في ظل حالة الرعب التي تسود العالم بسبب انتشار فيروس كورونا المستجد واستمراره في حصد الأرواح، ذهبت السعودية إلى استغلال حالة انشغال الأسرة الدولية به لاتخاذ عدد من الإجراءات الأمنية المريبة.
وطبقت السعودية إجراءات غير طبيعية؛ كإغلاق المنافذ البرية مع الإمارات والكويت والبحرين، وإيقاف العملية التعليمية في المدارس والجامعات، وربطتها بالخطوات الصحية الاحترازية لمنع انتشار الفيروس القاتل، في حين يؤكد مراقبون أن تلك الإجراءات لا علاقة للفيروس بها، وإنما تأتي ضمن عمل ما يخطط له ولي العهد محمد بن سلمان.
وخلال تلك الفترة أقدم ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، على تنفيذ حملة اعتقالات جديدة طالت كبار أمراء العائلة الحاكمة، وفي مقدمتهم الأمير أحمد بن عبد العزيز شقيق الملك السعودي، ومحمد بن نايف ولي العهد السابق، وشقيقه نواف بن نايف.
إجراءات أمنية؟
هذه الخطوات والتي كان من أبرزها إغلاق المسجد الحرام وصحن الكعبة، اعتبرها حساب “مجتهد”، الذي دأب على نشر تسريبات من داخل أروقة النظام السعودي، بأنها ضمن إجراءات أخرى لم تعلن وليس لها علاقة بفيروس كورونا، ومعظمها إجراءات أمنية.
ويضع حساب “مجتهد” تصوراً بأن بن سلمان يرتب لأمر ما خلال الأيام القادمة، خاصة بعد الحملة الأخيرة التي قادها ضد الأمراء ووضعهم في السجن والتحقيق معهم على تهم تتعلق بمحاولة الانقلاب عليه كما كشفت صحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية.
وتمثلت الاعتقالات، وفق الصحيفة، بـ”رسالة تحذير” لجميع الأمراء “للكف عن التذمر، والانصياع للأوامر”، فضلاً عن الحفاظ على دعم ولي العهد.
وقبل ذلك، كشف حساب “مجتهد” أن بن سلمان “ينوي إعلان بيان منسوب للملك بالتنحي وتنصيبه ملكاً”، وهو يعكس حالة التأهب في البلاد على أكثر من صعيد ومكان.
وأمام هذه الخطوات المريبة التي اتخذها بن سلمان، أكد موقع “ميدل إيست آي” البريطاني أن ولي العهد السعودي يخطط ليصبح ملكاً قبل قمة العشرين المقرر عقدها في المملكة خلال نوفمبر المقبل.
ونقل الموقع البريطاني عن مصادر سعودية، الأحد الماضي (8 مارس)، قولها إن “بن سلمان” لن ينتظر وفاة والده الملك سلمان بن عبد العزيز، وسيجبره على التنحي عن العرش.
وتستضيف السعودية قمة العشرين يومي 21 و22 نوفمبر المقبل، وينتمي أعضاء البلدان إلى مجموعة الثمانية و11 دولة من الاقتصادات الناشئة ويمثل الاتحاد الأوروبي العضو العشرين فيها.
كذلك، تطرق الموقع البريطاني لبعض من كواليس اعتقال الأمير أحمد بن عبد العزيز؛ إذ أوضح أنه تم القبض عليه في القصر الملكي بعد دعوة وجهت له للقاء شقيقه الملك سلمان، لافتاً إلى أن اعتقاله تم بعد عودته من رحلة صيد قبل توجهه إلى القصر.
وكان الموقع البريطاني قد كشف عن اعتقال 20 أميراً على الأقل من العائلة المالكة، مشيراً إلى تحققه من 4 أسماء بين المعتقلين هم الأمير أحمد بن عبد العزيز، ونجله نايف رئيس جهاز المخابرات والأمن للقوات البرية، بالإضافة إلى ولي العهد السابق الأمير محمد بن نايف وأخيه نواف.
إجراءات مفاجئة
مؤسس حركة الإصلاح الإسلامية والمعارض السعودي البارز، سعد الفقيه، اعتبر إغلاق الحدود البرية، وصحن الكعبة أمام المعتمرين والمصلين، وإيقاف الدراسة، وتسريع الصلاة في المساجد، بأنها إجراءات أمنية يتخذها بن سلمان.
