كشف المرصد “الأورومتوسطي” لحقوق الإنسان، الأحد، عن عدة وثائق وشهادات تثبت تورط السلطات السعودية بممارسة الإخفاء القسري المستمر بحق ثلاثة ليبيين منذ أكثر من 500 يوم، محملاً السلطات السعودية المسؤولية عن جريمة إخفائهم قسرياً، داعياً إلى الكشف عن مصيرهم بشكل فوري.
واختفت آثار محمد حسين علي الخذراوي، ومحمود علي بشير رجب، وحسن محمد سالم زعيط، في حزيران/ يونيو من العام الماضي بعد أدائهم لمناسك العمرة.
ونقل المرصد الدولي، في سياق تقريره، شهادات بتورط اللواء المتقاعد خليفة حفتر الذي يسيطر على شرق ليبيا بقوة السلاح، في إخفاء الأشخاص الليبيين الثلاثة الذين يتحدرون من مدينة الزاوية غرب البلاد.
وقال المرصد، إنه رغم اعتراف السلطات في السعودية، في وقت لاحق، بأن الأشخاص الليبيين كانوا محتجزين لديها، إلا أنها ادعت بأنها “قامت بإعادتهم من حيث أتوا”، فيما لم تظهر آثارهم في الأراضي الليبية أو في السجون السعودية.
إفادة عائلات المحتجزين
ونقل المرصد عن عائلات المحتجزين أنهم لا “يعلمون شيئا عن أبنائهم منذ اختفت آثارهم في السعودية”، وكذلك نفي حكومة الوفاق الوطني الليبية الرسمية وصولهم إلى أي من المنافذ التي تسيطر عليها.
حكومة الوفاق تنفي
وأكد المرصد “الأورومتوسطي” لحقوق الإنسان، أنه حين راسل حكومة الوفاق الوطني في طرابلس، نفى كل من وزيري الخارجية والداخلية نفياً قاطعاً بتقديمهم أي طلب أو مذكرة للقبض على الليبيين الثلاثة.
وأضاف الأورومتوسطي، أن وزارة الخارجية السعودية وبعد مضي شهر ونصف على احتجاز المذكورين الثلاثة، أبلغت القنصلية الليبية بأن الأشخاص الذين كانوا موقوفين للاشتباه بهم “تم إعادتهم من حيث أتوا”، وهو ما فُهم منه أنه تمت إعادتهم إلى ليبيا.
غير أن حكومة الوفاق الوطني نفت وصول الأشخاص الموقوفين إلى ليبيا أو وجود أي تنسيق مع الحكومة الليبية بشأن تسلمهم.
وقالت الحكومة الليبية، إنها ليست على علم بالإجراءات المتخذة، مطالبة السلطات السعودية بالكشف عن حقيقة ما حصل والجهة التي سُلم الموقوفون إليها، أو تمكين القنصل الليبي بالسعودية من زيارة الموقوفين وتفقد أحوالهم إن كانوا ما زالوا في قبضة السلطات السعودية.
مسؤولية السعودية
وقالت المتحدثة باسم المرصد سارة بريتشيت: إن “القول بأن الموقوفين عادوا من حيث أتوا يحمل تأويلات واسعة ويثير الشكوك بنوايا المملكة العربية السعودية ومدى مصداقيتها، خصوصا مع تجارب أخرى مشابهة لجأت فيها السعودية إلى تصريحات ضبابية متناقضة، أبرزها ما حصل مع الصحفي جمال خاشقجي”.
وأكدت بريتشيت، أن السعودية ستبقى مسؤولة عن الإخفاء القسري لهؤلاء الأشخاص إلى أن تكشف مصيرهم وتحدد مكانهم في سجونها، أو أن تحدد الجهة التي نسقت معها في ليبيا، وما هي الوجهة التي أعادتهم إليها وعلى أي أساس.
شكوك بتورط حفتر
وتخشى عائلات المفقودين من أن تكون السلطات السعودية قد سلمت أبناءهم للحكومة الليبية الموازية في الشرق البلاد الخاضعة لسيطرة اللواء المتقاعد خليفة حفتر، حيث يتمتع الأخير بعلاقات قوية مع الرياض.
وحول هذه المزاعم علقت بريتشيت قائلة: “إن صح هذا الزعم، فإن هذا يجعل مسؤولية الرياض مضاعفة. فهي من جهة، لم تذكر أية معلومات عن تسليم هؤلاء والجهة التي استلمتهم، ما يمثل جريمة إخفاء قسري على مدار عام ونصف. ومن جهة ثانية، وعبر تعاملها مع جهات موزاية لحكومة الوفاق، تقوم بخرق قرارات مجلس الأمن التي توصي كل الدول الأعضاء بالتعامل فقط مع الحكومة الرسمية بطرابلس، وهي الجهة التي تتبع لها القنصلية الليبية في جدة”.
واختتمت المتحدثة باسم المرصد “الأورومتوسطي” بالتساؤل: “إن صح الخبر، فما هي الرسالة التي ترسلها الرياض عندما تقوم بتسليم أشخاص لجهة غير حكومتهم الرسمية؟”.
وقال “الأورومتوسطي” إنه تحصل على شهادة سجين – يتحفظ المرصد على ذكر اسمه – كان معتقلا في أحد السجون التابعة للواء المتقاعد خليفة حفتر، وأفاد بأنه شاهد محمد الخضراوي، أحد الأشخاص الثلاثة الذين جرى إخفاؤهم، يعذب من قبل عناصر تابعة لحفتر.