للعام السادس على التوالي، حصد النظام السعودي المزيد من الفشل وخاص معارك عسكرية وسياسية خاسرة في حربه على اليمن الذي يعاني من أكبر كارثة إنسانية في العالم.
ولم يحصل النظام السعودي على أية مكاسب عسكرية في اليمن، سوى إنفاق ملاين الدولارات على صفقات عسكرية خاسرة.
وتراجع الدور السعودي في اليمن أمام قوة الإمارات، والمجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم من الأخيرة.
وتواجه المملكة دعوات حقوقية ودولية لوقف جرائمها الحقوقية في اليمن الذى يتهدد الجوع نصف سكانه.
وتشهد اليمن حربًا منذ أكثر من ست سنوات، أودت بحياة 233 ألف شخص.
وبات 80 بالمئة من السكان، البالغ عددهم نحو 30 مليون نسمة، يعتمدون على المساعدات للبقاء أحياء.
امتدادات إقليمية
ويزيد من تعقيدات النزاع في اليمن أن له امتدادات إقليمية.
ومنذ مارس/ آذار 2015 ينفذ تحالف عربي بقيادة السعودية، عمليات عسكرية.
ويدعم التحالف العربي القوات الحكومية، في مواجهة الحوثيين المدعومين من إيران، والمسيطرين على عدة محافظات، بينها العاصمة صنعاء.
وخلافًا للتطلعات التي كانت ترى بأن اليمن قد يشهد انفراجة خلال العام 2020، إلا أن أيامه كانت أشد وطأة على اليمنيين.
فمنذ الشهر الأول، تصاعدت حدة المعارك بين القوات الحكومية المسنودة من التحالف العربي من جهة، والحوثيين من جهة أخرى.
وحقق الحوثيون هذا العام تقدمًا عسكريًّا استراتيجيًّا على حساب القوات الحكومية التي تراجع نفوذها في بعض مناطق الشمال.
فيما سيطر المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم إماراتيًّا على محافظة سقطرى الاستراتيجية جنوب شرقي البلاد.
بوابة صنعاء
نهاية يناير/ كانون الثاني، سيطر الحوثيون على مناطق واسعة من مديرية نهم، التي تُعد البوابة الشرقية للعاصمة صنعاء الخاضعة لسيطرتهم منذ سبتمبر 2014.
وامتدت سيطرة الحوثيين إلى تخوم محافظة مأرب النفطية بعد معارك شرسة ضد القوات الحكومية.
وجاءت سيطرة الحوثيين على هذه المديرية الحيوية الممتدة عبر سلاسل جبلية بين صنعاء ومأرب، تتويجًا لمعارك واسعة.
وشكلت سيطرة الحوثيين في مديرية نهم انتكاسة كبيرة للقوات الحكومية المسنودة بالتحالف العربي.
إذ كانت الأخيرة قد فرضت سيطرتها على أجزاء واسعة من المديرية، وصلت أقصاها مطلع العام 2017، حين أعلنت عن قصف معسكر في مديرية أرحب، شرق صنعاء.
سيطرة الحوثيين
سيطرة الحوثيين في مديرية نهم فتح شهيتهم نحو تحقيق تقدم ميداني آخر، ليسيطروا في مارس/آذار على مدينة الحزم.
ومدينة الحزم تقع قلب مركز محافظة الجوف أكبر المحافظات الشمالية مساحة، والتي ترتبط بحدود برية مع السعودية.
بعد هذا التقدم الحوثي، وضع مسلحو الجماعة أعينهم صوب محافظة مأرب النفطية الاستراتيجية (وسط).
ومأرب تعد المعقل الرئيسي لوزارة الدفاع اليمنية، وآخر معاقل الحكومة المعترف بها دوليًّا شمالي البلاد.
واستطاع الحوثيون السيطرة على منطقة “قانية” الاستراتيجية التابعة إداريًّا لمحافظة البيضاء (وسط) في يونيو/ حزيران.
واتخذ الحوثيون من هذه الجبهة منطلقًا للدخول إلى محافظة مأرب التي ما زالت تشهد مواجهات عنيفة بين الطرفين منذ أشهر.
