بعد أن أنفقت ما لا يقل عن 1.5 مليار دولار على الأحداث الرياضية الدولية الكبرى من أجل تعزيز سمعتها، اتهمت جماعات حقوق الإنسان السعودية بـ “التبييض الرياضي”.

ووفقًا لتقرير العام الماضي الصادر عن مجموعة حقوقية، استثمرت المملكة في كل حدث رياضي رفيع المستوى تقريبًا، بما في ذلك صفقة بقيمة 650 مليون دولار لمدة عشر سنوات مع “فورمولا 1”.

ويقول الكاتب عمر أحمد المختص في السياسة والتاريخ والدين في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في مقالٍ له إن إحدى تهم تبييض الرياضة، الشهيرة في السعودية هي انطلاق مباراة الملاكمة للوزن الثقيل في 2019 بين البطل السابق “أنتوني جوشوا” و”آندي رويز جونيور” في الدرعية والذي أطلق عليه اسم “صراع على الكثبان الرملية”، حيث أثار ذلك الحدث، الذي كان أول مباراة في الوزن الثقيل تقام في المنطقة، انتقادات حادة، كونه جاء في أعقاب مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي عام 2018، الذي قيل إنه جاء بأمر من ولي العهد الأمير محمد بن سلمان.

وتبع ذلك اتهامات أحدث منذ ذلك الحين، مثل الاستحواذ المثير للجدل لصندوق الاستثمارات العامة على نادي كرة القدم البريطاني نيوكاسل يونايتد والعرض الحالي لشراء نادي إنتر ميلان الإيطالي مقابل مليار دولار.

ويقول الكاتب: “تتماشى هذه الإيماءات بشكل واضح مع رؤية 2030 لمحمد بن سلمان، والتي تهدف إلى إنشاء صورة أكثر تقدمًا للبلاد لجذب السياحة والاستثمار الأجنبي، مع توجيه اعتمادها الاقتصادي بعيدًا عن احتياطيات النفط لتطوير اقتصاد أكثر تنوعًا. ومع ذلك، بصرف النظر عن استضافة المهرجانات الموسيقية والأفلام، بدأ السعوديون في الاستفادة من صناعة ترفيهية أخرى مربحة وهي “ألعاب الفيديو”.

في الواقع، تعتبر ألعاب الفيديو الآن صناعة الترفيه الأغلى والأكثر توسعاً في العالم، حيث تقدر قيمة هذا القطاع بأكثر من 300 مليار دولار على مستوى العالم وهو في تزايد، متجاوزًا إيرادات الموسيقى العالمية.

وبينما تأثرت القطاعات الأخرى، مثل السينما والرياضة سلبًا بالجائحة، ازدهرت صناعة الألعاب.

ويقول الكاتب عمر: “لذلك ليس من المستغرب أن يكون هناك الكثير من الأشخاص يقضون وقتًا أطول في ممارسة الألعاب أكثر من المشاركة في الرياضات الترفيهية، وقد ساهم ذلك أيضًا في صعود ألعاب الفيديو، حيث تنافس الرياضات التقليدية في بعض الحالات”.

كما أنه ليس من المستغرب أيضًا أن المملكة سعت إلى فرص استثمارية في صناعة الألعاب الإلكترونية في عام 2020، حين أصبحت المؤسسة الخيرية الرسمية لمحمد بن سلمان أكبر مساهم في شركة الألعاب اليابانية SNK Corporation بحصة 51 في المائة، في خطوة خيبت آمال قاعدة المعجبين بالشركة.

ولم يكن الأمر سلسًا تمامًا، ففي وقت سابق من ذلك العام، عقد مشروع مدينة “نيوم” المستقبلية شراكة مع مطور الألعاب Riot Games، حيث من المقرر أن تكون “نيوم” الراعي الرئيسي لبطولة League of Legends، لكن شركة Riot.

كان هذا العام نشطًا بشكل خاص لتغلغل المملكة في قطاع الألعاب مع استحواذ مجموعة Savvy Gaming Group (SGG) المدعومة من صندوق الاستثمارات السعودي على اثنتين من أكبر العلامات التجارية للرياضات الإلكترونية، بقيمة تبلغ 1.5 مليار دولار، وذلك جنبًا إلى جنب مع البحرين المجاورة، التي تعمل أيضًا على تطوير صناعة ألعاب الفيديو.

وهذا يعني أن السعودية يمكن أن تنتج بعضًا من أكثر الألعاب عالية الميزانية والأكثر شهرة في السوق الدولية.

ونقل عن نظمي النصر الرئيس التنفيذي لشركة “نيوم” قوله “نعمل الآن على تطوير فرص واعدة محليًا وإقليميًا وعالميًا من خلال رعاية سوق تطوير الألعاب السعودي”.

ويقدر سوق الألعاب السعودي بنحو مليار دولار في عام 2021، وهو أعلى قيمة بين دول الخليج، وفقًا للباحث في السوق، “نيكو بارتنرز”. كما أن لديها معدل نمو سنوي يبلغ 22 في المائة، وهو من بين أعلى المعدلات في العالم، كما أن هناك أيضًا 23.5 مليون من عشاق الألعاب أو نحو 67 في المائة من إجمالي سكان المملكة.

ووفقًا لأحدث الأبحاث التي تغطي سوق الألعاب في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا؛ بلغت عائدات ألعاب الفيديو للمملكة والإمارات ومصر العام الماضي 1.76 مليار دولار، ومن المتوقع أن ترتفع إلى 3.14 مليار دولار في عام 2025. وكانت المملكة وصفت أيضًا بأنها “قوة الألعاب في الدول الناطقة باللغة العربية”، حيث توازن بين حجم سكانها الشباب وقوة شرائية عالية.