يرى كثير من النقاد أن شركة “ليف جولف” المملوكة للسعودية هي مخطط خادع يهدف لجعل الأمريكيين ينظرون إلى ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، على أنه جزء من لعبة جولف مبهجة بدلاً من كونه المستبد الذي يقف وراء قتل جمال خاشقجي بوحشية.
ويقتبس الكاتب مايكل شيفر في صحيفة “بوليتيكو”، ما قاله النائب الأمريكي تشيب روي، العام الماضي بأنه “يتم استخدام دولارات الحكومة الأجنبية لتعزيز العلامة التجارية لتلك الحكومة ومكانتها هنا في الولايات المتحدة”. بعبارة أخرى، إنها حالة كلاسيكية من “الغسيل الرياضي”، لتحسين مظهر نظام إشكالي من خلال ربطه بهواية سلمية وشعبية.
ولكن مع بدء “ليف جولف” موسمها في السنة الثانية، ومع دخول المعركة الملكية للعلاقات السياسية والقانونية والعلاقات العامة التي تشمل الدوري الناشئ أيضًا عامها الثاني تظهر حجة مضادة غير محتملة؛ وهي أنه من الصعب تسمية شيء ما بالرياضة إذا بدت كل دورة إخبارية تقريبًا حول “ليف” لتشويه سمعة المملكة.
ويضيف شيفر في مقاله الذي ترجمه “الخليج الجديد”، أن أحدث مجموعة من العناوين غير السعيدة جاءت في أواخر الشهر الماضي، عندما حكم قاضٍ فيدرالي بأن على صندوق الاستثمار العام السعودي الإجابة على الأسئلة وتقديم الأدلة كجزء من عملية الاكتشاف في معركة قانونية بين “ليف” وجولة الجولف المنافسة “بي جي إيه”، وقد ينتهي الحكم بسحب الستار عن كيفية صنع القرار التي يقف وراءها الأمير محمد بن سلمان.
ويشير المقال إلى أن قاضية الصلح سوزان فان كولين قالت: “من الواضح أن صندوق الاستثمارات العامة ليس مجرد مستثمر في ليف بل إنها القوة الدافعة وراء تأسيس ليف، وتمويلها والإشراف عليها وتشغيلها”.
ويرى شيفر أنه بمساعدة جيوش من جماعات الضغط في واشنطن ومحترفي الاتصالات والمحامين، تطورت قصة لعبة الجولف التي بدأت بالتعاقدات الرائعة لكبار المواهب الرياضية، إلى حقل ألغام من القضايا الساخنة، وغير الرياضية بشكل واضح، وبدلا من تحسين الصورة ظهرت الجوانب الإشكالية للصورة العامة للسعودية بمزيد من الاهتمام، وليس أقل.
وليست هذه هي النتيجة التي يبحث عنها ولي العهد السعودي بالضبط، إذا كان ينفق مليارات الدولارات لإعادة تشكيل مملكته.
وتم رفع قضية مكافحة الاحتكار الصيف الماضي من قبل 11 لاعب جولف اشتكوا من أن “بي جي إيه” المهيمن كان يحاول معاقبتهم على الجرأة في التعامل مع منافس أفضل رواتبًا، وبدأت وزارة العدل التحقيق في مزاعم مكافحة الاحتكار ضد “بي جي إيه” أيضًا.
وبحلول الخريف تناولت التقارير الإخبارية القصة على أنها قصة عن السيادة الوطنية والقوى الأجنبية، بغض النظر عمن سينتهي به الأمر بالفوز، فإنه لم يولد نوعًا من العناوين التي تعيد تعيين الصورة الوطنية.
والأسوأ من ذلك، من وجهة نظر السمعة، هو أن بعض الحجج التي قدمها فريق “ليف” في جهودهم غير الناجحة لمنع جر محافظ صندوق الاستثمارات العامة ياسر الرميان إلى القضية يمكن أن تؤدي قريبًا إلى إشعال خط آخر غير ممتع من انتقادات “دوري ليف للجولف”، ويمكن أن يخضع موظفوها في الولايات المتحدة لقانون تسجيل الوكيل الأجنبي.
ويستطرد شيف أنه تم السعي في المحكمة من قبل “ليف” لتجاوز الأمر بالقول إن صندوق الاستثمارات العامة كان جزءًا أساسيًا من الحكومة السعودية، وبالتالي فهو محمي بالحصانة السيادية، وبالرغم من أن القاضي لم يوافق على الحجة، لكنها من النوع الذي يمكن أن يثير آذان أي مدع اتحادي في قانون تسجيل الوكلاء الأجانب.