ووصف الفقيه، في حديث له عبر قناته عبر موقع “يوتيوب” القرارات الأخيرة بأنها “اندفاعية صبيانية ومفاجئة ولا تنطلق من تفكير ولا استراتيجية”، وتم استغلالها مع وجود فيروس كورونا.
ووفق حديث الفقيه، لا يزال يوجد في المملكة مرتزقة من كولومبيا في جميع أماكن السعودية، مع الإجراءات التي يتم اتخاذها في البلاد.
حديث الفقيه يتطابق مع ما أكده رئيس المعهد الأوروبي للقانون الدولي والعلاقات الدولية محمود رفعت، في تصريح سابق لـ”الخليج أونلاين”، عن إرسال ولي عهد أبوظبي محمد بن زايد، مرتزقة كولومبيين إلى الرياض، لتنفيذ عملية اعتقال الأمراء، مشيراً إلى أنهم من نفذوا الاعتقالات بعد ارتدائهم زي الحرس الملكي السعودي.
ويوضح مؤسس حركة الإصلاح الإسلامية بالقول: “بن سلمان معروف بعدم حبه وضجره لرؤية تدين الناس في السعودية، فعمل على الاستفادة من كورونا لوقف الاعتكاف في شهر رمضان رغم أنه ما يزال بعيداً، ومنع الإفطار الجماعي، وتسريع الصلاة.
وسيعمل ولي العهد السعودي، كما يؤكد الفقيه، على وقف الرحلات الجوية في مطار الملك خالد، ضمن الإجراءات الأمنية التي يتخذها.
أمر كبير
وسبق أن حصل “الخليج أونلاين” على معلومات في وقت سابق من مصادر مختلفة أكدت أن الجو العام الذي يسود عائلة “آل سعود” في المملكة يشير إلى التحضير لأمر كبير خلال الفترة المقبلة، قد يصل إلى الاصطفاف خلف شخصيّة توافقيّة ودعمها للقيام بتحرّك مدروس ضدّ الملك سلمان وابنه.
المصادر أضافت: “بن سلمان بدأ يشعر بتهديد وجوديّ له أكثر من ذي قبل (في إشارة إلى اعتقالات فندق الريتز كارلتون التي طالت أمراء ومسؤولين)”.
وأشارت إلى أن مقترحات غربية تفيد بأن يكون البديل المحتمل للملك سلمان هو شقيقه الأصغر الأمير أحمد، الذي كان في حينها يقيم في بريطانيا.
كما تأتي الإجراءات العديدة التي اتخذتها السعودية، مع ارتفاع حالة الإحباط والاستياء لدى العديد من أمراء الأسرة الحاكمة من إدارة بن سلمان، وأكدتها العديد من وسائل الإعلام العالمية، وتسريبات مختلفة على مواقع التواصل الاجتماعي.
وبحسب ما ذكرت وكالة “رويترز”، في أكتوبر 2019، فإن قصف “أرامكو”، في 14 سبتمبر الماضي، وتسببه حينها بإيقاف نصف الإنتاج السعودي من النفط زاد من استياء العديد من الأمراء، الذين يبلغ عددهم قرابة 10 آلاف.
ونقلت “رويترز” عن 5 مصادر أن “الهجوم أثار سخطاً بين البعض في دوائر النخبة الذين يعتقدون أن ولي العهد سعى بشدة للسيطرة على السلطة”.
وتسبب الحدث في تعالي أصوات وانتقادات بين أفراد الأسرة الحاكمة؛ لاعتقادهم بأن بن سلمان اتخذ موقفاً عدوانياً مفرطاً تجاه إيران.
وحسب مصدر دبلوماسي غربي صرح للوكالة “هناك صدمة في الأسرة الحاكمة لأن ولي العهد لم يتمكن من منع الهجمات على أرامكو، على الرغم من إنفاقه مئات المليارات من الدولارات على الدفاع”، معتبرين أن سياساته ومحاولاته السيطرة على الحكم بشكل مطلق “أضرت بالمملكة”.