تناول موقع أميركي، الزيارة التي أجراها الرئيس الفنزويلي، نيكولاس مادورو، أخيرا إلى المملكة العربية السعودية، ولقاءه بولي العهد، محمد بن سلمان.

وقال موقع “المونيتور” إن “مادورو عقد عدة اجتماعات بالسعودية في 5 يونيو/حزيران 2023، في أول زيارة له إلى الدولة الخليجية منذ عام 2015”.

وأوضح أن هذه الزيارة “تعزز علاقات الدولة الواقعة في أميركا الجنوبية بمنطقة الشرق الأوسط، على الرغم من معارضة الولايات المتحدة”.

وبحسب وكالة الأنباء السعودية الرسمية، كان في استقبال مادورو، نائب أمير منطقة مكة المكرمة، بدر بن سلطان، ومستشار الأمن القومي السعودي وزير الدولة، مساعد بن محمد العيبان.

وغرّد مادورو فور وصوله، قائلا إن الغرض من الزيارة هو تعزيز العلاقات السياسية والدبلوماسية، والتعاون في مجال الطاقة.

وحول اجتماع الرئيس الفنزويلي بابن سلمان، قالت وزارة الخارجية السعودية: “جرى خلال اللقاء، استعراض العلاقات الثنائية بين البلدين الصديقين، وآفاق التعاون وفرص تعزيزه في مختلف المجالات، وتبادل وجهات النظر حيال عدد من الموضوعات ذات الاهتمام المشترك”.

 

تعاون أوبك بلس

وعلاوة على اجتماعه بولي العهد، اجتمع مادورو كذلك بوزير الخارجية السعودي، فيصل بن فرحان، الذي استقبله في جدة.

واستعرض اللقاء “أوجه التعاون بين البلدين الصديقين، وسبل تعزيزها وتطويرها في مختلف المجالات، بالإضافة إلى مناقشة تكثيف التنسيق المشترك في العديد من القضايا الإقليمية والدولية”، حسب وصف وزارة الخارجية السعودية.

علاوة على ذلك، نشرت وزارة الاتصالات والمعلومات في فنزويلا بيانا باللغة الإسبانية، بالتزامن مع الزيارة، أشادت فيه بالتعاون السعودي الفنزويلي عبر تحالف “أوبك بلس”.

وجاء في البيان إن “أوبك بلس ستبقى متحدة وملتزمة بضبط سوق النفط وفقا لاحتياجات البشرية”.

وأوضح “المونيتور” أن السعودية والإمارات وفنزويلا وعدة دول أخرى هم أعضاء في منظمة “أوبك”.

بينما تضم “أوبك بلس” أعضاء أوبك البالغ عددهم 13 دولة، ومنتجي نفط آخرين مثل روسيا وماليزيا والمكسيك.

وأخيرا، كادت أن تقع أزمة داخل مجموعة “أوبك بلس”، وظهرت بوادر خلاف بين الرياض وموسكو، لربما كانت تسبب بتأجيل اجتماعها في 4 يونيو 2023.

لكن بعد اجتماع “أوبك بلس”، تعهدت المملكة بقطع مليون برميل يوميا من إنتاجها، بدءا من يوليو/تموز 2023.

وحسب المونيتور، فإن السعودية بهذه الخطوة استرضت روسيا والإمارات، حيث لم تكن موسكو مضطرة إلى مزيد من خفض الإنتاج، بينما حصلت أبوظبي على حصة إنتاج أعلى لعام 2024.

 

تعاون متزايد

وفي إشارة إلى علاقات فنزويلا المتنامية مع المنطقة، أوضح الموقع الأميركي أن مادورو جاء إلى المملكة بعد زيارة إلى تركيا، حضر خلالها حفل تنصيب الرئيس التركي المنتخب، رجب طيب أردوغان.

وخلال عام 2022، زار مادورو تركيا وناقش التعاون الثنائي مع أردوغان، حسب التقرير.

“علاوة على ذلك، عملت إيران وفنزويلا معا منذ فترة طويلة في مسائل الطاقة، وتوسعان الآن تعاونهما ليشمل مجالات أخرى”، حسب الموقع.

وفي يناير/كانون الثاني 2023، استلمت فنزويلا ألف سيارة من شركة السيارات الإيرانية “سايبا”، وحضر وزير النقل الفنزويلي إلى المرفأ الذي وصلت إليه الشحنة، حيث أشرف بنفسه على عملية تفريغ الحاويات التي تحمل هذه السيارات.

