اعتبرت وكالة “بلومبرج”، الأربعاء، أن الاندماج بين البنوك الكبيرة في السعودية يؤشر إلى معاناة اقتصاد المملكة من مشاكل ذات تأثير قوي على خطة التحول الكبيرة التي يعمل عليها ولي العهد الأمير “محمد بن سلمان”، والمعروفة برؤية “السعودية 2030″، خاصة أن الصناعة المالية تعتبر مفتاحا أساسيا لهذه الخطة، التي تستهدف تقليل اعتماد اقتصاد المملكة الأحادي على مورد النفط.
وسلط تقرير للوكالة الأمريكية الضوء على اندماج البنك الأهلي التجاري ومجموعة سامبا المالية، ليكونا ثالث أكبر بنك في دول الخليج، من المتوقع أن يستحوذ على 30% من الودائع المحلية بما يعادل 553 مليار ريال ليحتل بذلك المرتبة الأولى بين بنوك المملكة.
ولفت التقرير إلى أن آخر مرة شهدت فيها السعودية اندماجا بين أكبر مصرفين فيها كانت أسعار النفط تتعافى من تراجع كبير وكانت المملكة وسط ركود عميق وتجاوز فيها العجز بالميزانية حجم الاقتصاد، وكان هذا في عام 1999 حيث انضمت مجموعة سامبا المالية إلى بنك أمريكي لخلق أكبر مصرف في البلد.
وبعد عقدين أصبحت سامبا مرة ثانية في مركز الدمج في عام كان يقصد منه أن يظهر التحولات في المملكة وأصبح من أكثر الأعوام اختبارا لقدرة المملكة في التاريخ الحديث، فقد شل انهيار أسعار النفط وآثار فيروس كورونا موارد الدولة، ولا تزال الأعمال مغلقة في الكثير من الأماكن حيث تحاول الحكومة السيطرة على الوباء.
ويرى “راشنا أوبال” المحلل في شؤون الخليج بشركة البحث “كاسيلري أسوسيتس”، أن القطاع المصرفي السعودي سيتعرض لضغط كبير من أجل دعم احتياجات الإقراض السيادية وشبه السيادية، خاصة أن الإقراض المصرفي العالمي سيقع تحت ضغوط، مشيرا إلى أن “نجاح عملية استراتيجية التنويع ومستقبلها يعتمد على قطاع خاص حي، ويحتاج إلى استثمارات كبيرة وليس قليلة”.
وبدأت النقاشات حول صفقة الدمج في مارس/آذار، حسبما نقلت “بلومبرج” عن مدير سامبا “عمار الخضيري”، وهو الوقت الذي بدأت فيه أسعار النفط بالانهيار وزاد أثر أزمة كورونا على المستوى العالمي.
ولذا فإن صفقة اندماج سامبا والبنك الأهلي من شأنها أن تعطي هيئة الاستثمارات العامة السعودية يدا قوية للمساعدة في تمويل مشاريع جديدة بمئات المليارات من الدولارات، وهي الهيئة التي يترأسها “بن سلمان” شخصيا.
وكان صندوق النقد الدولي قد حذر، في فبراير/شباط الماضي من أن غياب إصلاح كبير للثروة المالية السعودية يعني انخفاض نسبة الناتج المحلي العام إلى صفر بحلول عام 2036.
ومنذ ذلك الوقت، أعلنت حكومة المملكة أنها ستقترض 100 مليار دولار في عام 2020 أكثر مما خططت وزادت سقف الدين العام إلى 50% من 30%، وضاعفت ضريبة المستهلك وزادت التعرفة على قائمة من 53 من المنتجات وخفضت النفقات على مشاريع البنى التحتية والعلاوات التي تدفع لموظفي الدولة.
وبحسب المحلل في وكالة موديز للتصنيف الائتماني “أشرف مدني” فإن إجراءات التقشف ستضيف ضغطا على النظام المصرفي السعودي، ما سيؤثر سلبا على الربحية وجودة الأصول خلال 12-18 شهرا.