هجمات مأرب
تعد المواجهات في محافظة مأرب من أبرز المعارك التي ما زالت تشهدها اليمن حتى اليوم.
ويهاجم الحوثيون المحافظة منذ أشهر، لتندلع أشرس المعارك مطلع أغسطس /آب الماضي.
واستطاع الحوثيون خلالها السيطرة على بعض المناطق والمواقع الريفية.
ونجحت القوات الحكومية في صد محاولات الحوثيين لاقتحام مدينة مأرب (مركز المحافظة) التي تحوي أكبر تجمع للنازحين في اليمن.
وتقدر تقارير حكومية وجود قرابة مليوني نازح، بينهم سياسيون وعسكريون وناشطون فروا من مناطقهم شمالي اليمن، خشية الحوثيين.
ووفق تقرير لمركز صنعاء للأبحاث والدراسات الاستراتيجية فإن الحوثيين شكلوا قوسًا على مدينة مأرب.
ويمتد هذا القوس من صحراء مديرية خب والشعف شرق الجوف (شمال مأرب)، مرورًا بمديريات مأرب الوادي ومجزر وصرواح (غرب مأرب)، حتى حدود مأرب الجنوبية مع محافظة البيضاء.
وكان المسلحون الحوثيون يحاولون الوصول إلى معسكر ماس على حدود مأرب والجوف، وقاعدة رويك العسكرية في مأرب، شمال مصفاة صافر للنفط.
السيطرة على سقطرى
تُعد سيطرة “المجلس الانتقالي الجنوبي” المدعوم إماراتيًّا على محافظة أرخبيل سقطرى من أهم الأحداث التي شهدها اليمن في العام 2020.
فبعد مواجهات بين المجلس الانتقالي والقوات الحكومية، استطاع الأول السيطرة على الجزيرة الحيوية في يونيو /حزيران الماضي.
وقالت الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًّا إن المجلس (يطالب بانفصال جنوب اليمن عن شماله) نفذ انقلابًا مكتمل الأركان في الأرخبيل.
وحدثت سيطرة المجلس الانتقالي على سقطرى، رغم الدعوات الدولية والإقليمية التي تؤكد على ضرورة تطبيق اتفاق الرياض.
واتفاق الرياض موقع بين الحكومة اليمنية والمجلس الانتقالي، مطلع نوفمبر من العام 2019.
ويقضى الاتفاق بإنهاء التوتر بين الطرفين في الجنوب، وسحب الانتقالي قواته من مدينة عدن والمحافظات الجنوبية.
وما تزال قوات المجلس الانتقالي الجنوبي تسيطر على سقطرى حتى اليوم، وسط مطالب حكومية متكررة بضرورة إنهاء التمرد على الشرعية هناك.
هجمات قاتلة
شهد هذا العام هجمات قاتلة تعرض لها المدنيون في عدة محافظات يمنية، بنيران طرفي النزاع.
وأعلن مكتب المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، في نوفمبر الماضي، بأن 1508 مدنيين في اليمن قُتلوا.
وهؤلاء القتلى سقطوا منذ يناير حتى أيلول من العام 2020.
وأفاد المكتب في تغريدة عبر حسابه على تويتر بأن 42 بالمئة من هؤلاء الضحايا نساء وأطفال.
وخلال شهري أكتوبر/ تشرين الأول، ونوفمبر/ تشرين الثاني، قُتل وأُصيب 110 مدنيين في محافظة تعز لوحدها.
وقال المكتب ذاته في بيان آخر، إنه قُتل وأُصيب 139 مدنيًّا في محافظة الحديدة منذ بداية أكتوبر حتى مطلع ديسمبر/ كانون الأول.
وسبق أن أعلن الحوثيون بشكل متكرر سقوط ضحايا مدنيين في غارات جوية شنها التحالف العربي بقيادة السعودية على عدة محافظات.
إضافة إلى سقوط ضحايا بقصف سعودي على مناطق حدودية في محافظة صعدة (ِشمال)، لكن لا توجد إحصائية دقيقة حول إجمالي الضحايا.