ونظرا إلى طلب فنزويلا استيراد 200 ألف سيارة من الشركة الإيرانية، فقد اتفق الجانبان على إعادة تشغيل خط إنتاج شركة “سايبا” في فنزويلا.

وفي فبراير/شباط من العام ذاته، أجرى وزير الخارجية الإيراني، حسين أمير عبد اللهيان، زيارة فنزويلا في إطار جولة إقليمية.

وأفاد الموقع الأميركي أنه “سبق لمادورو زيارة السعودية عام 2015، وذلك لحضور قمة جامعة الدول العربية”.

وأضاف أن “زيارة الرئيس الفنزويلي الحالية أتت عشية زيارة وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، إلى المملكة”.

ولا تعترف الولايات المتحدة بـ”مادورو”، كرئيس شرعي لفنزويلا، بعد أن أعلن فوزه بولاية جديدة في انتخابات 2018، وطعنت المعارضة وكذلك جهات دولية عدة في شرعيتها.

وفي مطلع عام 2023، أكد المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية، نيد برايس، على موقف بلاده، قائلا: إن “نهجنا تجاه نيكولاس مادورو لا يتغير. إنه ليس الرئيس الشرعي لفنزويلا”.

كما تأتي زيارة بلينكن – التي تستمر من السادس إلى الثامن من يونيو 2023- في وقت يتصاعد فيه الحديث حول توتر أميركي-سعودي، في ظل تعهد الرياض أخيرا بتقليص إنتاجها من النفط بشكل أكبر.

لذلك، تهدف زيارة الوزير الأميركي إلى إعادة التفاهم مع الرياض بشأن أسعار النفط والتصدي للنفوذ الصيني والروسي في المنطقة، وتعزيز الآمال في تطبيع العلاقات السعودية-الإسرائيلية.

 

خصوم واشنطن

وحسب التقرير، فإن أهمية زيارة مادورو تكمن في أنها تشكّل أحدث مثال على استمرار السعودية في نسج علاقات أفضل مع الدول التي لديها علاقات معقدة مع الولايات المتحدة.

ففي مارس/آذار 2023، وافقت الرياض على استئناف علاقاتها الدبلوماسية مع طهران في صفقة توسطت فيها بكين.

ثم في أبريل/نيسان من العام نفسه، استأنفت المملكة العلاقات مع رئيس النظام السوري، بشار الأسد، ثم ها هي تستضيف مؤتمر الأعمال الصيني (11 و12 يونيو).

وأشار “المونيتور” إلى أن “الولايات المتحدة تفرض مجموعة متنوعة من العقوبات على فنزويلا، تتعلق بالفساد وتهريب المخدرات وانتهاكات حقوق الإنسان، والدعم الفنزويلي المزعوم لحزب الله اللبناني”.

ويتضمن ذلك بعض العقوبات على المعاملات المالية مع الحكومة الفنزويلية، كما أن هناك أيضا عقوبات على شركة النفط الوطنية الفنزويلية (بتروليوس دي فنزويلا)، وفقا لتقرير خدمة أبحاث الكونغرس الأميركي، الصادر في نوفمبر/تشرين الثاني 2022.

وأورد التقرير أن “إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، خففت بعض العقوبات المتعلقة بالنفط عام 2022، من أجل تشجيع حكومة مادورو على مواصلة التفاوض مع المعارضة”.

ووقع مادورو حينها مع المعارضة اتفاقا يتمحور حول التعليم والصحة والأمن الغذائي والاستجابة للفيضانات وبرامج للكهرباء، كما اتفقا على مواصلة المحادثات حول الانتخابات الرئاسية المقررة في 2024.

وفور إعلان توقيع الاتفاق، أجازت وزارة الخزانة الأميركية لمجموعة شيفرون النفطية بأن تستأنف جزئيا أنشطة التنقيب في فنزويلا التي تختزن أكبر احتياطات نفطية في العالم.

كما دخلت صناعة النفط الفنزويلية في حالة من الفوضى خلال السنوات الأخيرة، وسط الأزمة السياسية والاقتصادية في البلاد.

وحسب الموقع، ففيما يتعلق بالعلاقات الدبلوماسية بين السعودية وفنزويلا، تحتفظ الدولتان بسفارة لكل منهما، لكن لا تجمعهما علاقات تجارية واسعة.

ففي عام 2021، بلغت صادرات السعودية إلى فنزويلا 1.91 مليون دولار فقط، بينما صدرت كاراكاس 508 آلاف دولار فقط إلى المملكة، وفقا لمرصد التعقيد الاقتصادي، الذي يتخذ من الولايات المتحدة مقرا له.