ووفقًا لماثيو ساندرسون، المحامي البارز في قانون تسجيل الوكلاء الأجانب في واشنطن، فإن القانون الذي يتطلب التسجيل لوكلاء الحكومات الأجنبية هو قانون صعب، مع استثناءات كبيرة للشركات التجارية العادية التي تكون مملوكة للحكومة.
وأشار ساندرسون إلى مفارقة خاصة في القضية، بحسب شيف، وهي عدم وجود سلطة استدعاء لذلك يعتمد محققوهم غالبًا على الأشياء التي يتم إدخالها في السجل العام من خلال بعض الوسائل الأخرى مثل، ملف المحكمة الذي يؤكد صراحة أن المالك يتمتع بحصانة سيادية.
وبالفعل، بعض العقود مع لاعبي الجولف التي تم اكتشافها كجزء من المناورة القانونية تحتوي على تفاصيل تتناسب مع المسار الذي قد يضر المالك وهو يعني في هذه الحالة النظام السعودي.
إن الأخبار التي تتضمن مزاعم بأن “ليف” حولت الرياضيين الأمريكيين سراً إلى “عملاء أجانب” لن تساعد القضية. ومع ذلك، فيما يتعلق بالتزامن أو الترابط مع حملات سابقة مثل متضرري 11 سبتمبر/ أيلول فإن صورة السعودية ستكون المتضرر الأول.
وفي الواقع، احتجت المنظمات التي تمثل عائلات الضحايا في بطولات “ليف” والآن تجادل “ليف” بأن هؤلاء المتظاهرين كانوا في الأساس دمى نيابة عن منظمة جولف قوية أخرى تحاول حماية احتكارها.
ويعتقد الكاتب أنه بالتأكيد يعرف أي شخص يتابع السلوكيات المظلمة في العلاقات العامة أنه يمكن نشر مجموعات شرعية من الضحايا، من قبل جميع أنواع اللاعبين السياسيين. وإذا كانت “ليف” مدعومة من قبل حكومة بوليفيا أو النرويج أو كوريا الجنوبية، فإن الذهاب إلى المحكمة بشأن هذا الادعاء سيكون خطوة منطقية تمامًا.
لكن صندوق الاستثمارات العامة ينتمي إلى البلد الذي كان موطناً لـ15 من أصل 19 خاطفًا. حتى لو ساعد الإيداع في نهاية المطاف في إثبات أن “ليف” ضحية للتنمر الاحتكاري، فإنه يضمن تغطية حول السعودية، ومرة أخرى يؤكد شيفر أنه قد لا تكون هذه نتيجة رائعة إذا كنت تبحث عن تعزيز صورة المملكة.
نظريا تبدو الإستراتيجية التي تجعلك المفضل لدى 42% من سكان يبلغ عددهم 350 مليون شخص خطوة جيدة. ولكن يصح هذا إذا كان الهدف هو كسب النوايا الحسنة للبلد بأكمله وليس إثارة المزيد من الشكوك من جانب العديد من الأمريكيين الذين لم يعجبهم بالفعل حب الرئيس السابق للمستبدين الأثرياء بالنفط وخلطه الأعمال الشخصية بالوطنية.
ومع ذلك، عندما تم إصدار جدول الموسم الثاني من “ليف”، اتضح أن عدد مرات التوقف في عقارات ترامب قد ارتفع بالفعل، ورفضت “ليف” التعليق وأنكرت عدة مرات أن يكون لهدف الدوري أي علاقة بسمعة المملكة العربية السعودية الدولية. كان الأمر دائمًا يتعلق باستثمار جيد. ولكن سواء كان الهدف هو الدعاية المباشرة، أو الأعمال التجارية بدم بارد، فإن المنافسة استحضرت انتقاد السعودية، وفق المقال.
وفي ذات السياق كشف تقرير لصحيفة “نيويورك تايمز” في ديسمبر/كانون الأول الماضي، أن شركة ماكينزي وشركاه، التي عملت على خطة رؤية 2030 لولي العهد لتنويع الاقتصاد السعودي، قد أجرت دراسة مطولة عن مخطط الجولف، وفي العام الماضي تم الضغط على الكونجرس بشأن مسائل من بينها “مقترحات دوري الجولف السعودي”، وفقًا لملفات الإفصاح عن جماعات الضغط.
بمجرد أن تصل القضية إلى الأجندة السياسية، من الصعب تخيل سيناريو عدم استحضار كل ما له علاقة بانتقاد السعودية من منتقدي “ليف”.