قبل أكثر من عامين صرح ولي العهد محمد بن سلمان بأن سياساته تقوم على المصلحة الخاصة في التعامل مع الملفات الإقليمية سواء في سوريا أو اليمن.
وخلال مقابلة مع قناة الإخبارية قال بن سلمان “عندما تكون أي إشكالية مع دولة أخرى فإننا نحلها وفق مصلحتنا مثل التعامل مع روسيا في سوريا وكذلك في اليمن “.
وشكل هذا التصريح انقلاب علني من بن سلمان على ثوابت واستراتيجيات المملكة التي قامت لعقود على تبني القوة الناعمة وتجنب الحروب والصراعات والبحث عن المصالحة الإسلامية والعربية العامة.
تترجم استراتيجيات بن سلمان وسياساته الحاصلة التدهور الكبير في مكانة المملكة وفقدانها تدريجيا مكانتها كقائدة للعالمين العربي والإسلامي.
وقد أقر إعلامي في صحيفة تابعة لنظام آل سعود بهذا الانقلاب في استراتيجيات المملكة زاعما أن ذلك جاء لمواجهة تطورات إقليمية.
وادعى الكاتب محمد الساعد في صحيفة “عكاظ” الرسمية أن المملكة تغيرت منذ العام 2015 بالتخلي عن سياستها القائمة طوال تاريخها في استخدام سياسة ناعمة تنطلق من كونها دولة كبرى.
وليبرر انقلاب بن سلمان زعم الساعد أن المملكة “اكتشفت بعد تقييم سياسي وعسكري وأمني أن الخيارات القديمة لم تعد مجدية مع دول سقطت عندها القيم وانقشعت حالة التستر وأصبح العداء بيناً وهدف إسقاط الدولة السعودية معلناً”.
وروج بأن الإقليم “تحول إلى منطقة جغرافية متوحشة مليئة بالحروب والطرق والوعرة والمنزلقات الخطيرة جدّاً”.
واعترف الساعد بأن المملكة تحولت إلى خيارات سياسية وأمنية مفتوحة، متجاهلا ما سببه ذلك من تشوه صورة المملكة الخارجية في حربها الإجرامية على اليمن وليبيا ومناطق أخرى.
وزعم الساعد أن المملكة “اليوم تحصد سياسة الدهاء الحازم التي انتهجتها وحمتها من الاستهداف المباشر الذي كان يطوقها” في مشهد هزلي بالنظر إلى سلسلة الإخفاقات التي تكبدتها المملكة لسنوات.
وادعى أن الرياض “أعادت بناء تمركزها السياسي والاقتصادي في الإقليم والعالم، دولة مهابة الجانب لا يجرؤ أحد على استصغارها” في وقت تتجرأ فيه جماعة الحوثي ضعيفة الإمكانيات في اليمن على استهداف المملكة ليل نهار وتهاجم إيران منشآت المملكة دون أي رد من الرياض.
يتجاهل إعلام آل سعود أن إخفاقات بن سلمان أغرقت المملكة في مستنقع أعمق على العديد من الجبهات خلال العام 2019 للتغطية على حاجة المملكة إلى تغيير في القيادة لضمان مستقبل أفضل للمملكة.
فلو كان النجاح يقاس بالإنجازات فإن المملكة تحت قيادة بن سلمان غرقت في مستنقع أعمق على العديد من الجبهات خلال العام الماضي، فيما تخلل المشهد المحلي الداخلي تناقض الإصلاح والقمع.
فعلى الصعيد الإقليمي، عانت حقول النفط من هجومين أعاقا الإنتاج وتعثرت المصالحة التي أجهضت مع جارتها الخليجية قطر حتى قبل أن تبدأ.
وعلى الصعيد العالمي ما زال بن سلمان ينقذ سمعته قائدا موثوقا به بعد مغامرة عسكرية فاشلة استمرت خمس سنوات في اليمن ومقتل الصحفي جمال خاشقجي في أواخر عام 2018، وكلاهما أحبط حماسه لمشروعه لجذب المستثمرين الدوليين وتعويم شركة أرامكو في الأسواق العالمية.
وعلى هذه الجبهات الثلاث أثبت ولي العهد نجاحا فقط في تقويض مصداقية المملكة وتشويه سمعتها بشكل لا يمكن إصلاحه.
والعام الجديد لا يبدو مشرقا بالنسبة للمملكة إذا ما استمر القمع والمغامرات الإقليمية.