قالت وكالة الأنباء الفرنسية “أ ف ب”، في تقرير لها، إن المملكة العربية السعودية تسعى لكسب ود الرئيس الأمريكي الجديد “جو بايدن”، عبر تهدئة التوتر مع خصوم إقليميين، خاصة قطر، وإطلاق سراح معتقلين سياسيين، والانفتاح على تركيا.
وأضاف التقرير أن ولي العهد السعودي الأمير “محمد بن سلمان”، يحاول التأقلم مع المتغيرات المحتملة في مقاربة واشنطن لملفات المنطقة، وتجنب عقوبات على بلاده، أو الصدام مع الإدارة الأمريكية الجديدة.
وخلال حملته الانتخابية، تعهد”بايدن” بالتدقيق في سياسات المملكة، ووقف دعم الحرب التي تقودها الرياض في اليمن، وفي الوقت ذاته، إعادة إطلاق المحادثات حول الملف النووي مع طهران، العدو اللدود للرياض.
وسعيا إلى تعزيز موقعها مع انطلاقة العهد الأمريكي الجديد، قادت السعودية حلفاءها الشهر الماضي إلى إنهاء نزاع مرير استمر 3 سنوات مع جارتها قطر، من خلال قمة العلا التي أنهت الحصار المفروض على الدوحة منذ يونيو/حزيران 2017.
وفي رسالة تهدئة ثانية، أطلقت المملكة قبل أيام، سراح بعض السجناء السياسيين، بمن فيهم الناشطة البارزة “لجين الهذلول”.
كما أطلقت السعودية، الأسبوع الماضي، سراح اثنين من المواطنين السعوديين الأمريكيين مزدوجي الجنسية، بعد رفض طلبات سابقة من إدارة الرئيس الأمريكي السابق “دونالد ترامب”.
وقال مصدر قريب من دوائر الحكم في السعودية لـ”أ ف ب”، إن الرياض تعمل على خفض حدة العلاقات من خلال إبقاء الخطوط مفتوحة مع الرئيس التركي “رجب طيب أردوغان”.
ويأتي التوجه الجديد نحو أنقرة، كمحاولة لاحتواء الغضب التركي بشأن جريمة مقتل الصحفي السعودي “جمال خاشقجي”، بقنصلية الممكلة في إسطنبول، في أكتوبر/تشرين الأول 2018.
ويزيد من حاجة السعودية للتودد إلى أنقرة، نية مديرة أجهزة الاستخبارات الوطنية “أفريل هينز” رفع السرية عن تقرير استخباراتي أمريكي حول مقتل “خاشقجي” يرجّح أن يتضمن معلومات عن تورط “بن سلمان” في الجريمة، ما يمثل إحراجا كبيرا للرياض التي نفت تورطه.
وترى الباحثة “كريستين ديوان” من معهد دول الخليج العربية في واشنطن، أنه “في مواجهة الخطط الأمريكية الجديدة لإعادة التواصل مع إيران ومراجعة العلاقات الأمريكية السعودية، كان السعوديون حريصين على تقديم أنفسهم كشركاء في حل نزاعات المنطقة”.
وأضافت: “الانفراج مع قطر رافقه عدد من التحركات السعودية الأخرى، بينها بحث التهدئة مع تركيا والإسراع في تسوية المحاكمات والاعتقالات السياسية التي أثارت إدانات في الخارج”.
وتحمل التصريحات الأمريكية الأخيرة بشأن أن المملكة “شريك أمني”، تحولا في العلاقة بين واشنطن والرياض، بعدما كانت إدارة الرئيس السابق “دونالد ترامب” تصف المملكة بـ”الحليف”.
ويرى الكاتب والمحلل السعودي “علي الشهابي” أنه “خلافا للتوقعات، تشير جميع الأدلة حتى الآن إلى أن إدارة بايدن ستتبع سياسة معتدلة تجاه المملكة تتكون من إجراءات رمزية لإرضاء بعض العناصر في الحزب الديمقراطي، مع الحفاظ على ركائز العلاقة التاريخية القوية بين البلدين”.
وتسعى إدارة “بايدن” لمراجعة العلاقات مع الرياض، وإعادة تقييم الوضع في اليمن، دون التخلي عن الشراكة الاستراتيجية بين البلدين التي تحل ذكراها الـ76 الشهر الجاري.