كرست أزمة حقل الدرة وتصاعدها مؤخرا مع إيران، عجز النظام السعودي عن حماية المملكة التي تتعرض سيادتها وثرواتها للخطر.
وأبرز مراقبون حالة التخاذل والتهاون التي اتسم بها موقف النظام السعودي بالتزامن مع إعلان إيران عن أطماعها في حقل الدرة.
إذ شهد الأسبوع الماضي تجاوزًا إيرانيًا جديدًا بإعلان نيتها الحفر والتنقيب في حقل الدرة المشترك بين السعودية والكويت في تجاوز صريح على حقوق البلدين واستهتار واضح بالقوانين والاتفاقات التي أكّدت مرجعيته للبلدين.
وبدون مقدمات، قال المدير التنفيذي لشركة النفط الوطنية الإيرانية: “نحن جاهزون تمامًا لبدء عمليات الحفر في حقل آرش (الدرة)”.
ردّ الكويت كان مباشرًا على لسان نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير النفط الكويتي برفض بلاده جملة وتفصيلًا للادعاءات والإجراءات الإيرانية حيال حقل الدرة.
أما السعودية فتأخر ردّها لأكثر من يوم وجاء ببيان هزيل عن “مصدر مطلع” في الخارجية يؤكد أحقية المملكة والكويت بالحقل، ويدعو لتفاهمات مع إيران بشأن ترسيم الحدود.
وخلا البيان من أي لغة ردع أو تهديد للجانب الإيراني بوقف الاستفزازات واحترام سيادة المملكة وعدم سرقة ثرواتها.
بيان المملكة الهزيل أسال لعاب إيران أكثر وجرّأها على رفع سقف مطالبها للأعلى، فأعلنت رفضها “الترسيم” قبل إقرار حقها في حقل الدرة وأنه سيكون 40% ولن تتراجع عن ذلك!.
وأشار مراقبون إلى أن موقف النظام السعودي الضعيف يذكر بقصف إيران لمصفى بقيق في 2019 والتي لم تملك حيالها الرياض سوى الشجب والتنديد.
وبدل أن يكون للمملكة موقف حازم للدفاع عن ثرواتها حدث العكس.
إذ انتهجت إيران سياسة فرض الأمر الواقع بالقوة وأعطت الأوامر للحرس الثوري للاشتباك مع أي قوة تقترب من حقل الدرة.
والخلاف حول حقل غاز “الدرة” يعود إلى ستينات القرن الماضي، إلا أنه عاود الظهور بعد تلميح مسؤول إيراني، برغبة بلاده في بدء التنقيب في الحقل النفطي الذي يقع في المنطقة الاقتصادية لإيران، “آرش”. فيما تطالب طهران بحقوقها في الجزء الشمالي من الحقل.
تصاعد الأزمة المتزامن مع التقارب الخليجي- الإيراني، يكشف عن تباينات سياسية، ومساحات خلاف تؤدي، حتماً، إلى تصدعات بين الطرفين، بخاصة مع التنافس الجيو-استراتيجي في ملفات أبرزها الحرب باليمن، والمرتبطة بنفوذ الميليشيات الولائية في البحر الأحمر، وسيطرتها على ممرات الملاحة الدولية، وقرصنة السفن النفطية.
ومع سلاح النفط الاستراتيجي، فإن الاتفاق على تطوير الحقل بين السعودية والكويت، العام الماضي، تعتبره طهران “غير قانوني”. في حين تؤكد المملكة والكويت “حقهما الحصري في استغلال الثروات الطبيعية”.
وإذ يبدو أن مسالة ترسيم الحدود البحرية التي تفاوض عليها السعودية لحل الأزمة لن تكون حلاً سهلاً أو نهائياً، يوضح معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، أنه تم اكتشاف حقل الدرة في منتصف الستينات في وقت لم تكن الحدود البحرية معروفة بشكل جيد، ولم يكن الغاز يعتبر من الأصول الاستراتيجية المهمة التي تسعى الدول للحصول عليها.