرس لوقف بيع الأسلحة إلى المملكة هذا الخريف، وافقت وزارة الخارجية على بيع ما قيمته 24 مليون دولار من نظام توزيع المعلومات متعدد الوظائف للسعودية في 3 فبراير.
وتبرر البيانات الصحفية هذه المبيعات على أساس أنهم “سوف يدعمون السياسة الخارجية للولايات المتحدة وأهداف الأمن القومي من خلال المساعدة في تحسين أمن دولة صديقة لا تزال تمثل قوة مهمة للاستقرار السياسي والنمو الاقتصادي في الشرق الأوسط”.
هذه هي بالضبط نفس اللغة التي تم استخدامها لتبرير مبيعات الأسلحة إلى السعودية في عهد ترامب، كلمة بكلمة.
وسيُمكن ذلك السعوديين من مواصلة حصارهم المستمر في اليمن، وسيعاني أكثر من مئات الآلاف من اليمنيين نتيجة لذلك.
ويبدو أن مبيعات الأسلحة هذه لا تعزز الأمن القومي الأمريكي بقدر ما تضخم جيوب مقاولي الدفاع.
وعلى سبيل المثال، فإن شركة “لوكهيد مارتن” ستجمع أكثر من 4.2 مليار دولار من شراء 12 طائرة من طراز F-16 C Block 70 ، وأربع طائرات F-16 D Block 70 ، والمعدات ذات الصلة في صفقة بيع للأردن تمت الموافقة عليها في 3 فبراير.
والشهر الماضي، وافقت وزارة الخارجية على بيع لمصر بقيمة 2.2 مليار دولار لشراء 12 طائرة نقل عسكرية تابعة لشركة لوكهيد مارتن، من طراز C-130J-30 Super Hercules Aircraft.
وفي المجموع، وافقت إدارة بايدن على ما يقرب من 10 مليارات دولار من المبيعات العسكرية الأجنبية التي ستضع الأرباح مباشرة في جيوب مقاولي الدفاع وتزيد من ترسيخ صراعات الولايات المتحدة في الشرق الأوسط لسنوات قادمة.
ويعتبر الرؤساء التنفيذيين في صناعة الدفاع علانيةً أن تدهور الأمن العالمي “نعمة للموظفين والمستثمرين”.
وفي يناير 2022، أخبر الرئيس التنفيذي لشركة Raytheon المستثمرين أن التوترات المتزايدة هي “فرص للمبيعات الدولية”، بما في ذلك هجوم بطائرة بدون طيار في الإمارات أعلنت جماعة الحوثي في اليمن مسؤوليتها عنه الشهر الماضي.
ويُقوض التدفق الهائل للأسلحة والالتزامات التي تمت الموافقة عليها لمدة سبع سنوات بشكل فعال مزاعم الأمن القومي الأمريكي من خلال تحويل الموارد لزيادة ترسيخ مشاركتها العسكرية في الشرق الأوسط.
وبناءً على ذلك؛ فإن الرابح الحقيقي من كل ذلك سيكون خزائن موردي الأسلحة والأشخاص السيئين الذين يواصلون تجنب المساءلة ما لم تفي إدارة بايدن بوعدها بإنهاء مبيعات الأسلحة هذه.