أكدت شبكة “بلومبيرغ” الأمريكية أن مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي داخل قنصلية بلاده في إسطنبول التركية، وما تبعه من حالة سخط سياسي دولي، دفع بالمستثمرين السعوديين إلى نقل أموالهم خارج المملكة، وإيقاف الاستثمار داخلياً.
وقالت “بلومبيرغ” في تقرير لها، اليوم الثلاثاء، إن “المستثمرين السعوديين فقدوا على ما يبدو إيمانهم من بقاء بن سلمان لفترة طويلة قبل مقتل خاشقجي، وتحديداً خلال فترة حملة الاعتقالات ضد العائلة المالكة والأثرياء في إطار ما عرفت بحملة مكافحة الفساد في نوفمبر من العام الماضي”.
وتوصلت الشبكة الأمريكية، بعد مقابلات مع 10 مختصين، إلى أن المستثمرين السعوديين قاموا بنقل أموالهم للخارج، ومن لم ينجح بذلك، قام بوقف تعاملاته النقدية بدلاً من ضخ المزيد من الأموال، وهو ما يعنى تدهور اقتصاد المملكة.
ورأت “بلومبيرغ” أن بن سلمان قد نجا من عملية مقتل خاشقجي، ولكن النخبة المحلية السعودية فقدت الثقة به بشكل قد يؤدي إلى تدمير إصلاحاته، التي كانت تقوم بالأساس على بناء قطاع خاص قادر على المساهمة في تعزيز إيرادات الدولة بعيداً عن النفط.
وبينت أن التدهور الأسوأ في الاقتصاد السعودي، هو رفض المستثمرين الأجانب إلى الدخول في المشاريع التي أطلقها بن سلمان، ووصول التوتر بين الرأسماليين المحليين والأجانب إلى مستويات غير مسبوقة.
حرية منقوصة
هاني صبرا، مؤسس شركة “الاف” الاستشارية في نيويورك، كشف أن “اعتقالات الريتز كارلتون، كانت تطوراً مفصلياً، على الصعيد الاقتصادي والسياسي، وهي بلورة عملية بينت التوجهات في المرحلة المقبلة”.
وخاطبت شبكة “بلومبيرغ” البنك المركزي السعودي للحصول على رد حول ما توصلت إليه حول خروج المستثمرين ونقل أموالهم، وكان الرد أن السعودية تضع قيوداً على نقل الأموال إلى الخارج.
وأوضحت الشبكة أن الحرية التي حصل عليها الأثرياء السعوديين بعد الإفراج عنهم من قبل بن سلمان منقوصة، كون لا يسمح لهم بمغادرة المملكة، كما حصل مع الملياردير الوليد بن طلال الذي تنال عن جزء كبير من ثروته مقابل خروجه من السجن.
وبينت أن عملية “الريتز كارلتون”، دفعت بعض السعوديين إلى إحصاء أموالهم والتعامل مع شركات خفية ليس لها علاقة بالسلطات، إضافة إلى سعي آخرين إلى تهريب أموالهم إلى سويسرا وأماكن آمنة، والاستثمار في الصناديق العقارية والأسهم الخاصة.
وقال رجل أعمال سعودي لـ”بلومبيرغ”: “سيكون من الغباء عدم وضع خطط طوارئء”.
ونقلت الشبكة الأمريكية عن أحد الأشخاص المشاركين في تنظيم صفقات دولية للسعودية، أن العملاء باتوا يتهربون من عقد صفقات كبرى ولافتة للنظر.
وقال ستيفن هيرتوغ، المتخصص في الشؤون الخليجية بكلية لندن للاقتصاد: “إن المال كان يغادر السعودية حتى قبل اعتقالات الريتز، ويرجع سبب ذلك إلى تباطؤ الاقتصاد حيث فرضت السلطات قوانين تقشف رداً على انخفاض أسعار النفط”.
وبحسب تقديرات بنك “جي بي مورجان” فإن إجمالي التدفقات المالية خارج السعودية سيرتفع بنسبة 13% هذا العام، ليصل إلى 90 مليار دولار، أي حوالي 10% من الناتج المحلي، مقارنة بالعام 2017.