اتخذت وزارة العدل الأمريكية خطوة نادرة، الخميس، بالتدخل في دعوى قضائية سعودية ضد مسؤول الاستخبارات السعودي السابق “سعد الجبري”، من أجل “حماية أسرار قد تضر بالأمن القومي الأمريكي”.
وذكرت الوزارة، في بيان، أن السماح بالمحاكمة في القضية قد يؤدي إلى “الكشف عن معلومات من المتوقع أن تضر بالأمن القومي للولايات المتحدة”، وأضافت أنها تدرس استخدام “امتياز أسرار الدولة، والذي سيسمح للحكومة الأمريكية بحظر المعلومات التي تضر بالأمن القومي. على أن يتم اتخاذ القرار النهائي بحلول نهاية الشهر الجاري”، وفقا لما أوردته شبكة CNN.
ورفعت مجموعة “سكب” السعودية القابضة، المملوكة لصندوق الثروة السيادي للمملكة، الذي يترأسه ولي العهد الأمير “محمد بن سلمان”، دعاوى اختلاس ضد “الجبري”، أولاً في كندا ثم في الولايات المتحدة.
وتأسست المجموعة بحسب ملف وزارة العدل الأمريكية “لغرض القيام بأنشطة مكافحة الإرهاب”، بينما ينفي “الجبري” الاتهامات بحقه ويدعي أن “بن سلمان” أرسل فرقة اغتيال إلى كندا لمحاولة قتله، واحتجز اثنين من أبنائه في السعودية.
وفر “الجبري” إلى كندا عام 2017، بعدما كان مستشارا أمنيا لولي العهد السابق، الأمير “محمد بن نايف”، ولعب دورا بارزا في مكافحة الإرهاب ويحظى باحترام واسع من قبل مسؤولي الاستخبارات ومكافحة الإرهاب الأمريكيين، الذين ينسبون إليه الفضل في إنقاذ مئات، وربما الآلاف، من أرواح الأمريكيين.
وذكر “الجبري”، في دعوى قضائية أخرى بواشنطن، أن “بن سلمان” قام بعدة محاولات لإغرائه بالعودة إلى السعودية، وأن الفريق الذي تم إرساله إلى كندا كان جزءًا من ذات الفريق الذي قتل الإعلامي “جمال خاشقجي” في القنصلية السعودية بإسطنبول.
وتقول وزارة العدل الأمريكية إن “الجبري” ينوي “وصف وتقديم أدلة متعلقة بمعلومات الأمن القومي الحساسة”، من أجل الدفاع عن نفسه ضد الاتهامات بالاختلاس، ولذلك قررت التدخل في القضية.
وقال “مارك رايموندي”، الذي سبق له العمل كمتحدث باسم شعبة الأمن القومي في الوزارة: “من النادر بالتأكيد حدوث مثل هذه الخطوات من قبل وزارة العدل”.
فيما قال مصدر اعتاد الخدمة في الحكومة الأمريكية وعلى دراية بالقضية والاستخبارات، في تصريحات لـCNN، إن المعلومات التي كان “الجبري” ينتوي كشفها تشمل العلاقات الاستخباراتية والعمليات والمصادر والأساليب السرية.
وأضاف المصدر أن الكشف عن المعلومات قد يكون محرجًا للمسؤولين في عهد الرئيس الأمريكي الأسبق “باراك أوباما”، بالنظر إلى الطبيعة “غير اللائقة” في كثير من الأحيان لعالم الاستخبارات.
ورأى المصدر الحكومي السابق أن السعودية، من خلال رفع القضية ضد “الجبري” في الولايات المتحدة، “لم تضع الولايات المتحدة فقط في موقف صعب، بل أعطت الأولوية للخلاف مع الجبري على علاقة البلدين”.
وأضاف: “يبدو لي ثأرًا شخصيًا للغاية وليس له مصالح طويلة الأمد للمملكة والولايات المتحدة والتعاون الاستخباراتي في المستقبل”.
والأسبوع الماضي، كتبت مجموعة من أعضاء مجلس الشيوخ من الحزبين الديمقراطي والجمهوري إلى الرئيس “جو بايدن” يشيدون بشراكة “الجبري” التي امتدت لعقدين مع الولايات المتحدة، ويدعونه للمساعدة في أزمة نجلي مسؤول الاستخبارات السعودية المحتجزين، عمر وسارة.
وسلط أعضاء مجلس الشيوخ الضوء على الخطر الذي تمثله حملة “بن سلمان” ضد “الجبري” على الأمن القومي الأمريكي، وأشاروا بشكل مباشر إلى إمكانية الكشف عن معلومات سرية.